جواب "حماس" يفتح الطريق أمام الخطة الأميركية: ترحيب ترامب منع نتنياهو من اللجوء إلى المناورة

بعدما خالفت "حماس" الكثير من التوقعات بأنها سترفض الخطة الأميركية بالكامل، وبعد الإيجابية التي أبداها الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيال إعلان الحركة استعدادها للإفراج الفوري عما تبقى لديها من أسرى إسرائيليين من الأحياء والأموات بموجب الخطة الأميركية، تكون المرحلة الأولى من الخطة قد وضعت على المسار الصحيح.
ترامب، الذي اعتبر أن رد "حماس" ينُمّ عن اهتمام الحركة "بالتوصل إلى سلام دائم"، سارع في فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي إلى شكر كل من ساهم في التوصل إلى هذه النتيجة. اللافت أن ترامب لم يأتِ هنا على ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وتأكيداً على الاهتمام الشخصي بالتوصل إلى وقف الحرب، أوفد ترامب فوراً مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر، الذي يعتبر من المساهمين الرئيسيين في صوغ بنود الخطة الأميركية إلى القاهرة، لإجراء مفاوضات تتعلق بتفاصيل عملية الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، ونشر خريطة تظهر بالأصفر خط الانسحاب الأولي للجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة، بما يبعد عن الحدود مع إسرائيل بمسافة تراوح بين 1,5 كيلومتر و3,5 كيلومترات. وإذا وافقت "حماس" على خط الانسحاب، يبدأ وقف النار وعملية التبادل للأسرى الإسرائيليين والفلسطينيين.
هذه الدينامية المرافقة للخطة، أشاعت أجواء من التفاؤل بامكان التوصل إلى وقف دائم للنار، علماً أن القصف الإسرائيلي لم يتوقف على رغم مطالبة ترامب بذلك. وبدت عدم استجابة نتنياهو الفورية للطلب الأميركي، كأنها إشارة إلى أنه لن يرفع الضغط العسكري عن "حماس"، حتى تنجز تفاصيل عملية التبادل، التي يشارك فيها وفد إسرائيلي في القاهرة.
منذ عودته من الولايات المتحدة ولقاء ترامب الاثنين الماضي، حرص نتنياهو على التأكيد أن الخطة تحقق أهداف الحرب الإسرائيلية، لأنها تتضمن إطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين فوراً، ونزع سلاح "حماس" واستبعادها من لعب أي دور سياسي في القطاع، ولا تتعهد مباشرة قيام دولة فلسطينية، وتركت ذلك مشروطاً بسلسلة من الطلبات التعجيزية التي يتعين على السلطة الفلسطينية تلبيتها.
لكن الشركاء المتطرفين في الإئتلاف الحكومي، سيسألون نتنياهو عن تجاهله مطالبهم بالمضي في الحرب حتى تهجير سكان القطاع واستئناف الاستيطان فيه. ولذلك تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي عرض الخطة الأميركية على المجلس الوزاري المصغر، حتى لا يصطدم بالوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين أبديا معارضتهما القوية للخطة.
وربما، كان نتنياهو من أشد المراهنين على أن "حماس" لن تقبل الخطة الأميركية أو أنه سيعمد إلى اعتبار ما تضمنه رد الحركة من مطالبة بالتفاوض على البنود الأخرى من الخطة بعد إطلاق الأسرى الإسرائيليين، بمثابة رفض كامل لها، وتالياً سيتخذ من ذلك ذريعة لمواصلة الحرب.
هنا، فوجئ نتنياهو بترحيب ترامب برد "حماس"، متجاهلاً حتى رأي السناتور الجمهوري القريب منه ليندسي غراهام الذي اعتبر أن جواب "حماس" يعني "رفضاً للخطة الأميركية".
وبما أن ترامب يترأس "مجلس السلام" الذي سيشرف على تنفيذ الخطة، فإنه يعتبر نفسه معنياً على الأقل بوقف دائم للنار. تحقيق مثل هذه الخطوة سيقرب الرئيس الأميركي من جائزة نوبل للسلام.
ليس هذا فحسب. بل هناك عامل آخر، يتعين أخذه في الاعتبار لاحظته مجلة "بوليتيكو" الأميركية، وهو أن تكون الشركات التي يملكها ترامب وعائلته في مقدم الشركات العالمية التي ستلعب دوراً في إنشاء "المنطقة الاقتصادية الخاصة"، التي هي أحد بنود الخطة الأميركية. وإطلالة صهر الرئيس على المشهد من القاهرة، تعطي صدقية كبيرة لهذا العامل.