في الـ"هابينيس" والـ"بوزيتيف ثينكينغ"!
 
                                    لست تعيساً. ولست بسعيدٍ تلك السعادة التي تتحدّث عنها امرأةٌ متفلسفةٌ تتسلق تضاريسي النفسية بحجة أنها "لايف كوتش"، تعهّدت أن تُفني نفسها كي تُعلمني كيف أُصيب السعادة في الحياة.
ما من مرّة تابعت "بوستاً" لإحداهن (أغلبية اللايف كوتشز نساء جلّهن نجمات في "تيك توك" يتنافسن في عدد الـ"فولوورز" والـ"مُليّكين") إلا أدركت فعلاً أن ما تُقنعني به من هوس بالتفاؤل يجعلني أشد بؤساً، وأن ما تبعيني من سعادة رأسمالية معلّبة في "كورسات" وورشات عمل مدفوعة سلفاً للمران على التفكير الإيجابي، لا يستحق تفكيراً ولا إيجابية.
يردني هذا كله إلى كتاب مركون قرب سريري منذ عقد، وأحسب أن أوليفر بوركمان كتبه لي: "الترياق: السعادة لمن لا يطيق التفكير الإيجابي" (The Antidote: Happiness for People Who Can't Stand Positive Thinking).
أنا هو الذي لا يطيق التفكير الإيجابي بالشكل الذي تحاول الـ "لايف كوتش" المحتالة فرضه على ما بقي حياً من خلايا دماغي، وكما تحاول غيرها من نجوم الكلام – والعرب على مبدأ أكذب الكلام أعذبه – تسويق السعادة والإسعاد بأنهما وجهان لمهارة يُتقنها البشري إن اتبع هدى خبراء التنمية الذاتية، مثل: "أرسل أمنياتك الإيجابية إلى الـ’يونيفرس‘، وهو كفيل بتحقيقها". وهذا شاع مع كتاب "السر" (The Secret) الذي ظن عرب كثيرون أنه الطريق والحق والحياة.
أقف هنا في صفّ العزيز بوركمان، الذي سنّ قانون "الجهد المعكوس": "من جدّ في طلب السعد ما وجده، ولا حظي به يوماً". 
الصدق أن معاناتي لا تنتج من خوفي من شيء ما، بل من رغبتي في كسر خوفي هذا. يعني، كذب العرب في قولهم "من جدّ وجد"، كما كذبوا في قولهم "إن غداً لناظره قريب"، فيما يقول الإنكليزي "An Attended Egg Never Boils".
بينهما، لا السعادة "المسلوقة" تلائمني، ولا أكذوبات الإرشاد الاجتماعي.
 
     
                                                                             
                                                                             
                                                                             
                                                                             
                                                                             
                                                                             نبض
                                                                        نبض
                                                                     
                                                 
                                                 
                                                 
                                                 
                                                 
                                                 
                                                 
                                                 
                                                