من منبر الامم المتحدة وفي خطابه الهجومي المتشدد على ما أسماه بالإرهاب والارهابيين، وضع رئيس وزراء اسرائيل نتنياهو "إنجازاته" العسكرية في ضرب اعداء دولته على خريطة كان يحملها ويؤشر على نقاط باللون الأحمر على الاعداء الذين قضى عليهم، من حزب الله اللبناني وقيادته من الصف الأول والثاني، وفي مقدمهم حسن نصرالله، عدو اسرائيل اللدود لعقود من الزمن. وادعى نتنياهو انه هو من اسقط نظام بشار الاسد في سوريا، وأنه يعمل على تقويض مليشيات ايران في الاقليم في العراق وفي اليمن. وقال إن الإنجاز الذي حققه هو الضربة الموجعة لايران في حرب دامية استمرت 12 يوماً امتلك سلاحه الجوي خلالها السيطرة في الاجواء الإيرانية، اضافة الى تصفية علماء وقادة عسكريين في الداخل الايراني بدقة متناهية تقدم أدلة واضحة على اختراق اسرائيل للداخل الايراني.

في تلك الحرب الخاطفة التي ألحقت الصواريخ الإيرانية خلالها ضربات موجعة بأهداف إسرائيلية، أكثرها مدنية، لم يذكر في تلك الخطابات العدائية المتبادلة بين الطرفين ومعهما الجانب الأميركي أن الهدف الرئيسي لذلك الهجوم هو إسقاط النظام في طهران بل تعطيل وتدمير المشروع النووي الإيراني والذي قد يبدو أن  أجزاء منه تحققت.

والان نسمع نتنياهو والرئيس الأميركي ترامب ومعهما الترويكا الاوروبية يعملون على ايجاد حلول دائمة لليورانيوم المخصب في الداخل الإيراني والتحكم فيه بطريقة مباشرة وواضحة. نتنياهو على المنبر الأممي خاطب الشعب الايراني بـ"الشقيق"، وقال إنه شعب صديق للشعب الاسرائيلي ومثل هذا الخطاب يذكرنا بعبارات رددها الرئيس ترامب قبل أن يوجه لايران إنذاراً واضحاً لم تعتقد طهران أنه جاد فيه وانتهى بحرب اسرائلية مدمرة على النظام الإيراني في الداخل وشاركت فيها القوات الأميركية في ضرب بعض المنشآت النووية. وذلك الهجوم على ايران أظهر أن ايران ضعيفة جداً من ناحية القوات العسكرية او بعضها على الاقل، وقد تكون منظومتها الصاروخية البالستية هي ما سجل بعض النقاط لها في الحرب الأخيرة. ولكن تلك المواجهة العسكرية قد يكون لها انعكاسات سلبية في العلاقة بين النظام   ومؤسسات الدولة، أو العلاقات بين هذه المؤسسات مع بعضها. والاهم من الشعب الايراني، الأحزاب التابعة للنظام في المنطقة والتي تركت تواجه مصيرها المحتوم، ولو أن بعضها يحاول أن يظهر بعض المواقف العنترية، كما حال "حزب الله" داخل لبنان وما يبديه من استعراض قوة في مسألة تسليم سلاحه. وما الرفض والاستقواء على الداخل اللبناني إلا حالة من الرمق الأخير في حالة لبنان الدولة المنضوي تحت حكمها الجميع بعيداً عن الطوائف والمذاهب العابرة للحدود.

عودة الي تفعيل "آلية الزناد" من قبل الترويكا الاوروبية والتي ترتكز علي آلية القرار الأممي 2231 الذي صادق على الاتفاق النووي في 2015 ، وهي خطوة سوف يكون لها انعكاسات خطيرة على ايران في العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتي قد تصل إلى تهديد النظام من الداخل رغم ما سوف يلجأ إليه من تشدد ضد التحركات المضادة له في الداخل. الخارجية الأميركية بعد هذا القرار الأوروبي وجهت اشارة للنظام الإيراني بأن أبواب التفاوض ما تزال قائمة، والسؤال هل تعمل إيران على تقديم تنازلات حقيقية للغرب في مشروعها النووي أو أن مثل هذه التنازلات قد تسرع بالنهايات؟.

*كاتب سعودي