ترامب لن يسمح لنتنياهو بحرمانه من نوبل للسلام: هل يتزامن وقف النار مع مرور عامين على الحرب؟

دخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في سباق مع الزمن. يريد الانتهاء سريعاً من المفاوضات الفنية غير المباشرة، التي بدأت في منتجع شرم الشيخ المصري بين وفدي "حماس" وإسرائيل بوساطة مصرية وقطرية وبرعاية أميركية، لتنفيذ المرحلة الأولى من الخطة الأميركية التي تنص على إطلاق الحركة جميع الأسرى الإسرائيليين لديها في مقابل إطلاق إسرائيل 1950 أسيراً فلسطينياً، في غضون 72 ساعة من دخول وقف النار حيز التنفيذ.
الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للسلام سيتم في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري. ولذا يضغط ترامب على نتنياهو، كما لم يفعل من قبل، ويطلق التحذير تلو التحذير لـ"حماس" من مغبة عدم الالتزام بإطلاق الأسرى الإسرائيليين، بهدف التوصل إلى الإعلان عن وقف النار قبل إعلان اسم الفائز بجائزة السلام. وربما، يدور في ذهن ترامب أن يأتي الإعلان عن التوصل إلى اتفاق اليوم في مناسبة مرور عامين على الحرب.
ويتجنب نتنياهو، الذي جرّت سياساته إسرائيل إلى عزلة عالمية غير مسبوقة، بحسب ما اعترف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في مقابلة تلفزيونية الأحد، إثارة غضب ترامب في هذه المرحلة. وعليه، يسعى إلى تسويق موافقته على الخطة الأميركية على أنها تحقق كل أهداف الحرب وتنقل إسرائيل "من نصر إلى نصر".
لكن ملامح الضعف لا يمكن إخفاؤها كثيراً عندما وجد نتنياهو نفسه مضطراً إلى الحد من العمليات العسكرية في غزة بناءً على طلب ترامب، وكذلك الحال بالنسبة إلى إرسال الوفد المفاوض برئاسة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر إلى شرم الشيخ، بينما كان الرئيس الأميركي ينشر خريطة لخط الانسحاب الأولي للجيش الإسرائيلي من غزة بعد دخول وقف النار حيز التنفيذ وإنجاز عملية التبادل. وعلى ما لاحظ ناحوم برنياع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية الأحد: "فإنه للمرة الأولى ستتفاوض إسرائيل مع حماس من دون رافعة إطلاق النار. الرافعة الوحيدة المتبقية هي ترامب".
يتحدث ترامب بنبرة اللوم عندما يقول لـ"القناة 12" في التلفزيون الإسرائيلي الأحد، إن نتنياهو "تجاوز حدود المعقول في غزة وخسرت إسرائيل الكثير من الدعم في العالم. الآن، سأعيد كل ذلك". وضاقت كثيراً هوامش المناورة أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي، مع إظهار استطلاعات الرأي أن المستوى العسكري و72 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون الخطة الأميركية.
الأمر الوحيد الذي كان يعول عليه نتنياهو، هو أن ترفض "حماس" خطة ترامب، فيمنح البيت الأبيض إسرائيل شيكاً على بياض لاستكمال الحرب واحتلال قطاع غزة وتهجير مليوني فلسطيني واستئناف الاستيطان فيه، للوصول إلى "النصر المطلق". حتى أنه لم ينجح في زرع الشك لدى ترامب بالنسبة إلى جواب "حماس" الذي تضمن الموافقة على الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، وإجراء مفاوضات في شأن المراحل اللاحقة من الخطة الأميركية.
اليوم، يقول ترامب لنتنياهو: "لقد منحتك النصر، فخذه"، وذلك من طريق القبول بالخطة الأميركية وتنفيذها، وليس من طريق مواصلة الحرب. ولولا الحماية الديبلوماسية، ناهيك عن الدعم العسكري، التي وفرتها واشنطن لتل أبيب في العامين الماضيين، لكانت صورة إسرائيل أسوأ بكثير في العالم. وعلى سبيل المثال، استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو ست مرات لإسقاط مشاريع قرارات تدعو إلى وقف فوري للنار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وتنقل صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن ميتشل باراك، خبير استطلاعات الرأي الذي عمل مع نتنياهو في التسعينيات، أن الأخير "أدرك أن رصيده لدى ترامب قد نفد... وتتعرض حياته السياسية بكاملها لسقوط حر في الأيام الأخيرة... لقد وافق على كل شيء".