خطاب أورتاغوس وخطاب المسؤولين اللبنانيين!

على الرغم من الدعاية السياسية الخشبية التي اعتمدها المسؤولون اللبنانيون في بياناتهم أو تسريباتهم عن اللقاءات التي عقدتها نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط المكلفة ملف لبنان مورغان أورتاغوس، وعلى الرغم من أنها لم تتحدث إلى الصحافة كما حصل في المرة السابقة، فإن مقابلتها مع محطة "إل بي سي آي" كان كافية ووافية لكي تكشف مكامن الضعف التي اعترت الخطاب الرسمي اللبناني.
قضية نزع سلاح "حزب الله" كانت بندا أولَ في محادثات أورتاغوس، في حين أن الرسميين قفزوا عن هذا الموضوع، إما بإصدار بيانات مقتضبة لم تذكر المواضيع التي جرى البحث فيها، وإما عبر تناسي الأمر في بيانات مسهبة تناولت كل شيء ما عدا نزع السلاح الذي يعتبر أساس مشروع الدولة، وأساس الإنقاذ، وأساس الإصلاح.
وعندما نتحدث عن نزع السلاح نتحدث عن نزع السلاح الحربي الذي يمتلكه "حزب الله". ومن دون تحقيق هذا الشرط سيبقى لبنان متعثرا، ولن تقوم للدولة قيامة. أما الخطاب السياسي السطحي، والبروباغاندا التي يجري إغراق البلاد فيها عن الإصلاحات في كل القطاعات المالية والمصرفية والإدارية، فستبقى مجرد تنظير فكري ما لم يتم تأمين الحماية للإصلاحات أولا بالأمن، وثانيا بالقانون (أي القضاء). وستبقى هذه البروباغاندا والمشاريع أدوات في صراع بين رأسمال قديم ورأسمال جديد. فلا يتوهمنّ أحد أن المشاريع الإصلاحيّة التي يتحدث عنها البعض هي إصلاحات لوجه الله، وخدمة للشعب اللبناني، فالجميع معروفون للرأي العام اللبناني.
لكن ما يقلق المراقب، هو هذه المقاربة الخجولة، إن لم نقل أكثر، لموضوع نزع السلاح، في وقت بدأت فيه أذرع إيرانية في العراق تبدي استعدادها لتسليم سلاحها ووقف أعمالها العسكرية والأمنية والانخراط في الدولة.
طبعا لا تزال تنقص هذه الأخبار الواردة من العراق تأكيدات وتفاصيل. وسواء صحّت الأخبار أو تم نفيها لاحقا، فإن مشروع حل "الحشد الشعبي" في العراق وضع على الطاولة، لأن الخيار الآخر هو توجيه ضربات أميركية - إسرائيلية قاصمة إلى الفصائل المسلحة التي تعتبر أذرعا إيرانية بإمرة "فيلق القدس" الإيراني.
هذا ما يحصل في لبنان، حيث الخيار كما سبق أن قلنا مرارا هو بين نزع السلاح أو حرب جديدة في الأفق المنظور. والمسؤولون اللبنانيون يعرفون ذلك تماما، ومع ذلك يتهربون من تلك الحقيقة، والتصرف على أساسها. كما أنهم يتسابقون في طرح مشاريع من هنا وهناك، وبقدرة قادرة يتجنبون التركيز على سلاح المال (الشركات المالية الماليزية و"القرض الحسن") الذي في حوزة الحزب المذكور. بعض هؤلاء المسؤولين إما غافلون، وإما متواطئون في مكان ما. ومن هنا الحاجة إلى التنبّه لهذا الواقع السلبي.
وبحسب ما بلغنا، فإن مورغان أورتاغوس كانت واضحة وذكرت باسم إدارتها الجميع بالحقائق والمسؤوليات. ومع ذلك كان الخطاب الرسمي خشبيا وكلام أورتاغوس جديا وواضحا وضوح الشمس.