ترامب أرسل روبيو لمباركة ضمّ الضفة... ولا كلام عن تسوية قبل احتلال مدينة غزة

انشغل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، خلال زيارته لإسرائيل، بالتجوال على الحفريات الإسرائيلية المشبعة بخلفيات توراتية في القدس الشرقية وتحت حائط المبكى، أكثر من انشغاله بالبحث عن تسوية توقف الهجوم الإسرائيلي على مدينة غزة وإرغام مليون فلسطيني على النزوح منها جنوباً، حيث تستحيل الحياة أيضاً.
جاء روبيو إلى إسرائيل ليؤكد طي صفحة سوء التفاهم الذي نجم عن الضربة الإسرائيلية للدوحة في 9 أيلول/سبتمبر الجاري، وليقيم توازناً بين الانتقادات التي تعرضت لها الدولة العبرية بسبب الضربة والدعم الأميركي القوي. وفي الوقت عينه، يسعى روبيو للوقوف على خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لما بعد احتلال مدينة غزة وهدمها. ويبدو أن نتنياهو لم يعد يخفي أن حكومته ستبدأ تشجيع النازحين الفلسطينيين على "الهجرة الطوعية" من القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، بينما يريد من الولايات المتحدة أن تسعى لدى دول معيّنة لاستقبالهم.
ويتعزز هذا الاتجاه، مع انعدام أي مؤشر على اعتزام واشنطن استئناف جهود وقف النار قبل انجاز عملية احتلال مدينة غزة، التي يريد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تنتهي بسرعة وقبل نهاية العام، وأن لا تمتد إلى العام المقبل الذي سيشهد انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة.
وجلّ تركيز ترامب يتمحور في الوقت الراهن على السعي إلى ترميم الثقة التي تضررت مع قطر ودول الخليج عموماً من جراء العملية الإسرائيلية، والعمل أيضاً على إقناع نتنياهو "بتوخي الحذر" إزاء هجمات مماثلة في المستقبل.
وفي موازاة تكثيف الجيش الإسرائيلي عملياته في مدينة غزة، برز ما يعد ضوءاً أخضر أميركياً لضم إسرائيل المستوطنات في الضفة الغربية مع غور الأردن، عندما اعتبر روبيو أن خطوة كهذه "ستكون بمثابة رد فعل" على الضغوط الدولية التي تتعرض لها إسرائيل، على شكل اعترافات مزمعة بدولة فلسطين على هامش أعمال الدورة العادية للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل.
كذلك، فإنّ جولة روبيو على "مدينة داود"، المستوطنة التي أنشأتها جمعية "إلعاد" الاستيطانية، في حي سلوان الفلسطيني في القدس الشرقية، لم تكن خطوة بلا دلالات، على مسافة أسبوع من اعتراف دول أوروبية وغربية أخرى بدولة فلسطين، على هامش أعمال الدورة العادية للأمم المتحدة في نيويورك.
وعلى خلفية رسالة الدعم التي حملها روبيو، تباهى نتنياهو، على الفور، بأن العلاقات الأميركية-الإسرائيلية "لم تكن في أي وقت مضى أقوى مما هي اليوم". وكأنه يريد إسماع فرنسا وبريطانيا وبلجيكا والبرتغال ومالطا وكندا وأستراليا أن اعترافاتهم بفلسطين ستدفع إسرائيل إلى قرارات تغير وجه الضفة الغربية جذرياً، بحيث يغدو قيام دولة فلسطينية أمراً مستحيلاً.
ولا تقف إدارة ترامب على الحياد في هذا المسألة. أميركا وإسرائيل و8 دول أخرى فقط، من بين 193 دولة في الجمعية العامة، عارضت مشروع قرار فرنسي-سعودي الأسبوع الماضي، يدعو إلى "تنفيذ سريع" لحل الدولتين. وسارع المندوب الإسرائيلي داني دانون إلى وصف الجمعية العامة بأنها "جمعية لا سامية ومنفصلة عن الواقع".
يراهن ترامب ونتنياهو على أن الاحتجاجات الدولية على حرب غزة والضم المحتمل للضفة لا بد أن تخبو بمرور الوقت وتفقد زخمها، ويعود العالم إلى التعايش مع الأمر الواقع الذي تفرضه إسرائيل.