الأزمة المصرفيّة ليست نظاميّة

آراء 21-10-2025 | 17:17

الأزمة المصرفيّة ليست نظاميّة

إلإصرار على توصيف الأزمة بالنظامية يهدف لتبرير قرارات أو قوانين قد تكون مجحفة وغير عادلة بحق المودعين
الأزمة المصرفيّة ليست نظاميّة
الليرة اللبنانية (أرشيفية).
Smaller Bigger
نقولا شيخاني وجوزيف أمين الخوري

مسببات الأزمة هي قرارات اتخذها صانعو القرارعلى مستوى المصارف التجارية ومصرف لبنان والدولة عن سابق معرفة. لذلك، فإن الأزمة المصرفية الحالية ليست "نظامية" (Non-systemic) إذ لا تنبع من حالة "قوة قاهرة" غير قابلة للتوقع أو غير قابلة للاجتناب أو منشأها خارجي، بل ناتجة من هذه القرارات الخاطئة والمتعمدة والتي أدت إلى انخفاض في السيولة وأزمة ملاءة في مصرف لبنان والمصارف التجارية. صندوق النقد الدولي، في مجمل تقاريره الرسمية الصادرة منذ عام 2019، لم يصف الأزمة المصرفية مطلقاً بالنظامية. ففي تقريره الخاص Article IV (حزيران 2023 صفحة 18)، يوضح أن السلطات اللبنانية هي التي تبنّت هذا التوصيف.

قرارات خاطئة ارتكبتها المصارف

انتهاك مبادئ الحوكمة الأساسية لإدارة المخاطر، لا سيما قاعدة التعرض لمدين واحد والمعايير الاحترازية الدولية.
إيداع حصة مفرطة من سيولتها بالعملات الأجنبية في مصرف لبنان (88 مليار دولار من مجمل الودائع) أي أكثر من 300% من إجمالي رؤوس أموالها، متجاوزة معدل الـ 20% المحدد بموجب القرار الرقم 311/2012 الصادر عن مصرف لبنان. كما اكتتاب 15 مليار دولار في سندات "اليوروبوندز"، فيما الحد المسموح به بموجب القرار والمبادئ المصرفية نفسها كان حوالي 4 مليارات دولار. 
تحويل ما يقارب 10 مليارات دولار إلى الخارج، بين تشرين الأول 2019 ونهاية عام 2022، بطريقة انتقائية وتمييزية، ما حرمها من الحد الأدنى من مستوى السيولة الذي تتطلبه المعايير الدولية (BASEL)، وجعلها عاجزة عن تلبية الحد الأدنى من احتياجات مودعيها ووضعها في حالة شبيهة بالتوقف عن السداد.

قرارات خاطئة ارتكبتها الدولة

تسامحها مع عجزين مزمنين في الموازنة وفي ميزان المدفوعات منذ عام 2011، ويعود ذلك إلى الفساد، الهدر وسوء الإدارة في الإنفاق العام كلفته أكثر من 40 مليار دولار.
تخلفها عن سداد اليوروبوندز، ما جعل لبنان في حالة تخلف سيادي وساهم في تدهور 98% في سعر الصرف.
تجاوز إجمالي الدين العام 220% من الناتج المحلي، ويشمل ذلك ما يوازي 60 مليار دولار سندات خزينة و32 مليار دولار سندات يوروبوندز، بالإضافة إلى سلفة 28 مليار دولار لكهرباء لبنان و16.5 مليار دولار مستحقة لمصرف لبنان.

قرارات خاطئة ارتكبها مصرف لبنان

تثبيت سعر الصرف 1507.5 ليرات لبنانية للدولار تثبيتاً مصطنع،اً ما كلّف أكثر من 20 مليار دولار من الاحتياطات بالعملات الأجنبية، جاءت، اعتباراً من عام 2013، من ودائع المصارف في مصرف لبنان، أي من أموال المودعين.
استخدام نظامه الداخلي للمقاصة لعمليات التحويل بين الليرة اللبنانية والدولار بدلاً من إجرائها عبر مصارفه المراسلة في الخارج، ما خلق ظاهرة "الدولار اللبناني" أو "اللولار".
إقراض الدولة مباشرة 16.5 مليار دولار مخالفاً قانون النقد والتسليف )المواد 88 إلى 91(، وبطريقة غير مباشرة من خلال اكتتابه ما يوازي 30 مليار دولار سندات خزينة بالليرة اللبنانية و5 مليارات دولار سندات يوروبوندز، مع علمه المسبق بالعجز السنوي والمزمن في موازنة الدولة.
"هندسات مالية" كلفت حوالي 20 مليار دولار وتسببت في رفع أسعار الفائدة، ما ضرب الاستثمار ومعدلات  النمو.
دعم أسعار المواد الغذائية والأدوية والمعدات الطبية والوقود من دون رقابة، بكلفة بلغت أكثر من 10 مليارات دولار منذ عام 2020.
سوء الرقابة على القطاع الصرفي حيث سمح للمصارف بإيداع أكثر من 300% من رؤوس أموال، بما فيها بالعملات الأجنبية لديه، مخالفاً قراره الرقم 311/2012.
السماح  بسداد القروض بسعر 1507.5 ليرات لبنانية للدولار، وإطلاق نظام "صيرفة" الذي كلّف أيضاً مليارات الدولارات.

الأزمة المصرفية ليست نظامية، بل هي نتيجة سلسلة أخطاء هيكلية وقرارات متعمدة خالفت قواعد الحوكمة الرشيدة والإدارة المصرفية السليمة وانتهاك التعاميم والقوانين. إلإصرار على توصيف الأزمة بالنظامية يهدف لتبرير قرارات أو قوانين قد تكون مجحفة وغير عادلة بحق المودعين، وتبرئة ذمة الدولة ومصرف لبنان والمصارف من المسؤولية عن نشوئها، وخاصة عن معالجتها، ما يؤدي إلى إضعاف سبل إنصاف المودعين وإضفاء الشرعية على إفلات المسببين الرئيسيين في انهيار النظام المالي اللبناني من العقاب، ما يعوق الثقة والنهوض الاقتصادي. 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/23/2025 5:18:00 PM
المدوّن الإسرائيلي: يجب أن أريكم كيف تبدو سوريا في عام 2025
سياسة 10/23/2025 8:30:00 PM
اعتداء إسرائيلي جديد على جنوب لبنان...
اقتصاد وأعمال 10/22/2025 3:51:00 PM
لا يمكن اعتبار هذا التراجع "انهيارًا" أو حتى "تصحيحًا"، نظرًا لارتفاع الأسعار الكبير. لا تزال المعادن تحقق أرباحًا جيدة هذا العام، حتى بعد التراجعات الأخيرة
لبنان 10/23/2025 12:59:00 PM
غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف منطقة البقاع