في داخلي امرأة أحبّها

كتاب النهار 07-03-2025 | 09:46

في داخلي امرأة أحبّها

إنه الحب، لمن استطاع إليه سبيلاً منا نحن الرجال، يخفف من وطأة عقلنا، إن صحّ في العلم أن الرجل ميال إلى العقل، فيما المرأة ميالة إلى القلب.
في داخلي امرأة أحبّها
تعبيرية
Smaller Bigger
سُئل أعرابي ما مقدارُ حبك لفلانة، فقال: "والله إني لأرى الشمس على حائطها أحسن منها على حيطان جيرانها". فإن كان الحب يرقّق قلبنا، نحن الجنس الخشن، "فلا أرقّ من قلبك أنت الذي تقرأ في كل ليلة، منذ تزوجتك، صفحات وصفحات من "طوق الحمامة" المهلهل". هذا ما تقوله زوجتي عني وعن صديقي القديم ابن حزم الأندلسي، الذي صرف ردحاً من زمانه يوثق درجات الحب، وأصرف ردحاً من ليلي وأنا أقرأه مبتسماً. 

نعم، إنه الحب، لمن استطاع إليه سبيلاً منا نحن الرجال، يخفف من وطأة عقلنا، إن صحّ في العلم أن الرجل ميال إلى العقل، فيما المرأة ميالة إلى القلب. إذا عدت إلى قرارة نفسي، فهذا لا يصحّ، حتى لو أجمعت عليه دراسات العالم، فأنا أنزله في باب ما "سقط سهواً"... وأُنزلني أنا نفسي في بابٍ أجمل: "سقط شهواً". إنه الحب الذي يجمّلني إذ يُبرز فيّ نصفاً أنثوياً أُبطنه، أنا الباطني بالفطرة... وعذراً كارل غوستاف يونغ وأترابه ممن ربطوا الظاهر المتجلي بالباطن المحتجب.

إن سعيت إلى رسم الخط الفاصل بيني وبين نصفي الأنثوي الجميل، سأخيب كثيراً، ما دام هذا الشرق صلفاً إلى درجة تصنيفه صفاتٍ ومشاعر بعينها في خانة الأنثوية، وإلى درجة حثّي أنا الرجل على العزوف عن الإفصاح عنها، خشيةً من أن أُعيّر بأنني ناقص رجولة. هذا خبثٌ شرقي ما بعده خبث، يجافي العلم الذي يقول إن ثمة جانبًا أنثويًا في الرجل، كحال الجانب الذكوري في المرأة، وهذا طبيعي لا يستدعي الخجل أبداً. فإننا يا سادة في عصر الـ "يونيسِكْسْ" في كل شيء، حتى في المشاعر. لذا، لا أخفي دمعتي حين يمر مشهد سينمائي مشحون بالعاطفة، ولا أنكر أنني أعين زوجتي في أعمالها المنزلية، ولا أجد غضاضةً في الاعتراف، ولو على سبيل الدعابة، أنني أردت دائماً الزواج من امرأة تتبوّأ منصباً رفيعاً في شركة ما بالخليج، فيما ألازم المنزل في بيروت، وأنصرف إلى تربية بِنتينا!

وإن سعيت إلى رسم الخط الواصل بيني وبين نصفي الأنثوي الجميل، فكأنّ الأمر أشبه بجسرٍ بين نفسين، وليس بين شخصيتين. يبرز هذا الخط أكثر في أحيان كثيرة: حين يفيض فرحي أو حزني، وحين يباغتني الوحي الإبداعي نثراً أو شعراً، وحين أداعب قطتي المشاكسة، وحين أقف حائراً عليّ اتخاذ قرار حاسم فلا منطق ينجدني ولا حدس يعينني، وحين أنتظر الفجر لينبلج على شرفتي العالية، وحين أجد في شجرة الزيتون سلاماً قلّما أجده في أولاد آدم، وحين أثور على الظلم أو أقف في وجه الظلمات، وحين أسمع في المرأة كلاماً يتراوح بين التنميط والتنمّر، وأخيراً... حين أغدق على نفسي عطراً يسبقني بأمتار.

إنّ بعضاً فيّ متصالح مع بعض آخر، وأبعاضي كلها متساوية في الحكمة والروية، كما في الريبة والارتباك. لا أقصي منها بعضاً لصالح بعضٍ، ولا أقدّم بعضاً على بعضٍ. لست بقاسمٍ أمينٍ بين هاتين النفسين، ولا فضل لنفس ذكرٍ على نفس أنثى فيّ، إلا بالمحبة.
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/16/2025 3:18:00 PM
الرئيس اليمني حمّل حركة "حماس" مسؤولية استمرار الغارات الإسرائيلية والمجازر بحق الشعب الفلسطيني
المشرق-العربي 12/16/2025 5:26:00 PM
ترى باريس أن "حزب الله" يسيء فهم اتفاق وقف إطلاق النار ، مدعياً  أنه يتضمن نزع سلاحه في جنوب الليطاني فقط، في حين أنه يقوم الاتفاق على نزع سلاح الحزب في كل لبنان، وهذا مكتوب "أسود على أبيض" في الاتفاق
الولايات المتحدة 12/17/2025 8:59:00 AM
أوضحت جامعة MIT أن لوريرو كان أستاذاً في قسم العلوم والهندسة النووية وقسم الفيزياء، كما شغل منصب مدير مركز علوم البلازما والاندماج التابع للمعهد