التاريخ يتجلى بين المؤسّس وولي العهد في واشنطن

مقالات 07-12-2025 | 12:01

التاريخ يتجلى بين المؤسّس وولي العهد في واشنطن

وقوف الأمير محمد بن سلمان امام صورة الرئيس روزفلت عند استعراض صور رؤساء أميركا مع الرئيس ترامب، يصب في هذا الجانب التاريخي والسياسي والاستراتيجي بين واشنطن والرياض. 
التاريخ يتجلى بين المؤسّس وولي العهد في واشنطن
الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الابيض.(أف ب)
Smaller Bigger

بعض المشاهد والصور للقاءات رؤساء الدول تذكر بأحداث ولقاءات لزعماء سابقين لتلك الدول قي عقود مضت، زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لأميركا في 18 تشرين الثاني/ 18نوفمبر الماضي، هي حالة من التأكيد والشراكة الاستراتيجية بين السعودية واميركا، بعد عقود ممتدة من المصالح المشتركة. هذه الزيارة التاريخية هي إعادة تأكيد للعلاقة بين البلدين منذ لقاء المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن مع الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت في شباط/فبراير من عام 1945  على متن البارجة الاميركية "كوينسي" في قناة السويس، ذلك اللقاء في ظروف سياسية واقتصادية كان العالم يمر بها أسّس لعلاقة استراتيجية متكافئة بين الرياض وواشنطن، وقد ناقشت تلك القمة القضايا العسكرية وأمن الطاقة وقضايا أخرى منها قضية تهجير اليهود الى فلسطين، وقد رفض الملك عبدالعزيز قضية التهجير اليهودي الى فلسطين وأن على المتسببين بها معالجتها وهي الدول الأوربية ولاسيما منها المانيا، والكل يعرف قضية "اليهود" في أوروبا في تلك المرحلة.

وقوف الأمير محمد بن سلمان امام صورة الرئيس روزفلت عند استعراض صور رؤساء أميركا مع الرئيس ترامب، يصب في هذا الجانب التاريخي والسياسي والاستراتيجي بين واشنطن والرياض. بل أن ولي العهد أكد اعجابه برئيسين أميركيين هما روزفلت وريغان، أولهما ديموقراطي والآخر جمهوري، وهذا يحمل دلالات محددة ومهمة في علاقة الرياض بواشنطن، وهي أن التغيير في الإدارات الاميركية بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري لا يغير من جوهر الأساس في العلاقة المشتركة بين البلدين حتى ولو كانت هناك تباينات بين السياسة السعودية والأميركية، كما شهدنا في مرحلة الرئيس أوباما وقضية الربيع العربي، والدعم الأميركي والغربي لأحزاب الإسلام السياسي ومجاميعه.

وهذا باعتقادي طبيعي في العلاقات بين الدول، وليس هناك عداء او طلاق بين الدول، هناك مصالح مشتركة. وفي الحالة السعودية -الاميركية كانت هذه المصالح هي المحرك الأساسي للعلاقة الثنائية بينهما.
لاشك في أن المصالح بين الرياض وواشنطن هي الأساس في هذه الزيارة التاريخية للأمير محمد بن سلمان وهذا هو الامر الطبيعي وخصوصاً في الاتفاقات الموقعة، الاستراتيجية الدفاعية وقضايا في مجال الذكاء الاصطناعي والرقائق الكترونية ومراكز البيانات، وهذه الاتفاقات هي التي تشكل العصر الحالي والمستقبل كأننا في رؤية استشرافية من ولي العهد للعصر القادم وماهيته المختلفة عما نعيشه الآن. وقد اعلن سموه مع الرئيس ترامب في هذا السياق أن السعودية سوف تستثمر في عملية التحول التقني فيها مبلغ 50 مليار دولار في الفترة القريبة خصوصاً أن السعودية لديها القدرة البشرية والاساسية في مجال الحوسبة، وهذا هو الرهان الأساسي للمستقبل في عالمنا.

القضايا العربية كانت حاضرة في هذه الزيارة وثابتة وواضحة لمن أراد ان يفهم ويكون منصفاً في رؤيته للمواقف السعودية من القضايا العربية والإسلامية. فكلنا يتذكر الدور السعودي وخصوصاً دور الأمير محمد بن سلمان حيال الأوضاع في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وكيف هندس لقاء بين الرئيس ترامب والرئيس السوري احمد الشرع بحضوره في الرياض، اثناء زيارة ترامب للسعودية في أيارمايو الماضي، وما أعقب ذلك من جهود سعودية وخليجية لرفع العقوبات عن سوريا وقضية ديونها. الآن نشهد عملية استقرار سياسي في سوريا الجديدة بمساعدة الاشقاء العرب وغيرهم، وتأتي الرياض في مقدم هذه الدول من خلال الوفود التجارية السعودية التي زارت سوريا، وتأسيس شراكات اقتصادية مهمة لشعبي البلدين.

السعودية أكدت مراراً بشكل واضح وجلي أن حلاً عادلاً على أساس قرارات الشرعية الدولية هو مفتاح استقرار المنطقة. وقد عبر الأمير محمد بن سلمان عن ذلك في المؤتمر الصحافي أن حل الدولتين وخارطة طريق واضحة لذلك من الإدارة الاميركية، هما ما يجذب الاستقرار والرخاء الى شعوب المنطقة جميعاً، والرياض تعمل على ذلك بخطوات عملية مشهودة مع دول عربية وصديقة. كذلك شهدنا اعتراف دول مهمة بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤتمر حل الدولتين برعاية سعودية- فرنسية. هذه هي السعودية بثقلها السياسي والاقتصادي والديني وموقفها الواضح والصريح في قضية التطبيع من عدمه.

*كاتب صحافي سعودي

 
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/6/2025 12:01:00 AM
لافتات في ذكرى سقوط نظام الأسد تُلصق على أسوار مقام السيدة رقية بدمشق وتثير جدلاً واسعاً.
المشرق-العربي 12/6/2025 1:17:00 PM
يظهر في أحد التسجيلات حديث للأسد مع الشبل يقول فيه إنّه "لا يشعر بشيء" عند رؤية صوره المنتشرة في شوارع المدن السورية.
منبر 12/5/2025 1:36:00 PM
أخاطب في كتابي هذا سعادة حاكم مصرف لبنان الجديد، السيد كريم سعيد، باحترام وموضوعية، متوخياً شرحاً وتفسيراً موضوعياً وقانونياً حول الأمور الآتية التي بقي فيها القديم على قدمه، ولم يبدل فيها سعادة الحاكم الجديد، بل لا زالت سارية المفعول تصنيفاً، وتعاميم.