كتاب النهار 23-09-2025 | 06:05

الاعترافات بفلسطين وحدها لن تردع نتنياهو: كيف ستردّ أوروبا على الضمّ المتوقع للضفّة؟

تنظر واشنطن وتل أبيب إلى الاعترافات الجديدة بفلسطين على أنها خطوات رمزية، لا تنطوي على تأثيرات قويّة على الأرض.
الاعترافات بفلسطين وحدها لن تردع نتنياهو: كيف ستردّ أوروبا على الضمّ المتوقع للضفّة؟
مراسم رفع العلم الفلسطيني أمام مبنى البعثة الفلسطينية لدى المملكة المتحدة. (أ ف ب)
Smaller Bigger

ما من شك في أن الاعترافات الأوروبية والغربية الجديدة بدولة فلسطين، والقمة العالمية لحل الدولتين على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، برعاية فرنسية-سعودية، هما إحدى أدوات الضغط على إسرائيل، لوقف حربها على غزة وفتح أفق سياسي أمام الفلسطينيين.
وبعد، ما الذي سيلي الاعترافات؟ رئيس الوزراء الإسرائيلي يهدّد بالرد بعد عودته من نيويورك، وقال مقدَّماً بحسم: "لن تكون هناك دولة فلسطينية... ولن نقبل بفرض دولة إرهابية علينا". وبات من شبه المؤكد أنه سيتخذ قراراً بضمّ التجمّعات الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، إن لم يكن كامل الضفة باستثناء 12 في المئة لن تكون مترابطة جغرافياً.
ووزير المال الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، يتكفل عبر حظر تحويل عائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل من الفلسطينيين في المنطقة المصنفة "ج" بالضفة بموجب اتفاقات أوسلو، بتدمير ما بقي من هياكل السلطة الفلسطينية في رام الله وبـ"دفن" فكرة حل الدولتين، وفق تعبيره.

 

تظاهرة في روما تطالب بوقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل. (أ ف ب)
تظاهرة في روما تطالب بوقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل. (أ ف ب)

 

وليس متوقعاً أن يقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب في طريق نتنياهو، وهو الذي أكد معارضته لقرارات الاعتراف بفلسطين، بينما رأت إدارته أن ما يجري ليس سوى "استعراض يفتقر إلى العمل الجدّي". وذهب الأعضاء الجمهوريون في مجلس النواب الأميركي إلى حدّ توجيه رسالة إلى رؤساء الوزراء البريطاني والكندي والأسترالي، تضمّنت تهديداً بفرض عقوبات على دولهم بسبب اعترافها بفلسطين.
إذن، كيف من الممكن أن ترد الدول التي اعترفت بفلسطين، والمعنيّ هنا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، على الضم المتوقع للمستوطنات أو للضفة الغربية برمّتها وعلى الحرب المتواصلة على قطاع غزة؟
لا يمكن هذه الدول أن تتصرّف وكأنها فعلت ما عليها بقرار الاعتراف بفلسطين وانتهى الأمر، وبأن ذلك يرفع عنها المسؤولية السياسية والأخلاقية إزاء الشعب الفلسطيني. والخيار الآخر سيعني تعميق الخلافات مع إسرائيل في حال الانتقال إلى مرحلة فرض العقوبات.
خطوات كهذه من شأنها أيضاً توسيع الفجوة مع الولايات المتحدة، في وقت تعاني فيه العلاقات بين ضفتي الأطلسي أساساً بسبب التعارض في الرؤى حيال أوكرانيا. وإذا ما حصل توافق داخل الاتحاد الأوروبي على تعليق اتفاق التجارة الحرة مع إسرائيل أو حتى وقف العمل ببعض بنوده، مراعاةً لدول مثل ألمانيا والمجر وإيطاليا التي تتحفظ عن تبنّي الاتحاد قرارات جذرية، فإن ذلك سيؤثر على موازنة إسرائيل، ويُعدّ سابقة في تاريخ العلاقات الأوروبية-الإسرائيلية.
ها هنا، لن يقف ترامب ساكتاً، وسيعمل على زيادة الضغط على الاتحاد الأوروبي، وقد يلجأ إلى استخدام هراوة الرسوم الجمركية، للحؤول دون إلحاق ضرر اقتصادي بإسرائيل.
وعلى الصعيد العربي، من شأن ضمّ الضفة الغربية أن يقضي على آمال واشنطن بتوسيع اتفاقات أبراهام، وبقيام تحالف إقليمي ضد إيران. وأصلاً، أميركا في حاجة إلى ترميم علاقاتها مع الدول العربية التي تضررت بفعل الغارة الإسرائيلية على الدوحة في 9 أيلول/ سبتمبر الجاري. وتوقيع السعودية على اتفاق الدفاع المشترك مع باكستان يبعث برسالة قوية في هذا الشأن.
إلى الآن، تنظر واشنطن وتل أبيب إلى الاعترافات الجديدة بفلسطين على أنها خطوات رمزية، لا تنطوي على تأثيرات قوية على الأرض، ولن تحول دون استكمال نتنياهو احتلال قطاع غزة وضمّ الضفة الغربية، بما يحول عملياً دون قيام الدولة الفلسطينية.

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
اقتصاد وأعمال 9/29/2025 10:48:00 AM
في عام 1980، وصل الذهب إلى ذروته عند 850 دولارًا للأونصة، وسط تضخم جامح وأزمات جيوسياسية. وعند تعديل هذا السعر لمستويات اليوم، يعادل حوالي 3,670 دولارًا.
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟ 
النهار تتحقق 9/30/2025 9:34:00 AM
العماد رودولف هيكل ووفيق صفا جالسين معاً. صورة قيد التداول، وتبيّن "النّهار" حقيقتها.