آراء 09-01-2025 | 09:23

... وفي الجلسة الظلماء

لبنان يستحقّ أنْ يهدأ. أنْ يستريح. أنْ يستعيد رشده. والنزر القليل من القدرة على العيش.
... وفي الجلسة الظلماء
Smaller Bigger

أين ذهب المرشّحون؟ لماذا انسحبوا؟ أو، للدقّة، لماذا انسحب مَن انسحب منهم؟ علمًا أنّ كثرًا منهم لم يعلنوا ترشّحهم. وأنّ الدستور لا يطلب منهم الترشّح.

تذكّرتُ ريمون إده. لم أستطع إلّا أنّ أتذكّره. لا أستطيع إلّا أنْ أظلّ أستحضره. الله يرحم ترابه. بقي، يومذاك مرشّحًا (في جلسة الانتخاب الرئاسيّ يوم 23/9/1958)، لا من أجل أنّ يُنتخَب، ولا من أجل أنْ يقارع فؤاد شهاب، أو يتحدّاه، بل إنّما وفقط، من أجل الديموقراطيّة.

كان يعرف أنّ مسألة الانتخاب محسومة، وأنّ "كلمة السرّ" الإقليميّة – الدوليّة قد مُرِّرت إلى النوّاب، وليس ثمّة فرصةٌ موضوعيّة له لمواجهة قرارٍ أميركيّ - مصريّ ناصريّ (دوليّ).

كان الحريّ، اليوم، بالمرشّحين المعلومين وغير المعلومين، أنْ يبقوا في السباق، رمزيًّا، وعلنًا، ليس لمواجهة المرشّح الأوحد، وإنّما فقط من أجل أنْ يكون صحيحًا ما يُقال عن لبنان إنّه البلد الديموقراطيّ الوحيد في منطقة الظلام الشرقيّة.

وإنْ من أجل الشكليّات.

لكنْ لا. ليس من أجل الشكليّات. بل لأنّ هذه الشكليّات هي جزءٌ لا ينفصل عن المحتوى، وهي المضمون.
كان الحريّ بالمرشَّحين، لا غمزًا من قناتهم، أنْ يبقوا في السباق، وأيضًا وخصوصًا من أجل أنفسهم وكراماتهم الشخصيّة، المادّيّة والمعنويّة. ومن أجلنا أيضًا.

يجب أنْ أسجّل هذا الكلام. ليس من أجل أحد. ولا ضدّ أحد. ولا خصوصًا ضدّ المرشّح المتوافَق عليه دوليًّا، علمًا أنّي لا أستسيغ البتّة انغماس العسكر في السياسة، فكيف بانغماسهم في قذارة "اللعبة" السيّاسية اللبنانيّة. 
وإنّي أسجّل هذا الكلام من أجل نفسي أوّلًا وأخيرًا، وبالانسجام مع نفسي. وتحفيزًا للشجاعة الأدبيّة في العمل السياسيّ، وهي، عندنا، شبه منعدمة، كي لا أحكم عليها قطعًا بأنّها عديمة الوجود.

كلمة أخيرة: لبنان يستحقّ أنْ يهدأ. أنْ يستريح. أنْ يستعيد رشده. والنزر القليل من القدرة على العيش.
لستُ أدري ما إذا كان بلدنا سيُمنَح هذه "النعمة". الشرق ملبّدةٌ خرائطه بالغيوم السود. والعالم وحشٌ أكول. وليس من قوى خلّاقة في المجتمع اللبنانيّ، ولا من فرسانٍ في الطبقة السياسيّة اللبنانيّة، على غرار الفرسان الذي نقرأ عنهم في "الروايات" و"الأساطير" التاريخيّة. 

لكنْ.

أنْ يكون عندنا رئيسٌ رئيسٌ، وحكومة "غير شكل" (لا حكومة صفقات ومحاصصات) يتمكّنان من الخروج بلبنان من النفق المظلم، هذا جلّ ما يتمنّاه المرء، ابتداءً في جلسة اليوم 9 كانون الثاني 2025.
ارحموا حياتنا. وموتانا. ولبنان.

[email protected]
[email protected]

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
تحقيقات 9/30/2025 4:06:00 PM
تقول سيدة فلسطينية في شهادتها: "كان عليّ مجاراته لأنني كنت خائفة"... قبل أن يُجبرها على ممارسة الجنس!
ثقافة 9/28/2025 10:01:00 PM
"كانت امرأة مذهلة وصديقة نادرة وذات أهمّية كبيرة في حياتي"
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟