آراء 27-08-2025 | 18:59

إيران تعمل على تجميع أوراقها لمواجهة المخاطر المقبلة

المعلومات المتوافرة تؤكد عدم قدرة طهران على الصمود في وجه الرياح الجديدة، وحلفاؤها غير قادرين على مقاومة الضغوطات الشعبية والمالية والأمنية التي تواجههم، بعد التغييرات التي حصلت في سوريا ولبنان، وموسكو لن تضحي بعلاقاتها مع واشنطن من أجلها.    
إيران تعمل على تجميع أوراقها لمواجهة المخاطر المقبلة
هل تنجح إيران في عملية تجميع أوراقها؟ (أ ف ب)
Smaller Bigger

مهلة رفع العقوبات الدولية التي لحظها قرار مجلس الأمن الدولي الرقم2231 عن إيران استهلكت بكاملها، والترويكا الأوروبية التي شاركت في توقيع اتفاقية العام 2015 (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) أعادت التهديد بالعمل بخطة "سناب باك" أي اليد على الزناد، بينما الاستنجاد الإيراني بروسيا للمساعدة على تمديد العمل بمنهجية رفع العقوبات غير كافية حتى الآن، لأن الولايات المتحدة الأميركية التي انسحبت من الاتفاقية في العام 2018 على علاقة متوترة مع طهران، ولديها شروطها القاسية للعودة إلى المفاوضات، بينما سيف الضربات العسكرية على المنشآت النووية الإيرانية مسلَّط بقوة، وخيار اللجوء إليه قائم في أي لحظة.

 

تحاول ايران تجميع أوراق القوة لديها لمواجهة التحديات القادمة، وهي طلبت تدخل الصين لتجديد العمل بمندرجات القرار 2231 لمدة إضافية، وهي طلبت وساطة موسكو للغاية ذاتها، كما وعدت "الترويكا الأوروبية" بالسماح لعودة مراقبي وكالة الطاقة الذرية الدولية للإشراف على عمل منشآتها التي نجت من التدمير بعد عدوان حزيران/ يونيو الماضي. وهي تبذل جهوداً متسارعة لإعادة تجميع أوراقها الإقليمية الضاغطة – خصوصاً في العراق ولبنان، علها تستطيع توظيفها في المعركة الديبلوماسية أو العسكرية، التي تنتظرها. ويبدو أن الساحتين اليمنية والفلسطينية أصبحتا خارج التأثيرات المباشرة القوية لطهران، ذلك أن التصعيد الذي تنتهجه قوات "أنصار الله" الحوثية ينطلق من دافع داخلي لتصدير الأزمة الوازنة القائمة مع شريكها السابق حزب المؤتمر الشعبي الذي يقوده فعلياً نائب رئيسه أحمد علي عبد الله صالح. بينما التأثير الإيراني على الساحة الفلسطينية تلاشى إلى الحدود الدنيا بعد منزلقات حرب غزة وما سببته من مجازر يندى لها الجبين، ارتكبتها إسرائيل بحججٍ واهية.

 

خلال شهر آب/أغسطس ضغطت طهران بواسطة الزيارات المتكررة التي قام بها إسماعيل قاآني قائد الحرس الثوري الإيراني، ووصلت إلى ابرام اتفاقية أمنية مع بغداد وقعها رئيس مجلس الأمن القومي علي لاريجاني، من دون أن تتكشَّف كامل مضامينها، وهي تحاول الدفع باتجاه إقرار القانون الجديد للحشد الشعبي، والذي يدمج عناصر الفصائل بالكامل ضمن القوات الحكومية، ويعطي هؤلاء الحق بالحصول على رواتب تقاعدية، وتعمل طهران على وضع عراقيل في طريق العلاقة السويّة المستجدة بين العراق وتركيا، بما في ذلك إعاقة إعادة تشغيل خط كركوك – جيهان النفطي.

 

وجهدت الديبلوماسية (الأمنية الإيرانية) لتوقيف تنفيذ الخطوات المتفق عليها بموجب تفاهم وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل الموقع في 27 تشرين الثاني/نوفبر 2024، وأبرزها حصرية امتلاك السلاح بيد القوى الشرعية اللبنانية. وهذا الاتفاق جاء بموافقة "حزب الله" ووزرائه في حكومة تصريف الأعمال التي كان يترأسها نجيب ميقاتي، وفاوض عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري مع الوسيط الأميركي بتكليف من الحزب. وإسرائيل تشترط تنفيذ هذا البند تحديداً لتوقيف استهدافها للمناطق اللبنانية والانسحاب من الأراضي التي تحتلها في الجنوب. وجاءت زيارة رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى بيروت في 2025/7/25 بهدف تشجيع "حزب الله" على رفض قرارات الحكومة بجمع السلاح وحصره بالقوى النظامية، ولمساعدته في الحفاظ على موقعه العسكري في المعادلة اللبنانية، وهو دور لا يتماشى نهائياً مع الأجواء الجديدة التي انطلقت في لبنان بعد وقف العدوان الإسرائيلي وانتخاب جوزف عون رئيساً للجمهورية وتأليف حكومة جامعة يرأسها الدكتور نواف سلام.

 

واضح أن الحسابات الإيرانية الجديدة تهدف إلى استخدام الأوراق العراقية واللبنانية في سوق تبادل المقايضة مع الولايات المتحدة الأميركية، بمعنى أن حلّ المُعضلات في البلدين المذكورين يحتاج إلى التفاوض مع طهران، وقرار تسليم سلاح "حزب الله" في لبنان تمتلكه إيران دون غيرها، وإشارة المبعوث الرئاسي الأميركي توم باراك إلى شراكة إيران في عملية التسوية في لبنان، لم تكُن كافية على ما يبدو، وطهران تحتاج "لضمانات" كما قالت، للعودة إلى طاولة الحوار، ومن المؤكد أن جزءاً أساسياً من هذه الضمانات المطلوبة، هو الحفاظ على تأثيرها الإقليمي المستقبلي، بما في ذلك نفوذ وازن في العراق ولبنان، وربما في سوريا.

 

تشعر إيران بتهديدات غير مسبوقة بعد ما أصاب أذرعها المؤثرة في المنطقة من نكسات، وفي أعقاب العدوان الذي استهدفها في حزيران/يونيو الماضي. وقد زاد من حجم المخاوف لديها ما حصل في وسط آسيا وجنوب القوقاز مؤخراً، لا سيما اتفاقية ممر "زنغزور" أو طريق ترامب الذي أسس لتفاهم بين أرمينيا وأذربيجان، والممر يعبر قرب الحدود الشمالية لإيران ويربط تركيا بوسط آسيا، وهو يضرّ بالمصالح الإيرانية بطبيعة الحال، ويفصلها عن حليفتها الأرمنية، ويشكل حزاماً سلبياً بينها وبين الشمال الأوراسي.

 

هل تنجح إيران في عملية تجميع أوراق القوة التي تمتلكها في المنطقة العربية؟ أم أن الزمن قد تغير والمعطيات اختلفت عن السابق، ومجهوداتها لن تحقِق ما تبتغيه!

 

المعلومات المتوافرة تؤكد عدم قدرة طهران على الصمود في وجه الرياح الجديدة، وحلفاؤها غير قادرين على مقاومة الضغوطات الشعبية والمالية والأمنية التي تواجههم، بعد التغييرات التي حصلت في سوريا ولبنان، وموسكو لن تضحي بعلاقاتها مع واشنطن من أجلها.     

 

-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/15/2025 8:43:00 PM
 خلف الحبتور: في موقف يعكس غطرسة لا حدود لها، يخرج رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليأمر سكان غزة بإخلاء مدينتهم، وكأنها ملك له يوزع أهلها كما يشاء
المشرق-العربي 9/12/2025 12:25:00 PM
إقفال منتجع "إكس بيتش" في منطقة وادي قنديل في محافظة اللاذقية.
شمال إفريقيا 9/15/2025 11:56:00 AM
محاكمة سيدة متهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس بمحافظة المنيا
لبنان 9/14/2025 2:53:00 PM
 تغيير مسار طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط المتجهة من بيروت إلى مطار هيثرو في لندن بسبب عارض صحي أصاب أحد الأطفال