اغتيال

كتاب النهار 25-02-2025 | 05:39

اغتيال

هذا كله كلام بكلام. بالنسبة إلى رجل مثلي، يعيش بعد رومانسية الثورة الفلسطينية وتحرير الأرض السليبة، فقدت كل أمل الآن.
اغتيال
من تشييع حسن نصرالله
Smaller Bigger
أما وقد دفن "حزب الله" أمينه العام الأسطوري حسن نصرالله، وخليفته هاشم صفي الدين، في مشهد مهيب، فلنعد قليلاً إلى ديوان ذاكرة طوائفنا العزيزة التي مرّت بمعمودية نار الاغتيال والخسارة. 

في 16 آذار/مارس 1977، قتل بعثيو سوريا كمال جنبلاط، حين كان رمية سهم من القصر الجمهوري، مشرفاً على إحداث تغيير جذري في النظام السياسي اللبناني، متعكزاً على قوى مشتركة لبنانية – فلسطينية وصلت إلى كوع عاريا. فقدت الحركة الوطنية معلمها الأكبر، وفقد الموحدون الدروز زعيمهم التاريخي، وكتب الاشتراكيون على أحد جدران المختارة: "استشهد آخر الأنبياء".

في 14 أيلول/سبتمبر 1982، كان بشير الجميّل الرئيس - الحلم، أو الرئيس القوي الذي تاق إليه اللبنانيون بعد سنوات من رؤساء أتوا إلى بعبدا لإدارة الأزمة لا أكثر. وفي ذروة الانتشاء الماروني بهذا الانتصار، قتل القومي السوري حبيب الشرتوني فخامة الرئيس المنتخب بقنبلة في بيت الكتائب المركزي بالأشرفية، فتهاوى الحلم بلبنان قوي محايد، وعاد البلد إلى أتون حرب أنتجت اتفاق الطائف، الذي رفع أمراء الحرب إلى مصاف المنقذين، فما أنقذوا إلا أنفسهم، ومات حلم البشير في مهده.

في 14 شباط/فبراير 2005، فجّر السوريون، ومعهم سليم العياش ممثلاً عن "حزب الله"، موكب رئيس الحكومة رفيق الحريري، الذي أحيا لبنان بمشروع إعادة إعمار، ربما كان السبب في إزاحته من الساحة السنية أولاً، والساحة اللبنانية ثانياً، فانتهى الأمر إلى انقسام عمودي لبناني أوصل  البلد إلى الخراب. وأخيراً، في 27 سبتمبر 2024، اغتالت إسرائيل حسن نصرالله بمشهد ناري مرعب، فحرمت شيعة لبنان زعيماً لم يشهدوا نظيراً له في تاريخ نضالهم العاملي. وهكذا، يكون المصاب الاغتيالي الجلل قد وحّد أكبر 4 طوائف لبنانية. 

إن نحّينا جانباً البشير الذي أغمد سيفه بعد حرب ضروس، والرفيق الذي ما حمل سيفاً في حياته، قُتل الرفيق كمال بك وسماحة الأمين العام في ساحة الوغى، ومأثور عن السيد المسيح قوله: "ردّ سيفك إلى غمده، فكل من يأخذون السيف، بالسيف يهلكون". كلاهما قتل في عز الحرب، على الرغم من بعد الاختلافات التقنية. المشترك بين الزعيمين هو فلسطين. حمل جنبلاط راية تحريرها، ويده بيد "أبو عمار" الذي غيّر خريطة الطريق إلى القدس لتمر بجونيه؛ وتحمّس نصرالله لفلسطين، لكنه حرّف خريطة الطريق إلى القدس لتمر بطهران ودمشق والزبداني وحلب وصنعاء والكويت... وحتى الأرجنتين.

يذكرني المعلم والأمين العام دائماً بجمال عبد الناصر، الذي انتظر الإسرائيليين من الغرب فأتوه بغتة من الشرق!! تماماً كما انتظر جنبلاط الرصاص من الجبهة الأمامية فأتاه في ظهره، وكما أقنعنا نصرالله بأن تل أبيب تقف على "إجر ونص"، فكانت الحقيقة أنها تحضّر "نص إجر" لتركل به "الحزب" كله، من قاعدته إلى قمة قيادته، فيدفع هو نفسه حياته ثمناً. 

هذا كله كلام بكلام. بالنسبة إلى رجل مثلي، يعيش بعد رومانسية الثورة الفلسطينية وتحرير الأرض السليبة، فقدت كل أمل الآن... مشينا في ركب الوحدة العربية طريقاً إلى فلسطين عربية، فكان الفشل الذريع؛ واتخذنا اليسار الراديكالي بديلاً أيديولوجياً، فكانت الفاجعة؛ وتحمّسنا للإسلام العسكري مع "حزب الله" بديلاً مقاوماً... فسقط وسقطنا جميعاً في فخ المصالح الإيرانية. أظنني الآن ميّالاً إلى "الريفييرا" كما يريدها الأخ المناضل دونالد ترامب!

الأكثر قراءة

اقتصاد وأعمال 11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
لبنان 11/20/2025 4:27:00 PM
نوح زعيتر ينحدر من قرية (الكنيسة) في أقصى البقاع الشمالي اللبناني المحاذي لسوريا، ويحيط نفسه بحماية مشددة، وهو مطلوب للإنتربول الدولي.  
لبنان 11/20/2025 5:35:00 PM
الحادثة وقعت خلال وجود أولاد الزوجين في المدرسة، الذين صُدموا لدى عودتهم بالمشهد المؤلم في داخل المنزل