الأم المثالية لعام 2025

كتاب النهار 21-03-2025 | 12:40

الأم المثالية لعام 2025

لطالما آلمني كيف أن الأم في مجتمعاتنا العربية كرّست مكانتها كتلك المرأة التي تؤازر الابن الذكر بمبدأ الجاهلية الأولى، فتناصره ظالماً كان أو مظلوماً، وتسحق في سبيله النساء الأخريات...
الأم المثالية لعام 2025
وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (أ ف ب)
Smaller Bigger

في غضون 4 سنوات، لن تسعفني ذاكرة السمكة التي ابتليت بها لتذكّر اسم بيت هيغسيث، وزير الدفاع الأميركي الحالي، ولا مواقفه ولا قراراته ولا خطاباته. ولكني دائماً ما سأتذكر أمه، تلك المرأة التي لم أعرف شكلها حتى قبل الشروع في هذه المقالة، فهرعت إلى "غوغل" لإشباع فضولي حيالها.

ففي تشرين الثاني / نوفمبر من 2024، سرّبت صحيفة "ذا نيويورك تايمز" رسالة إلكترونية تلقاها بيت من والدته بينيلوبي في 2018 أثناء إجراءات طلاقه المرير من زوجته السابقة سامانثا، وبالتحديد بعدما حاول اتهام سامانثا بانعدام الاتزان، بحسب الرسالة.

"كأم وكامرأة"، استفتحت بينيلوبي، "أشعر بأن عليّ التعبير". وضعت بينيلوبي ابنها أمام ما وصفتها بـأنها "الحقيقة القبيحة"، وهي أنه "مُعنّف للنساء". وأكملت المرأة السبعينية بجرأة، "لا أكنّ الاحترام لأي رجل يقلل من النساء، ويكذب عليهن، ويخونهن، ويمارس الجنس بعشوائية، ويستخدم النساء لأجل سلطته وغروره. أنت ذلك الرجل، وقد مكثت كذلك منذ سنوات".

وعلى رغم تراجعها لاحقاً عن الرسالة -غالباً لعدم الإضرار بتقلد ابنها وزارة الدفاع- فلا تزال بينيلوبي مرشحتي الأولى لجائزة "الأم المثالية" عن 2025، وأتمنى استنساخها، والاحتفاء بها، والاقتداء بها.

لطالما آلمني كيف أن الأم في مجتمعاتنا العربية كرّست مكانتها كتلك المرأة التي تؤازر الابن الذكر بمبدأ الجاهلية الأولى، فتناصره ظالماً كان أو مظلوماً، وتسحق في سبيله النساء الأخريات، بما في ذلك بناتها، وتساعده على ظلم بنات جنسها عموماً، وقمعهن واستنزافهن.

حتى أن من النكات المتداولة في مجتمعاتنا الخليجية حينما نقابل رجلاً من سقط المتاع، لا تشفع له أخلاقه ولا إنجازاته ولا فكره ولا شخصيته، وغالباً ولا حتى وسامته -وإن كنت أنوء بنفسي عن هذه المعايير- فإننا نرجّح بأن له أماً ًتنفخه مثل البالون ليل نهار، مرددة عبارة "ألف واحدة تتمناك". بل تحطّ من النساء الأخريات، ومن ميزاتهن وفضائلهن وجمالهن، لتعزيز غروره.

وهؤلاء الأمهات يتباينن في دعمهن الميسوجيني لأبنائهن الذكور، فأقلهن ضرراً من يكتفين بـ"المقبلات القمعية"، مثل التبرير للابن المراهق عند تحكّمه بشقيقاته، والدفاع عن تطاوله "الخفيف اللطيف" عليهن بيده ولسانه. وأتخيل أن أشنعهن في الجانب المقابل من طيف الأذى هن اللاتي ذكرتهن سمية نعمان جسوس في كتابها "بلا حشومة: الجنسانية النسائية في المغرب"، وهن اللاتي كن يعاونن أبناءهن على اغتصاب زوجاتهن في ليلة الدخلة!

لا أنشر هذه المقالة بالتزامن مع عيد الأم لأرمي باللوم كل اللوم على الأمهات العربية في تخريج رجال يستمرئون تعنيف النساء واضطهادهن، فالغالبية العظمى من هؤلاء الأمهات هن ضحايا بدورهن لمجتمعات ميسوجينية شوهت فيهن أشياء كثيرة قبل دفعهن نحو الزواج والأمومة.

ولكن ما أحوجنا إلى بينيلوبي عربية في كل منزل، تواجه ابنها بحقيقته الميسوجينية البشعة، وترفع إلى ضميره المرآة، وتبرأ إلى الله من أفعاله المستنكرة باتجاه النساء... ولو بـ"إيميل".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/8/2025 6:32:00 AM
تلقّى اتصالاً من قيادته الإيرانيّة في الخامس من كانون الأول/ديسمبر 2024، أي قبل ثلاثة أيام من سقوط الحكم السابق، طلبت منه فيه التوجّه إلى مقرّ العمليات في حيّ المزة فيلات شرقية في العاصمة صباح الجمعة في السادس من كانون الأول/ديسمبر 2024 بسبب "أمر هام".
العالم العربي 12/7/2025 2:40:00 PM
ضابط سوري سابق: "بدا الأمر كأنه معدّ مسبقاً. لكنه كان مفاجئاً لنا. كنّا نعرف أن الأمور ليست على ما يرام، لكن ليس إلى هذا الحد"...
سياسة 12/7/2025 9:18:00 AM
"يديعوت أحرونوت": منذ مؤتمر مدريد في أوائل التسعينيات، لم يتواصل الدبلوماسيون الإسرائيليون واللبنانيون مباشرةً