كتاب النهار
26-09-2025 | 03:53
تأخر العالم كثيراً ليعترف بجريمته!
أحرجت إسرائيل العالم الذي صمت طويلاً وغرس رأسه في الرمال، بعدما وقف بكل قواه إلى جانبها بعد "طوفان الأقصى". لقد استنزفته وابتزته واستغلته قبل أن ينتبه إلى أن هذه الحرب هي محرقة فعلية ًوأن هناك شعباً بكامله يذبح ويحرق ويمزّق يومياً، مجوعاً وخائفاً وعطشان.
جثة طفل فلسطيني تحت الركام بعد قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات في غزة (أ ف ب)
تأخر العالم كثيراً ليعترف بما اقترفه من جريمة بحق الشعب الفلسطيني، وبأن إسرائيل هي دولة إرهاب وإجرام. لم يقل ذلك مباشرة لكن ضمناً في إعلان نيويورك في تموز/يوليو ثم في مؤتمر حل الدولتين الذي نظمته فرنسا والسعودية مطلع هذا الأسبوع على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة. والحدث الأكثر رمزية هو إعلان فرنسا وبريطانيا اعترافهما بالدولة الفلسطينية، وهما الدولتان المسؤولتان تاريخياً عن تمزيق منطقة الشرق الأدنى والتمهيد لإقامة إسرائيل، لا سيما بريطانيا صاحبة وعد بلفور الشهير للحركة الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين ثم تسليمها فلسطين لهم.
لا يعني الاعتراف بالدولة الفلسطينية قيام هذه الدولة، لكنه يشكل خطوة معنوية متقدمة في مسار طويل تبدو بدايته مسدودة بجدار سميك من التصلب الإسرائيلي الرافض كلياً لأي حل ولوجود مشكلة شعب فلسطيني بالأساس. ويعكس هذا التطور البارز تغييراً كبيراً في نظرة العالم إلى أزمة الشرق الأوسط وإلى أطرافها، خصوصاً إسرائيل والفلسطينيين.
ما عادت الحرب على غزة حرباً على "حماس" ولا رداً على عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، صارت تلك العملية من التاريخ بعد المجازر الإسرائيلية الوحشية وتخطي آلة الحرب كل الخطوط الحمر وصولاً الى ارتكاب جرائم إبادة ضد الإنسانية. أحرجت إسرائيل العالم الذي صمت طويلاً وغرس رأسه في الرمال، بعدما وقف بكل قواه إلى جانبها بعد "طوفان الأقصى". لقد استنزفته وابتزته واستغلته قبل أن ينتبه إلى أن هذه الحرب هي محرقة فعلية ًوأن هناك شعباً بكامله يذبح ويحرق ويمزّق يومياً، مجوعاً وخائفاً وعطشان.
ربما لا يعلق الفلسطينيون آمالاً كبيرة على خطوتي نيويورك، هم يعرفون تماماً أن لا قرار دولياً استطاع إلزام إسرائيل بشيء، حتى أنهم لم يهتموا كثيراً، وتوجهوا الى دول العالم بطلب: أوقفوا تزويد إسرائيل بالسلاح.
لن يوقف الاعتراف الدولي بفلسطين الحرب الوحشية على غزة طالما مازال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحظى بدعم كامل من صديقه الحميم دونالد ترامب الذي رأى في الاعتراف بفلسطين دعماً لـ"حماس" متجاهلاً كلياً المذبحة. تبقى الخطوة رمزية لكنها فعالة على المدى الطويل إذا احسن استثمارها فلسطينياً وعربياً. تشير استطلاعات الرأي في اميركا وأوروبا الى تغير كبير في المزاج العام تجاه إسرائيل التي لم تعد "الدولة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة المهددة بالزوال". الصورة اليوم مختلفة ونتنياهو ورهطه من العنصريين ليسوا الا مجرمين يقتلون الاطفال. الصور الحية لا تكذب والتصريحات التي تبث الكراهية كذلك، الصورة التقليدية، وهي مزيفة، بدأت تتهشم. "الضحية" المزعومة هي القاتل بلا حياء ولا شفقة.
نقطة مهمة جداً في هذا التحول تحسب للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قاد تحركاً دولياً من اجل عقد مؤتمر نيويورك، وهو المتحرر من ضغوط اللوبيات الصهيونية في فرنسا التي يشار إلى دعمها له في حملتيه الرئاسيتين. وفي خلفية الدور الفرنسي لا تغيب السعودية التي يقيم ماكرون علاقات قوية جداً مع ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان.
لم يعد تحميل "حماس" مسؤولية إشعال الحرب هو الشماعة التي تلقى عليها كل الأحمال، الحرب الإسرائيلية تجاوزت "حماس" وهجومها "البدائي" بكثير. لا يبدو منطقياً ادعاء أنها فوجئت بـ"الطوفان" هي التي تملك أهم جهاز استخبارات في العالم ولها عملاء في كل التنظيمات الفلسطينية وفي "حزب الله" وفي القيادة الإيرانية، وما زال عملاؤها داخل غزة يعملون حتى الآن. قرار الحرب الإسرائيلية على غزة وعلى إيران ومحورها متخذ منذ عشرين عاماً وكان ينتظر ايجاد الذريعة. هذه حرب أعد لها بدقة وتخطيط وإمكانات عسكرية وأمنية فائقة التطور والفاعلية. هذا سيناريو أعدته إسرائيل بكل تفاصيله ونتائجه، وعليها أن تتحمل تداعياته.
لن يستطيع العالم بعد اليوم إغماض عيونه كلياً ودفن رؤوسه في الرمال إلى الأبد. فرائحة الموت في غزة أقوى من ترهات ترامب وألاعيبه ومن عنجهية نتنياهو وإجرامه.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
شمال إفريقيا
11/22/2025 12:24:00 PM
حرّر محضر بالواقعة وتولّت النيابة العامة التحقيق.
اقتصاد وأعمال
11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
سياسة
11/20/2025 6:12:00 PM
الجيش اللبناني يوقف نوح زعيتر أحد أخطر تجّار المخدرات في لبنان
سياسة
11/22/2025 12:00:00 AM
نوّه عون بالدور المميّز الذي يقوم به الجيش المنتشر في الجنوب عموماً وفي قطاع جنوب الليطاني خصوصاً، محيّياً ذكرى العسكريين الشهداء الذين سقطوا منذ بدء تنفيذ الخطّة الأمنية والذين بلغ عددهم 12 شهيداً.
نبض