لا يستطيع النظام الايراني أن يتحمل ويصدق ما جرى في سوريا ولازال يعيش حالة الصدمة من جراء سقوط حليفه بشار الاسد، وهذه الحالة التي تواجه هذا النظام يمکن فهمها وأخذها في الاعتبار بسبب الرهانات غير العادية للنظام على نظام بشار الاسد، وهذه الحسابات مبنية على أساس بقاء هذا النظام کعمق استراتيجي للنظام ولجبهة ممانعته المزعومة، وسقوطه يعني حدوث خلل کارثي يمس أمن النظام واستقراره.
الاحتفالات التي أقامها الشعب السوري بعد سقوط نظام بشار الاسد، لاتزال تقلق النظام الايراني لأن الشعب الذي قام بأربع إنتفاضات عارمة ضده تواق الى الحرية ويواصل مواجهته لحين إسقاطه، ولهذا يريد النظام وبکل الطرق والاساليب التشکيك بالحالة الجديدة في سوريا وتوجيه شتى الاتهامات لها من أجل الزعم بأن النظام السابق کان الافضل وأن عودة نظام مشابه له وعودة الدور والنفوذ الايراني لسوريا سيساهم بالامن والاستقرار لسوريا والمنطقة.
هذه التصورات الواهية التي يصر النظام الايراني على الاستمرار بتسويقها والسعي من أجل اقناع الشعب الايراني بها هي من أجل عدم حدوث حالة مماثلة في إيران، إذ أن النظام يعلم جيدا بأن فقدانه لعمقه الاستراتيجي في سوريا وتدهور وتضعضع جبهته المشبوهة، هي حالة بالغة الخطورة وستنال منه في نهاية المطاف، ومن هنا زعم قاسم قريشي، نائب رئيس "منظمة حشد المستضعفين" التابعة للحرس الثوري الإيراني، والمعروفة باسم الباسيج، خلال حفل لتکريم الرياضيين الايرانيين، بأن الشعب السوري "يعيش الحزن" حاليا، و"سينتفض ضد الوضع الحالي". كما وصف، في نفس التصريحات، الحوثيين بـ"تلاميذ إيران"، واعتبر أن التفاوض بين حماس وإسرائيل "انتصار"، هو في الحقيقة مسعى بإتجاه الحيلولة دون تکرار السيناريو السوري في إيران.
لکن الانکى هو إضافته:" نرى مصيراً مأساويا ينتظر الشعب السوري.. هذا الشعب يعاني من صعوبات كبيرة، لكن قريبا سنشهد انتفاضة السوريين لمواجهة الإرهابيين"، وهنا يمکن لمس حالة الخوف غير العادية التي تعتري النظام بهذا الصدد، ولاسيما وإن الذي يخاف حاليا من شعبه ويعيش هاجس ثورة ضده هو النظام الايراني ذاته ويجب أن لا ننسى هنا بأن خطباء الجمعة التابعين للنظام قد حذروا بشکل صريح الشعب الايراني من الانتفاضة ضد النظام، مهددين برد عنيف من جانب النظام.
الاوضاع السيئة التي يواجهها النظام تنعکس على أوضاع الشعب الايراني الذي لا يستحق أبدا أن يعيش هکذا بسبب نهج وسياسة مشبوهة يفرضها النظام قسرا وتؤدي إلى زيادة الفقر والمعاناة والقمع. وتشير التقارير الواردة من داخل إيران الى أن الحالة المعنوية الايجابية التي يعيشها الشعب الايراني من جراء سقوط نظام بشار الاسد وتضعضع جبهة النظام الاقليمية وقرب إنهيارها الى جانب تزايد التحرکات الاحتجاجية الى جانب نشاطات التشکيلات الداخلية لمنظمة مجاهدي خلق، تٶکد على إن الشعب الايراني من سينتفض وليس غيره کما يزعم النظام کذبا وتمويها.
مضافًا إلى ذلك، فإن التحولات في المنطقة تبرز الحاجة الملحة لإيجاد حل شامل يعزز من الحرية والاستقرار للشعب الإيراني، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تغيير النظام القمعي القائم عبر الشعب والمقاومة الإيرانية. كما أشار مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي السابق، في كلمته التي ألقاها في 9 يناير في مقر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في باريس، إلى أهمية النضال المستمر ضد الأنظمة الاستبدادية، قائلاً: "لقد أظهرت تجربة سوريا كيف يمكن أن يتم التغيير من خلال القوى التي كرست جهودها على الأرض. الحلفاء خارج إيران، بتاريخهم الطويل وقدراتهم التنظيمية المثيرة للإعجاب، يمتلكون قوة مجربة في المعارك". ولا شك في أن الحراك المستمر من قبل منظمة مجاهدي خلق، والتي تمثل أحد أقدم وأبرز المنظمات المقاومة، لا يعكس فقط تطلعات الشعب الإيراني للحرية، بل يشير أيضًا إلى أن هذا النظام لن يكون قادرًا على الصمود طويلًا أمام إرادة الشعب والمقاومة المنظمة التي تسعى لتحقيق التغيير.
*عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
نبض