مقالات 28-08-2025 | 07:13

امرأتان على الكورنيش... نعمة الأمان للمرأة الإماراتية

حققت الإمارات لنسائها أول وأبرز الشروط لينطلقن من دون قيود: الشعور التام والمطلق بالأمان. 
امرأتان على الكورنيش... نعمة الأمان للمرأة الإماراتية
كورنيش أبوظبي
Smaller Bigger

راسلتني الزميلة التي كانت في زيارة خاطفة إلى الإمارات لحضور مؤتمر، وشكت مازحة من تقلّبها في الفراش منذ الساعتين، من دون أن يغمض لها جفن. ولأن "الحال من بعضه"، فقد اقترحت عليها أن نذهب للتنزه على الكورنيش القريب من فندقها. بالفعل، التقينا ورحنا نمشي ونمشي ونمشي، من دون كلل أو ملل، فالجوّ كان عليلاً، والكورنيش أقلّ ازدحاماً بكثير من ساعات النهار، والثرثرة لا قعر لها.

لم يعكّر صفونا سوى سيارة رياضية الطراز تُبطّئ من سرعتها بمحاذاتنا، وتتمهل على الرغم من اخضرار إشارات المرور. هلعت الزميلة، وبات قلبها يطرق بشدّة، فقد سمعت في بلادها قصصا مأسوية، تبدأ بأن يتعقب المجرمون المرأة بسيارتهم، ويتحيّنون الفرصة للانقضاض عليها، ثم يفرّون بها من دون أن يستطيع أحد إنقاذها.

 

 

الأمان شرط الإبداع للمرأة

 

حدّقت في السيارة بنافذتيها المُضلّلتين، والذي اعتبرته زميلتي فعلاً متهوّراً بحدّ ذاته، فإذ بإحداهما تنخفض وكأنما امتثلت لنظراتي المستفهمة.

"مرحبا، هل أنتما بخير؟"، سألنا السائق، فرددت بالإيجاب، بينما التزمت زميلتي المرعوبة الصمت، وغالباً ما كانت تفكر في العدو بأقصى سرعتها.

"وهل لديكما سيارة؟"، سألنا مجدداً، فأشرت باتجاه سيارتي. قرصتني الزميلة، فلم يكن من المفترض بي إعطاء هذه المعلومات المجانية "للمجرم". 

"حسناً. رأيتكما تزرعان الكورنيش جيئة وذهاباً من دون توقف، فخشيت أن تكون قد تقطّعت بكما السبل"، قال مبرراً.

"وما المشكلة لو زرعنا الكورنيش جيئة وذهاباً؟ ما المستغرب في ذلك؟"، رددت بنبرة دفاعية مفرطة لا داعي لها لأبدّد خوف المسكينة المرتعدة بجانبي.

"لا شيء"، ضحك الرجل طيب النوايا محرجاً، "ولكن ..إنها الرابعة فجراً". وكانت تلك المرة الأولى التي أنتبه فيها إلى الساعة، وإلى المدّة التي أمضيناها في التسكّع. بل المرة الأولى التي أتفطن فيها إلى أن الكورنيش بات يخلو كلياً من الناس باستثناء امرأتين عاندهما الأرق!

تذكّرت حينها قول النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، "من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا". ولاحظوا كيف تصدّر الأمان حديثه -صلى الله عليه وسلم- بغض النظر عمّا زعمه لاحقاً هرم أبراهام ماسلو للاحتياجات الإنسانية.

لقد حقّقت الإمارات لنسائها أوّل وأبرز الشروط لينطلقن من دون قيود: الشعور التام والمطلق بالأمان. استطاعت الإمارات أن تخلق بيئة لا تقلق فيها المرأة من تأخر الوقت، أو مغيب الشمس، أو حضور الرجال بكثافة في مكان ما، أو عواقب ما ترتديه. لا تتردد النساء هنا في الخروج لممارسة الرياضة وحدهن، أو وضع سماعاتهن عند المشي ليلاً، وليس ثمة مناطق يُنصحن بألا يدخلنها من دون "مرافق". النساء هنا لا يتسلّحن برذاذ الفلفل، ولا يعرفن تقنية حماية الذات المتمثلة بدسّ مفتاح بين الأصابع ترقباً لطعن المعتدي.

في يوم المرأة الإماراتية، لن أدعوها سوى لاستشعار وتقدير نعمة الأمان العظيمة، فلولاها لما تفرّغت للإبداع والإنجاز والتقدم.

 

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
تحقيقات 9/30/2025 4:06:00 PM
تقول سيدة فلسطينية في شهادتها: "كان عليّ مجاراته لأنني كنت خائفة"... قبل أن يُجبرها على ممارسة الجنس!
ثقافة 9/28/2025 10:01:00 PM
"كانت امرأة مذهلة وصديقة نادرة وذات أهمّية كبيرة في حياتي"
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟