السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

رسالة مفتوحة إلى وزيرة الطاقة والمياه ندى بستاني: هل ستقودون ثورة الطاقة المتجدّدة في لبنان؟

المصدر: "النهار"
زينة الحاج - مديرة منظمة "غرينبيس" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
رسالة مفتوحة إلى وزيرة الطاقة والمياه ندى بستاني: هل ستقودون ثورة الطاقة المتجدّدة في لبنان؟
رسالة مفتوحة إلى وزيرة الطاقة والمياه ندى بستاني: هل ستقودون ثورة الطاقة المتجدّدة في لبنان؟
A+ A-

معالي الوزيرة ندى بستاني،

تحيّة طيبة وبعد،

يسرّني القول أولًا إنّني سُعدتُ، لكوني ناشطة بيئية، لتولّي امرأة منصب وزيرة الطاقة والمياه، خصوصًا أنّكم تتابعون عمل الوزارة منذ العام 2010 وبالتالي فإنّكم في الموقع المناسب لإحداث التغيير اللازم. إنّني أتوجّه إلى حضرتكم بصفتي مواطنة لبنانية تطالب بحقّها الأساسي في خدمة كهربائية نظيفة ومنخفضة الكلفة وموثوق بها ومتوافرة بشكل دائم. يؤكّد البيان الوزاري المسؤولية التي تعهّدتم بحملها، ولا يسعنا إلا أن نأمل أن تشكّل رسالتنا هذه دعوة لإطلاق ثورة جدية ضمن الوزارة لاعتماد الطاقات المتجدّدة في لبنان.

إنّ معامل الطاقة الحالية في لبنان، التي أكل الدهر عليها وشرب، قائمة على اثنين من أقدم أنواع الوقود الأحفوري: زيت الوقود الثقيل والديزل. ولا تقتصر المسألة على قِدم هذين النوعين من الوقود وعدم فعاليتهما، بل إنهما خطران ويتسبّبان بالتلوّث. ما زلنا نعتمد على الوقود الملوّث لإنتاج طاقة كهربائية بكميات غير كافية ومدعومة وتكلّف الحكومة 1،5 مليار دولار أميركي سنويًا تقريبًا. لا بل الأسوأ هو أنّ العجز في إنتاج الطاقة الكهربائية، الذي يبلغ 1 جيغاوات، تغطّيه مولّدات تعمل بالديزل، تنتشر بين منازلنا وتُطلِق انبعاثاتها السامة في الهواء الذي نستنشقه.

في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أثارت "غرينبيس" ضجّة إعلامية عندما أصدرت تقريرها بشأن تلوّث الهواء حول العالم بأكسيد النيتروجين، مصنّفة مدينة جونية على أنها المدينة الخامسة الأكثر تلوثًا في العالم العربي والمدينة الثالثة والعشرين الأكثر تلوثًا في العالم. وأظهر التحليل أيضًا أنّ لبنان بكامله تقريبًا معرّض لمستويات خطيرة من أكسيد النيتروجين، وهو عامل ملوِّث ناجم عن احتراق الوقود الأحفوري ومسؤول عن أعداد كبيرة من الوفيات المبكرة حول العالم (تشير البيانات الخاصة بأوروبا إلى أنّ حوالى ٧٥ ألف مواطن أوروبي يموتون سنويًا نتيجة هذه الانبعاثات).

لحسن الحظ، فإنّ الحلّ لمشاكل الكهرباء والتلوّث التي نرزح تحتها واضح وسهل. فيمكن التعويض عن العجز في إنتاج الكهرباء من خلال مصدر الطاقة الأكثر وفرة لدينا: الشمس! فالطاقة الشمسية غير ملوِّثة ومنخفضة الكلفة وتوفر فرص عمل ويمكن اعتمادها بسرعة على المستويَيْن الفردي والعام. إنها الحلّ الأمثل لمشاكل الطاقة في لبنان!

في السنوات الأخيرة، نما قطاع الطاقة الشمسية في لبنان بخطى ثابتة ولكن ببطء، إذ بلغت الطاقة الشمسية المُنتَجة 35 ميغاوات، أو ما يعادل 35 في المئة فقط من إجمالي الطاقة الكهربائية التي تنتجها شركة كهرباء لبنان. لا شكّ في أنّ هذه النسبة ما زالت متدنية جدًا... لقد حان الوقت لتنفيذ مشاريع واسعة النطاق وسريعة لإنتاج الطاقة المتجددة ولتحسين البنى التحتية ودعم مهارات شبابنا الذين يستثمرون في أنواع الطاقة النظيفة هذه.

لقد كان العام 2017 عامًا قياسيًا من حيث الطاقة المتجددة على الصعيد العالمي، إذ تمّ البدء بمشاريع لإنتاج 157 جيغاوات من الطاقة المتجددة. في الواقع، يبلغ هذا الرقم ضعف ذلك الخاص بمشاريع إنتاج الطاقة عبر الوقود الأحفوري في العام نفسه! لقد باتت الطاقة الشمسية اليوم منخفضة الكلفة، فقد بلغت أسعارها مستوى متدنياً غير مسبوق يساوي ٢ سنتين أميركيين لكل كيلووات/ساعة، في حين أنّ شركة كهرباء لبنان ما زالت تنتج الكهرباء باستخدام الوقود الملوّث بسعر يبلغ 14 سنتًا أميركيًا لكل كيلووات/ساعة تقريبًا، وتبيعها بسعر مدعوم يبلغ 9 سنتات أميركية لكل كيلووات/ساعة وتتكبّد خسائر جمّة. في المقابل، تشير دراسات إلى أنّ قطاع الطاقة المتجددة قد يُنتِج أكثر من 20 ألف فرصة عمل بحلول العام 2021 في لبنان. ما علينا سوى التعلّم من تجربة المغرب في هذا المجال: فالمملكة "التي تفتقر إلى مصادر الطاقة" تبني حاليًا إحدى أكبر محطات الطاقة الكهروضوئية في العالم، وهي في طريقها لبلوغ الهدف الذي حددته لنفسها والذي يتمثل في إنتاج 52% من الطاقة من مصادر متجددة بحلول العام 2030!

لم تعد الطاقة المتجددة تقنية مستقبلية أو نخبوية كما في السابق، بل باتت منتشرة في نطاق واسع وسوف تصبح في المستقبل القريب المصدر الأوّل للطاقة. ولا بدّ من الإشارة قبل الختام إلى أنّه بإمكاننا تحويل مكامن الفشل التي نعانيها إلى قصّة نجاح مبهرة. فالعجز الحالي في إنتاج الكهرباء قد يكون فرصتنا للمضي قدمًا نحو حقبة الطاقة المتجدّدة. فلنتخيّل معًا بلدًا مليئًا بمحطّات الطاقة الكهروضوئية ومزارع الرياح، مع ألواح ضوئية جهدية على سطح كلّ منزل. ليس من المحتّم أن تبقى هذه الرؤية حلمًا، بل علينا بذل كلّ جهد لتحويلها إلى واقع!

معالي الوزيرة ندى بستاني، هل ستقودون ثورة الطاقة المتجدّدة في لبنان؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم