السابع من أكتوبر… بين المغامرة والمكتسبات

آراء 14-10-2025 | 01:06

السابع من أكتوبر… بين المغامرة والمكتسبات

قد نختلف حول ما حدث في السابع من أكتوبر، لكننا نتفق على أنه يوم غيّر المعادلة. فبين الركام، ووسط الألم، ولد وعي جديد لدى جيلٍ كان يُظن أنه بعيد عن القضية.
السابع من أكتوبر… بين المغامرة والمكتسبات
هل خرجت القضية من هذه المأساة بأي مكتسبات حقيقية؟ (أ ف ب)
Smaller Bigger

محمد خرّاط*

قد يختلف كثيرون في توصيف حوادث السابع من تشرين الأول/  أكتوبر، لكن الغالبية تتفق على أنه لم يكن سوى مغامرة غير محسوبة، دفعت ثمنها أرواح المدنيين قبل السياسيين. مغامرة قادتها جهة نصّبت نفسها وصية على أكثر من مليوني إنسان، فزجّت بهم في مواجهة لم يكن يتمناها أحد.

 

وفي المقابل، هناك من يراها لحظة بطولة، أعادت الى الأذهان صورة المقاومة في أزمنتها الماضية، وكتبوا عنها باعتبارها شرارة لاستعادة الكرامة المفقودة. وبين هذين الموقفين، يبقى السؤال الأهم: هل خرجت القضية من هذه المأساة بأي مكتسبات حقيقية؟

قبل الإجابة، لا بد من العودة إلى مفهوم القضية ذاته، وكيف تطوّر في الوعي العربي عبر الأجيال.

 

جيل السبعينات عرّف العدو بالعدو، خاض الحروب ورأى الاحتلال وجهاً لوجه. ثم جاء جيل الثمانينات والتسعينات، الذي عاش مرحلة السلام والمعاهدات، وتمسك في الوقت ذاته بحق الأرض، مؤمناً بالحوار وسيلةً لاستردادها بعيداً عن السلاح.

 

أما جيل الألفية، فقد وُلد في زمن غابت فيه المفاهيم، وبهتت معه صورة القضية حتى كادت أن تتلاشى في زحمة القضايا الجديدة. ومعه، بدا أن العدو الحقيقي لم يعد معروفاً، وأن الانتماء أصبح فكرة لا تتجاوز التغريدات.

لكن ما لم يتوقعه أحد هو أن جيل "التيك توك"، الذي وُصف بأنه سطحي، غارق في اللهو والترف، بعيد عن الهموم الوطنية، سيصبح أحد أبرز مكتسبات السابع من أكتوبر.

ففي خضم الفوضى، استعاد هذا الجيل وعيه، وأعاد اكتشاف القضية بلغة تناسب عصره. استخدم أدواته الرقمية ليوصل رسالة. ملأ الفضاء بمحتوى يعيد سرد الحقيقة، ويواجه حملات التضليل بوعي جديد وشجاعة غير متوقعة.

 

المقاومة لم تعد في ميادين القتال وحسب، بل في ميادين الوعي والرأي العام (أ ف ب)
المقاومة لم تعد في ميادين القتال وحسب، بل في ميادين الوعي والرأي العام (أ ف ب)

 

لقد أثبت هذا الجيل أن المقاومة لم تعد في ميادين القتال فحسب، بل في ميادين الوعي والرأي العام، وأن التكنولوجيا لم تعد خصماً، بل سلاحاً جديداً في معركة نشر الرواية.

قد نختلف حول ما حدث في السابع من أكتوبر، لكننا نتفق على أنه يوم غيّر المعادلة. فبين الركام، ووسط الألم، ولد وعي جديد لدى جيلٍ كان يُظن أنه بعيد عن القضية.

هذا الجيل، جيل "التيك توك"، أعاد الى القضية حضورها في وجدان العالم، وأثبت أن الشعوب لا تنسى. وإن كان السابع من أكتوبر قد ترك جرحاً عميقاً في التاريخ، فإنه في الوقت ذاته أعاد التأكيد على أن القضية لا تموت ما دام هناك جيل يعرف كيف يرويها من جديد.

 

 

*كاتب وناقد
-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

       
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

لبنان 10/12/2025 6:47:00 PM
تُظهر الصور المتداولة تكدّس الغيوم الماطرة فوق المرتفعات، في وقتٍ يشهد فيه الطقس تقلّبات خريفية واضحة.
لبنان 10/13/2025 4:37:00 PM
توقيف شركة “مياه تنورين” مؤقتاً عن تعبئة مياه الشرب وسحب منتجاتها