"عمل شيطاني" على طاولة الحكومة والحريري التزم الصمت
Smaller Bigger

التزم الرئيس سعد الحريري الصمت امتعاضاً قبل جلسة مجلس الوزراء وخلالها وبعدها. والواضح ان ابطال نيابة ديما حمالي كان بمثابة الرسالة السياسية مع انطلاق حكومته في أولى جلسات عملها التنفيذي.

ووجه رئيس الجمهورية مجلس الوزراء من بدايته الى جدول الاعمال الذي كان عبارة عن موافقات استثنائية متراكمة من فترة تصريف الاعمال بعدما هنأ الحكومة بنيل الثقة واعتبر ان مسؤوليات كبيرة تنتظر منها العمل، داعياً الى ترك النقاش السياسي الى نهاية الجلسة. ولم يتم التطرق لا الى تعيينات ملحة ولا موازنة يجب اقرارها، وطغى النقاش الهادئ الى ان انفجر عند طرح الموضوع السوري.

بعد الانتهاء من إقرار جدول الاعمال، اخذ الوزير ريشار قيومجيان الكلام باسم وزراء "القوات اللبنانية "، للاحتجاج على تخطي مجلس الوزراء وبيانه الوزاري بزيارة الوزير صالح الغريب الى سوريا. ووصف بالٰـ"العمل الشيطاني ما شهده من نصري خوري الأامين العام للمجلس الاعلى اللبناني السوري على الشاشات".

وقال: "دخلنا الى الحكومة بذهنية التعاون والتضامن بين أعضائها واتفقنا على النأي بالنفس عن الصراعات الخارجية، ونفاجأ قبل الجلسة بتحركات بعض الوزراء باتجاه سوريا. ونحن نقول وبشكل منطقي ان اَي خطوة من هذا القبيل يجب ان تبحث في مجلس الوزراء سواء ذهب الوزير الى سوريا او الى اَي مؤتمرات خارجية". وأيد قيومجيان عودة النازحين ولكن ضمن آلية محددة وواضحة.

تدخل رئيس الجمهورية محتجاً، داعياً الى التمييز بين النأي بالنفس عما يجري في سوريا وعن وجود مليون ونصف مليون نازح سوري على ارضنا. وعلم من مصادر وزارية انه خلال النقاش في موضوع النازحين والعلاقة اللبنانية مع سوريا قال الوزير قيومجيان للرئيس عون: "نسيت شو عملوا فيك السوريين من 30 سنة؟".

فرد الرئيس عون:" وما نسيت كمان انو انتو قصفتوا السفارة الفرنسية يوم 13 تشرين ولحقتوني لهونيك ما بدي ارجع للتاريخ ونفتح الماضي".

وعلم من مصادر وزارية ان الوزيرة مي شدياق، تدخلت وقالت: "صدري رحب ولكنني لن أتقبل استذكار مرحلة الحرب. كلنا أكدنا ان لا خلاف على عودة النازحين، ولكن هل النظام السوري يريد العودة فعلاً؟ هذا النظام ادرج رئيس حكومتنا وقادة لبنانيين على لائحة الاٍرهاب".

وسألت: "اين التضامن الحكومي واحترام مجلس الوزراء بأخذ الأذونات بالسفر؟".

وقال الوزير الغريب إنه يرفض "حملة التهويل. فاعادة النازحين لا تتعارض مع النأي بالنفس وهو لم يذهب لفرض امر واقع بل لوضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار". وحرصاً على التضامن الحكومي، بادر وأخذ الأمور بصدره. وكل المعنيين كانوا على علم بزيارته.

التوصيف الشيطاني ،احتج عليه الوزير علي حسن خليل الذي رفض العودة الى لغة السنوات الماضية وقال: "موقفنا هو بضرورة توسيع العلاقات مع سوريا الى أقصى الدرجات لمصلحة لبنان أولاً".

وقالت مصادر قصر بعبدا ان الرئيس عون تحدث بعد إقرار جدول الاعمال، عن الأوضاع السياسية في ضوء مداخلات عدد من الوزراء، فأكد أن "النأي بالنفس حسب مفهومنا، هو على ما يحصل في سوريا وليس عن مليون ونصف مليون نازح سوري يعيشون في لبنان، ما ألحق تداعيات اقتصادية واجتماعية وانمائية وأمنية أثرت على أوضاعنا، خصوصاً مع تلاحق الأزمات الاقتصادية الخارجية والداخلية التي أحاطت بنا".

واضاف: "اتذكر قولاً لنابوليون يقول فيه: السياسة إبنة التاريخ، والتاريخ إبن الجغرافيا، والجغرافيا ثابتة لا تتغير". وبالتالي فإن أي بلد مجاور مثل سوريا، لا بد أن نقيم معه علاقة خاصة. من هنا، فإن علاقتنا بسوريا غير علاقتنا بتركيا أو إيران مثلاً. أقول بصراحة إن الدول الخارجية لا تريد أن تستضيف نازحين ولا تسمح لنا بأن نعيدهم إلى وطنهم. كيف يكون ذلك وبأي حق؟ أنا لا أقبل بأي شيء يؤذي مصلحة لبنان. لقد استضفنا النازحين لأسباب إنسانية وتحمّلنا أكثر مما نستطيع أن نتحمّل. ما من دولة استقبلت نازحين مثلما استقبلنا، لا نستطيع أن نستمر هكذا. أنا أقول لكم وللبنانيين ما افكر به، لقد أقسمت اليمين على الدستور وعلى المحافظة على السيادة وعلى القوانين... ولا أقبل أن يكون على أرض وطني هذا العدد الضخم من النازحين. إن اللجوء السياسي يكون لمضطهدين في السياسة وليس للهاربين من ويلات الحرب وبداعي الحاجات المفقودة، ومتى عاد الاستقرار فإن على هؤلاء أن يعودوا. لقد رحب الرئيس الأسد بالنازحين العائدين، وإني أتساءل كيف ننسّق انتقال قرابة مليون ونصف مليون نازح من دون التواصل والتنسيق مع الدولة السورية".

وقال الرئيس عون: "كلما زارنا وفد أجنبي نسمع اطراء عن اهتمامنا بالنازحين إلى درجة أني قلت مرة لهم "رح نصير نحنا النازحين... ما بقا فينا نقعد ببلدنا وكل شبابنا عم يسافروا".

وأضاف: "أقول لمن يتحدث في موضوع النازحين أن بعضهم غير مدرك للنتائج التي تترتب عن استمرار بقاء النازحين على أرضنا. هذه مسؤوليتي كرئيس للدولة. أنا اقسمت اليمين بالمحافظة على الدستور ولا يمكنني أن أترك هذه المسألة. يقولون انتظروا الحل السياسي.. القضية الفلسطينية مضى عليها 70 عاماً ولا تزال من دون حل. القضية القبرصية مضى عليها 45 عاماً ولا تزال هي أيضاً من دون حل سياسي. إذا لم ندرك هذه الحقائق اليوم لا يمكن أن نواجه المستقبل. يقولون ان سوريا لا تريد عودة النازحين.. أنا أقول لكم انها تريد هذه العودة ... لقد تمت حتى الآن عودة 156 ألف نازح سوري تأمنت لهم مساكن مؤقتة والمدارس لأطفالهم، ولبنان تلقى ضمانات سورية باستقبال النازحين على أرضهم عندما يعودون. اليوم دول عدة، ولا سيما الدول الكبرى تتواصل مع الدولة السورية ورئيسها... فلماذا لا يتواصل لبنان لحل أزمة مليون ونصف مليون نازح سوري على أرضه. "قاعدين ببيتي... شو بترك وبفلّ"! الكل يقول بعودة النازحين.. لكن متى وكيف؟ لماذا تريدون أن يتحمل لبنان عبء النازحين؟ عندما بدأوا يتوافدون إلى بلدنا بأعداد كبيرة لم نضع حدوداً لهم. الآن أصبحت كثافة النازحين غير مقبولة، والغرب- ويا للأسف- يساعدهم حتى يبقوا في لبنان، فيما اللبناني يهاجر. المسألة ليست مرتبطة بسلامتهم أو امنهم، لأن الذين حملوا البنادق وأطلقوا النار على الجيش السوري تمت مصالحات بينهم وبين الدولة، فلماذا الخوف على أمن العائدين الذين لم يشتركوا في القتال؟".

واضاف الرئيس عون: "من المستغرب أن منظمات الأمم المتحدة تساعد النازحين الموجودين في لبنان، ولماذا لا تساعدهم في سوريا؟ طالما أنهم يتلقون المساعدات في لبنان ويعملون فيه فإنهم لن يغادروه. "قضية النازحين ما فيي احملها على ضميري". وقال: "أنا عشت تحت الخطر وواجهت الموت، وهذا القصر بالذات تعرض للقصف وأنا في داخله... قاتلت السوري وتحملت النفي 15 عاماً من أجل وطني ومن أجل كل اللبنانيين. واليوم لا زلت ملتزماً النضال دفاعاً عن وطني وعن شعبي".

وتابع: "على حدودنا الجنوبية يقوم وطن قومي يهودي، وفي سوريا ثمة محاولة لإعطاء الأكراد وطن شرق الفرات، وهذا مثير للقلق فما الذي يمنع إيجاد ثغرات واستغلال النازحين لخلق مشاكل لنا في الداخل لاستكمال هكذا مشروع تقسيمي، خصوصاً أن مجتمعنا التعددي نقيض لإسرائيل، فهل سيتحملوننا ونحن النقيض؟ هذا الموضوع خطير وأقولها للتاريخ. أنا وقفت مع وحدة وطني لبنان وأنا اقول للتاريخ هذا الكلام لي ولكم".

واشار الرئيس عون إلى "وجود اتصالات من دول عربية عدة لإعادة علاقاتها مع سوريا وثمة من يجري وساطات من أجل ذلك، فيما نحن مختلفون على مصلحة لبنان العليا. بعد الحرب العالمية الثانية، ركب الرئيس شارل ديغول الطائرة وذهب إلى المانيا واتفق مع اديناور على التعاون".

وختم الرئيس عون مداخلته قائلاً: "أنا أعرف مصلحة لبنان العليا وأنا أحددها، وأنا في مركز المسؤولية وهذه صلاحياتي لأني الوحيد الذي أقسمت يمين الحفاظ على الدستور وقوانين الأمة وسلامة الأرض والشعب، وأرسيت توازناً وطنياً حتى نحقق الاستقرار ونعيد بناء لبنان من جديد. هذا هو مفهومي للمصلحة الوطنية العليا، وأنا مسؤول تجاه شعبي".

ورفع الرئيس عون الجلسة.


الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/19/2025 7:20:00 PM
 برز اسم عشائر غزة  كأحد السيناريوهات المحتملة لإدارة الشؤون المدنية، خاصةً في ظل رفض عودة حكم حركة حماس، وغموض دور السلطة الفلسطينية.
المشرق-العربي 10/20/2025 8:26:00 AM
اعتبر ويتكوف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "قاد بلاده في ظروف صعبة".
اقتصاد وأعمال 10/17/2025 6:25:00 AM
لماذا ترتفع الأسعار؟ تتضافر الأسباب بين طقسٍ متقلّب في بلدان المنشأ، ومخزوناتٍ محدودة، وتوازنٍ دقيق بين العرض والطلب.