كتاب النهار 13-03-2025 | 16:17

ضغوط أميركية تساعد السلطات في لبنان وسوريا... لكن ماذا عن سلاح "حزب الله" وأهداف إيران؟

حل مسألتي الأكراد والدروز سيمنح حكومة الشرع مساحة أكبر للتعامل مع تهديد إيران وفلول نظام الأسد
ضغوط أميركية تساعد السلطات في لبنان وسوريا... لكن ماذا عن سلاح "حزب الله" وأهداف إيران؟
خريطة بالمناطق التي سيصل بينها مشروع ممر داود الاسرائيلي
Smaller Bigger



شهدت الساحتان السورية واللبنانية حدثين لافتين خلال الأيام الأخيرة، الأول توقيع الاتفاق بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) مظلوم عبدي، والثاني إطلاق إسرائيل أسرى لبنانيين وتشكيل لجنة تضم ممثلين عن لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا لحل الخلافات العالقة على الحدود البرية. وبحسب مصادر غربية وسورية، فإن الاتفاق لإنهاء الخلافات بين الحكومة السورية والقوى الكردية جاء نتيجة وساطة وجهود أميركية بين الطرفين. كما أن إطلاق الأسرى اللبنانيين جاء نتيجة مساعٍ ديبلوماسية للحكومة اللبنانية التي أقنعت واشنطن بالضغط على تل أبيب لتنفيذ الخطوة المهمة.

اللافت في الخطوتين أنهما تتناقضان مع سياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية. كما أنهما تضعفان جهود إيران و"حزب الله" لاستعادة نفوذهما كما كان قبل الحرب الأخيرة وسقوط النظام في سوريا. 
تسعى إسرائيل بشكل واضح لتقسيم سوريا وإضعاف الحكومة المركزية. وهي تركز على المكونين الدرزي والكردي في خطابات مسؤوليها وتقاريرها الصحافية، وتشجعهما على الانفصال وقبول حماية إسرائيل. وكانت تروج ما أطلقت عليه "ممر داود" وهو منطقة تمتد من القنيطرة باتجاه السويداء والتنف شرقاً ومن ثم شمالاً نحو الحسكة والقامشلي. وتقوم القوات الإسرائيلية بشن عمليات في القنيطرة ودرعا تحت حجج متعددة، وتعتزم السماح لدروز القنيطرة بالعمل داخل إسرائيل. لكن الوساطة الأميركية لدمج "قسد" بمؤسسات الدولة السورية نجحت وتكللت بالاتفاق الذي وقعه الشرع أخيراً مع  عبدي. 
يعتقد المراقبون أن أحداث الساحل أقنعت الشرع بضرورة تسريع توقيع الاتفاق مع "قسد"، والذي ألحقه بعد يومين باتفاق آخر مع القيادات الدرزية في السويداء. فالتحرك العسكري الكبير الذي نفذه بعض ضباط النظام السوري السابق وعناصره من سكان الساحل رفع منسوب تهديد هذه المجموعات في أروقة السلطات السورية التي اتهمت إيران و"حزب الله" بالضلوع فيه وتمويل المسلحين وتجهيزهم انطلاقاً من الأراضي اللبنانية ومن مناطق نفوذ "قسد". كما أن الهفوات الكبيرة التي ارتكبتها قوات الأمن بالسماح لجماعات إسلامية مسلحة بالدخول إلى مناطق الساحل أضعفت موقف حكومة الشرع أمام المجتمع الدولي وداخلياً نتيجة التجاوزات الكبيرة والمجازر التي ارتكبتها هذه المجموعات بحق المدنيين من الطائفة العلوية. فكان لا بد للشرع من أن يبادر بتحركات مضادة لاستعادة الثقة وإظهار جدية حكومته في ضمان حقوق الأقليات وتعزيز الوحدة الوطنية. 
أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمها على سحب قواتها من سوريا. كما أنها تتمتع بعلاقات جيدة مع تركيا وتريد حسم مستقبل المناطق الكردية في سوريا بشكل يطمئن أنقرة. ولذلك سعت وبنجاح لرعاية المفاوضات ورحبت بالاتفاق مع الأكراد. كما أن قوى من داخل الساحة السورية ساهمت بنجاح المفاوضات مع القيادات الدرزية في السويداء والتوصل لتفاهم معها. هذه الخطوات المدعومة أميركياً أغلقت الطريق أمام مشروع "ممر داود" لحكومة اليمين الإسرائيلي، التي تتحدث اليوم عن حزام أمني في منطقة القنيطرة ومنطقة منزوعة السلاح تمتد إلى مناطق في درعا. حل مسألتي الأكراد والدروز سيمنح حكومة الشرع مساحة أكبر للتعامل مع تهديد إيران وفلول نظام الأسد، وإصلاح الأوضاع في الساحل لتعزيز السلم الأهلي. ورفع العقوبات الدولية تمهيداً لوصول المساعدات والأموال من الخارج هو أولوية الشرع  التي لن تتحقق من دون استقرار داخلي وأمن الأقليات. 
أما في لبنان، فإن إدارة ترامب تعمل مع السلطات اللبنانية لإزالة ذرائع "حزب الله" لاستمرار احتفاظه بالسلاح شمال الليطاني. فضغوطها أدت إلى إطلاق الأسرى اللبنانيين بشكل فاجأ الجميع. كما أنها تشكل لجاناً لحل المشاكل العالقة في ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل. وإذا ما تحقق ذلك، فإنه سيمهد الطريق لإعادة تفعيل اتفاق الهدنة لعام 1949 وانسحاب القوات الإسرائيلية من النقاط المتمركزة فيها على الشريط الحدودي. وكانت حكومة اليمين الإسرائيلية تسعى لتشكيل حزام أمني دائم جنوب لبنان. إنما يبدو أن واشنطن لها رأي آخر، وتسعى لتعزيز دور الدولة اللبنانية بهذه الخطوات. 
إنما الأسئلة التي تطرح نفسها: ماذا لو رفض "حزب الله" تسليم سلاحه حتى بعد التوصل إلى اتفاق أدى إلى انسحاب القوات الإسرائيلية وتفعيل اتفاق الهدنة مع لبنان؟ هل هذا الاحتمال وارد في خطط السلطات اللبنانية؟ وكيف ستتعامل معه ومع تحركات إيران لتمويل الحزب وتسليحه؟ تصريحات قيادات الحزب وإيران مقلقة وتوحي بأن السلاح هو "عقيدة وواجب" وجزء من مشروع أكبر من مسألة احتلال إسرائيلي.  
 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
تحقيقات 9/30/2025 4:06:00 PM
تقول سيدة فلسطينية في شهادتها: "كان عليّ مجاراته لأنني كنت خائفة"... قبل أن يُجبرها على ممارسة الجنس!
ثقافة 9/28/2025 10:01:00 PM
"كانت امرأة مذهلة وصديقة نادرة وذات أهمّية كبيرة في حياتي"
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟