الاستعادة الخطيرة لشوارع 8 و14 آذار
لم يكن التحرّك الاحتجاجي في الشارع الذي كانت دعت إليه حركة "أمل" و"حزب الله" بعد ظهر الأربعاء المقبل قبل أن يُلغى قراراً مدروساً أو حكيماً على الأقل من زاويتين: الأولى أن الشارع قد يستدرج شارعاً مقابلاً، ويمكن لأيّ مراقب أن يستشفّ ذاك ممّا أعلنه مفتي بعلبك والهرمل بكر الرفاعي الذي قال من السرايا الحكومية إن "النزول للشارع سلاح ذو حدّين لا ندري كيف يمكن أن يؤثر علينا".
ولم يطو النسيان بعد تظاهرة 8 آذار 2005 التي نظمها الحزب في ساحة رياض الصلح كذلك، وهو المكان الذي دعا إلى الاحتجاج فيه بعد يومين، تحت عنوان شكراً سوريا تحت وطأة تداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فيما استفزّت تلك التظاهرة غالبية القوى والطوائف اللبنانية فردّت عليها بتظاهرة هي الأضخم في تاريخ لبنان في 14 آذار 2005، وأبرزت الخلل الكبير في التوازن السياسي في البلد علماً بأن الحزب كان في أوج قوّته ومعه حلفاء كثر موالون لسوريا آنذاك.
الأمر الآخر الذي على ارتباط دقيق بذلك إصرار المسؤولين الإيرانيين تكراراً والواحد تلو الآخر على مواكبة التحرّك الأميركي إزاء لبنان لجهة تنفيذ حصرية السلاح وكذلك جهود الدولة اللبنانية بتأكيد رفض ذلك والتنديد به. وكان آخر هؤلاء مسؤول التنسيق في "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، الذي وصف خطة نزع سلاح "حزب الله" بـ"الأميركية الصهيونية"، وقال إنّ "الشعب اللبناني وحزب الله لن يقبلا خطة نزع سلاح الحزب"، مؤكداً أنّ هذه الخطة "لن تنجح أبداً". ويتحدث المسؤولون الايرانيون عن الشعب اللبناني وباسمه ويختارونه بالحزب فحسب فيما التظاهرة الاحتجاجية كانت ستظهر أن الشعب اللبناني سيكون في مكان آخر، خصوصاً إذا استدرج الحزب الآخرين إلى استعراض قوة مماثل لما كان سيقوم به، فيما هذا الانكشاف بالذات قد يكون آخر ما يحتاج إليه الحزب من حيث إظهار غالبية الشعب اللبناني في مكان آخر أي ضدّ استمرار تمسّكه بسلاحه. والدعوة للتحرك على نحو استباقي للرد الذي سيحمله الموفد الأميركي توم براك من إسرائيل والذي يفترض المنطق انتظار مضمونه الذي قد يحمل إيجابيات ما للبنان أو العكس أيضاً، في الوقت الذي يسير فيه التصعيد الداخلي المرتبك والمستمر من الحزب في موازاة مواكبة من إيران التي تجهد لتظهير أن قرار نزع سلاح الحزب مرتبط بها هي وبقرارها لا بقرار الحزب في لبنان أو اعتباراته مهما تكن.
نبض