ماذا سيفعل المجلس العالمي للجالية الجزائرية في الخارج للثقافة الوطنية؟

يوم السبت الماضي منح المجلس العالمي للجالية الجزائرية، الذي اُسس في عام 2024، في باريس، ويتّخذ مقرّاً له في بروكسل، جائزة أدبية، لم تُعرف قيمتها المالية حتى الآن، للروائي الجزائري محمد مولسهول، الذي ينشر أعماله الروائية باسم مستعار هو @ياسمينة خضرا.
لقد كان هذا الحدث مفاجأة غير متوقّعة من الفاعلين في المشهد الثقافي الجزائري، خاصة أن هذا المجلس ليس جمعية أدبية أو ثقافية أو فنية عامة، بل هو تجمع مهجريّ ذو طابع اجتماعي وتنموي اقتصادي، يعمل من أجل المساهمة في حلّ مشكلات الجالية ومساعدة المهاجرين الجزائريين المنخرطين أو الراغبين في الانخراط في مشاريع الاستثمار السياحي أو الطبي أو الاقتصادي، وفي دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، واستقطاب رجال الأعمال الجزائريين والأجانب للاستثمار في الجزائر.
من المعروف حتى الآن أن رئيس هذا المجلس هو كريم زريبي، الذي يحمل الجنسية المزدوجة، والذي شغل سابقاً منصب نائب في البرلمان الفرنسي. ويلاحظ أنه لم يتمّ حتى الآن الكشف عن أسماء القيادة المركزية لهذا المجلس وعن أسماء ممثليه في مختلف فروعه في البلدان الأجنبية حيث ينشط.
في هذا السياق، يلاحظ مراقبون جزائريون محايدون أن منح هذا المجلس الجزائري هذه الجائزة الأدبية للروائي ياسمينة خضرا يمثل حركة لا تخلو من الأبعاد السياسية.
وفي هذا الخصوص، رأى عدد من المعلّقين المتخصصين في الشأن الثقافي الوطني أن هذه الالتفاتة تدخل في إطار تثمين الاستقبال الخاص الذي حظي به الكاتب ياسمينة خضرا من طرف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر رئاسة الجمهورية؛ وهناك من اعتبره ردّاً جزائرياً على منح فرنسا مؤخراً جائزة للروائي الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، الذي تعتبره العدالة الجزائرية معادياً لوطنه الأصلي جرّاء تصريحاته التي تتناقض مع دستور البلاد ومع وحدتها الترابية.
ولكن هناك من يرى أن هدف المجلس العالمي للجالية الجزائرية في الخارج من وراء منحه الجائزة الأدبية للكاتب ياسمينة خضرا هو من أجل استقطاب هذا الكاتب المعروف في الدوائر الأدبية الفرنسية الفاعلة إلى صفوفه، وبغية إظهار هذا المجلس للرأي العام الثقافي الوطني الجزائري كحاضن للثقافة الوطنية في المهجر الفرنسي.
وثمة من يرى أن المجلس العالمي للجالية الجزائرية في الخارج قد خصَّ الروائي ياسمينة خضرا بهذه الجائزة الأدبية لأسباب أخرى، منها مثلاً تثمين نشاطه كمدير عام للمركز الثقافي الجزائري في باريس على مدى سنوات طويلة. وفي هذا الخصوص، يرى مراقبون متخصصون في شؤون الجالية الجزائرية في المهجر الفرنسي أن نشاطات هذا المركز الثقافي المذكور آنفاً تميزت في عهد إدارة الكاتب ياسمينة خضرا باحتكار فضاءاته من قبل النخبة المثقفة الناطقة باللغة الفرنسية على حساب أعلام وأشكال التعبير الثقافي الوطني باللغتين العربية والأمازيغية.
في هذا السياق، هناك من يحدوه الأمل في المشهد الثقافي الجزائري على أن يصحّح المجلس العالمي للجالية الجزائرية في الخارج أخطاء المركز الثقافي الجزائري في باريس بإطلاق منابر إعلامية وثقافية متطورة بالعربية والفرنسية والإنكليزية تضمن خلق بيئة ثقافية بين أوساط الجالية الوطنية عن طريق نشر إنتاج المواهب والكفاءات الأدبية والفنية والفكرية الجزائرية المقيمة في مختلف المهاجر، التي يُقدّر تعداد الجزائريين المقيمين فيها بما لا يقلّ عن 6 ملايين نسمة.