اشترِك في نشرتنا الإخبارية
تنمية السياحة الداخلية في لبنان: فرصة للعودة إلى الخريطة العالمية
لطالما اعتُبر لبنان واحداً من أهم البلدان السياحية في الشرق الأوسط. لن نتكلم هنا عن الأزمة السياحية التي يمرّ بها القطاع منذ مدة، إنما عن السياحة الداخلية التي من شأنها تعزيزه لكونها إحدى أهم مقومات جذب المقيمين والسياح الذين يرغبون في التعرف أكثر على المناطق اللبنانية عن كثب.
تُشكّل السياحة الداخلية التي باتت مقصداً من اللبنانيين طيلة أيام السنة، مورداً سياحياً مهماً في لبنان، ففي كل منطقة لبنانية تقريباً هناك آثار ومنتجعات ومرافق سياحيّة يمكن الذهاب إليها وتمضية العطلات والإجازات فيها، ناهيك عن المناطق الجديدة التي بدأت بالبروز مؤخراً لاحتضانها معالم طبيعية رائعة لم تكن معروفة في السابق.
تقول نضال مجدلاني التي تدور بعدستها التصويرية الرائعة على كافة المناطق اللبنانية، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، لـ "النهار": "كوني كاتبة مصورة ومدافعة عن البيئة والتراث، ومن ممارسي هواية المشي وتسلق الجبال" Hiking"، كنت من أول الأشخاص الذين نقلوا بعدستهم الجمال المُخبأ في لبنان، من برك فالوغا، إلى برك اللقلوق ونهر الجوز، ليتبعني أخرون باكتشاف هذه المناطق وتصويرها. أنا أمارس هواية المشي وتسلق الجبال منذ سنوات عدة. هدفي هو زيارة المناطق البعيدة والقرى غير المشهورة، ومن خلال هذه الرياضة أصل إلى أماكن غير معروفة وأكتشف آثاراً منسية في الطبيعة".
تضيف مجدلاني: "استطعت من خلال عدستي تغيير الدعاية المشوّهة عن لبنان، وعرض هذه المناظر الرائعة على إنستغرام، وبالفعل تحقق صوري اليوم نجاحاً وتفاعلاً كبيراً بين المواطنين اللبنانيين الذين يسألونني عن أماكن المناطق التي أقصدها، ومع مدوّني السفر "travel Bloggers" العالميين الذين يتواصلون معي لمعرفة المزيد عن هذه المناطق وكيفية الوصول إليها".
وتشير مجدلاني إلى أن الصور مهمة جداً لتعزيز السياحة الداخلية في لبنان: "بلدنا مظلوم والحمدلله بدأت الحقيقة بالظهور من خلال عدسات المصورين. الصور توصل الحقيقة كما هي، وهي الآن العنصر الأساسي في إيصال رسالة للعالم أجمع عن مدى روعة وجمالية لبنان من خلال قنوات السوشيل ميديا. أنا أدعو جميع المصورين إلى أن يصوروا طبيعة لبنان الخلابة لأننا جميعاً نستطيع نقل صورة لبنان الى الداخل وإلى الخارج ونبرهن كم هو جميل".
تقوية السياحة الداخلية في لبنان وخطط الوزارة
وعلى الرغم من ارتفاع سياحة اللبنانيين في الخارج لكثرة عروضات السفر والأسعار الرخيصة والمغرية، إلا أن فئة كبيرة منهم ما زالوا يفضّلون التنزّه وقضاء العطلات في اكتشاف لبنان، لا سيما العائلات وكبار السن، لا بل نسبة لا بأس بها من الشباب أيضاً، وهذا ما بدأت معظم شركات السياحة والسفر بتوفيره من خلال رحلات مخصصة تنظمها نحو الأماكن المقدسة إلى جانب المناطق السياحية والأثرية الأخرى.
وتوفّر هذه الشركات عروضات متنوعة وبأسعار مقبولة. وبحسب ما أكدته إحدى هذه الشركات لـ"النهار"، فإن كلفة الرحلة في حدود الـ 25 ألف ليرة لبنانية، تتضمن مصاريف النقل والفطور، ورسم الدخول الى المعالم السياحية، وإن إقبال المواطنين اللبنانيين على هذه الرحلات بات مرتفعاً نظراً للوجهات المتنوعة والأسعار المناسبة للجميع، كما هناك إقبال كبير من سواح عرب وأجانب، أبرزهم من مصر والعراق ومن اليابان، روسيا، البرازيل، ومؤخرا من باكستان.
من جهته، أكدّ وزير السياحة "أواديس كيدانيان" للنهار أن "البيان الوزاري للحكومة يُشدد على السياحة الداخلية في لبنان وبالأخص على السياحة الدينية والبيئية، بالإضافة الى السياحة الترفيهية والمؤتمرات".
وأشار كيدانيان إلى أن "السياحة الدينية هي التي تشجع الناس على الخروج في جولات داخلية من خلال إظهار المقامات الروحية الإسلامية والمسيحية التي يبلغ عددها حوالي الـ 3000 مقام في لبنان، كما سنركّز على السياحة البيئية التي بدأت تأخذ مساحة مهمة بين الناس، بالإضافة الى اهتمام وزارة السياحة مباشرة بالمهرجانات التي ازداد عددها خلال السنتين الماضيتين، حيث وضعنا لها مرسوماً خاصاً يحدد كيفية مساهمة الدوله في هذه المهرجانات، وبالتالي من المرجح أن ينخفض عددها، إلاّ أن مستواها سيتحسن".
وأشاد كيدانيان بالسياحة الأثرية الجميلة في عدد كبير من المناطق والأرياف اللبنانية، حيث سيتم الترويج لها من خلال التعاون مع البلديات، ومن خلال مواقع التواصل الإجتماعي، إلى جانب إضافة هذه المناطق على الموقع الإلكتروني للوزارة والذي من خلاله سيتمكّن أي سائح من البحث عن أي بلدة أو مدينة أو قرية، وسيبرز له جميع صورها وكل ما يتعلّق بإمكانياتها السياحية من أجل تشجيع الناس للاهتمام بالسياحة خارج بيروت".
أما بالنسبة إلى خطط الوزارة لتشجيع السياحة الخارجية إلى لبنان، فقال كيدانيان إن أولى أهداف الوزارة هو إعادة العقد مع شركة Visit lebanonوالتي تمّ من خلالها الترويج للسياحة في لبنان في دول العالم من خلال مكتبهم الموجود في أوروبا، والتي أثمرت عن إدراج لبنان ضمن نشاطاتها وبرامجها السياحية التي يبرزونها لزبائنهم. كما أن الوزارة تعمل على هيئة تنشيط سياحي يطلق عليها اسم "Tourism Board" وهي موجودة في أكثر من بلد في العالم، وهي مؤلفة من القطاع العام والخاص، لها هيكلية خاصة وصندوق خاص يُموّل من خلال وضع رسم رمزي على غرف الفنادق، على سبيل المثال 3 دولارات على غرف فنادق الخمس نجوم، ودولاران على الأربع نجوم ودولار على الثلاث نجوم، وهذا من شأنه أن يعطي خلال سنة مبلغاً يراوح ما بين 8 و 10 ملايين دولار. وأشار كيدانيان الى أن هيئة التنشيط السياحي هي التي تقرر السياسة الترويجية للسياحة اللبنانية وتستثمر في هذا القطاع من خلال الاتفاق مع شركات تنظّم رحلات Charter إلى لبنان من خلال دفع حوافز لهذه الشركات التي توجه زبائنها الى لبنان، الأمر الذي يعود بمردود مباشر على الدولة.
وأضاف كيدانيان أنّ هناك خطة عمل للانفتاح على أسواق جديدة ومنوعة، والهدف منها إمكانية استقطاب سياح جدد مثلاً من روسيا والصين، وسيكون لدى الوزارة لقاءات مباشرة ودعوات لمنظمي رحلات من هذه الدول الى لبنان ليتعرفوا على لبنان ولعقد اتفاقيات معهم.
وفي ما يلي بعضٌ من أبرز المناطق السياحية في لبنان التي تُشكل مقصداً هاماً للبنانيين والأجانب نظراً لتاريخها الأثري وللمناظر الخلابة والأجواء الممتعة التي توفرها:
الأرز
تُعتبر منطقة الأرز من أشهر المناطق السياحية في لبنان، أكان صيفاً أم شتاءً. وهي تشتهر بوجود محمية الأرز، كما تضم أوّل مركز للتزلج في لبنان، بالإضافة الى العديد من الفنادق والمطاعم المحيطة، ومتحف جبران خليل جبران الذي يقع بالقرب منها في منطقة بشري.
اللقلوق
تقع اللقلوق في أعالي قضائي البترون وجبيل، وهي منطقة مذهلة للترفيه عن النفس والانصراف إلى الطبيعة وممارسة كل أنواع الرياضات والنشاطات البيئية والجبلية. تتميز هذه المنطقة ببحيرتها الرائعة في الصيف، وجبالها الشاهقة لممارسة رياضة التزلج في الشتاء. تتضمن هذه المنطقة الكثير من المنتجعات والفنادق والمطاعم التي تستقبل الجميع على مدار السنة.
حريصا
تتميز منطقة حريصا المطلّة على خليج جونية بطابعها الديني، فهي تضم مزار سيدة لبنان المقصود من اللبنانيين والأجانب للصلاة والزيارة. أبرز ما يميز هذه المنطقة هو التلفريك الذي يتيح لك الوصول الى المزار، دون عناء القيادة، وخلال هذه الرحلة القصيرة ستتمتع بمنظر خليج جونية الخلاّب والتعرّف على الأحراج الطبيعية التي تتميز بها هذه المنطقة.
جبيل
تُعدّ جبيل من أشهر الوجهات السياحية في لبنان، فهي مدينة مليئة بالحب والحركة التي لا تهدأ. تتميز هذه المنطقة بشاطئها وبمواقعها الأثرية، الى جانب المطاعم والفنادق والمحال التجارية التقليدية التي تقع في سوقها القديم. تشتهر هذه المدينة بالمهرجانات والاحتفالات على مدار العام، وأهم تلك المهرجانات هو مهرجان بيبلوس الذي يستقطب العديد من المطربين من العالم العربي.
صور
إذا ما قررت التوجه للتعرف على المناطق الجنوبية، فمدينة صور بالتأكيد هي إحدى المحطات التي عليك زيارتها، كونها تتربع على عرش السياحة الداخلية. تتميز هذه المدينة بشاطئها الكبير الذي يعد من أشهر الشواطئ اللبنانية التي يلجأ إليه اللبنانيون للتمتع به صيفاً، الى جانب العديد من المطاعم والمقاهي التي تتوزع بين الكورنيش البحري والأحياء القديمة، إضافة إلى الأسواق التجارية وقلعة صور الأثرية.
جزين
تتوفّر في هذه المدينة كل المقومات لتكون مقصداً للسياحة الداخلية والخارجية، خصوصاً أنها ما زالت على طبيعتها وتحتوي على أماكن سياحية وتاريخية عديدة. تتمتع جزين بجمال طبيعي لما فيها من شلالات وأودية وجبال مرتفعة، إضافة إلى أكبر حقل صنوبر في الشرق الأوسط، وهي تتميز بشلالاتها الشاهقة وبمزارات مريم العذراء، ومغارة فخر الدين الثاني الكبير.
بيت الدين
عشّاق التاريخ والآثار القديمة من المؤكد أنهم سيجدون ما يبهرهم في هذا المكان. هذا القصر الذي يقع في قضاء الشوف يحتوي على جرعة تاريخية وأثرية لا يمكن إغفالها من متعلّقات شخصية وقصص قديمة تجسّد فترة كبيرة وهامة للغاية من تاريخ لبنان. قصر بيت الدين هو بُنيان كبير متميز بجماله، وهو من أروع أشكال الفن العربيّ. يستضيف هذا القصر أيضاً المهرجانات والحفلات الموسيقية والشخصيات الفنية الشهيرة، بالإضافة إلى وجود فندق قصر المير أمين، أحد أفضل فنادق لبنان، بجانبه.
وادي قنوبين
تعتبر بلدة وادي قنوبين من أروع مناظر لبنان، وتتضمن العديد من الأديار، كما يمر فيها نهر قاديشا الذي ينبع من مغارة في أرز الرب الواقعة على أعلى قمة لبنانية وهي "القرنة السوداء". يُعدّ وادي قنوبين أو الوادي المقدس (قضاء بشري في شمال لبنان) من أكثر الأماكن الطبيعية جذباً للسياح في لبنان والعالم، حيث اجتمعت فيه العوامل الطبيعية والبيئية والدينية.
أنفه
تحتل أنفة اليوم مكاناً في المراتب الأولى كوجهة سياحية مفضلة في لبنان، نظراً إلى طبيعتها الجميلة وأجوائها الرائعة، خصوصاً شاطئها الذي يطلق عليه اسم «تحت الريح». وسطع نجم أنفة في السنتين الماضيتين، حيث أصبحت وجهة أساسية للبنانيين والسياح المتوافدين من بلاد الاغتراب، كونها تشبه في ألوانها الزرقاء وبيوتها البيضاء الجزر اليونانية. تتميز هذه المدينة بمطاعم الأسماك البسيطة على شاطئها، وقلعتها الأثرية التي تتميز بالخندق المحفور بكامله في الصخر.
بعلبك
مدينة بعلبك هي واحدة من أهم مدن لبنان السياحية حيث تضم عدداً من المناطق الآثرية الأشهر في لبنان مثل الآثار الرومانية والفينيقية والإسلامية، كما أنها تضم عدداً من مناطق الجذب السياحي والترفيهي الهامة. أهمّ ما يمكنك القيام به في مدينة بعلبك هو زيارة الآثار العديدة أهمها الآثار الرومانية، والهياكل المتبقية من قلعة بعلبك ومعبد باخوس ومعبد فينوس. كما تشتهر هذه المدينة بإقامة العديد من المهرجانات والاحتفالات التي بالتأكيد ستزيد من المتعة إلى رحلتك.
