الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

عن أحمد الذي أُجبر على استبدال حقيبته المدرسية بصندوق خشبي... التحقيق بموته في بداياته

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
A+ A-

حمل هموم الحياة في صغره، فلم يكتب له أن يعيش طفولته بعدما جار عليه الزمن، مجبراً إياه على استبدال حقيبته المدرسية بصندوق خشبي لطلاء الأحذية. في الشوارع كان يتنقل باحثاً عن رزقه الى ان كانت نهايته بطريقة مأسوية بعدما هرب من عناصر فوج حرس مدينة بيروت اثناء مطاردته لتوقيفه... هو أحمد الزعبي المراهق الذي هرب من جحيم الحرب في #سوريا فلحقه الموت حيث ظنّ انه في مأمن منه.

خوف "قاتل"

يوم الثلثاء الماضي، استيقظ احمد (14 سنة) كعادته، مازح افراد عائلته قبل ان يتوجه الى عمله، فلم يثنه البرد القارس عن حمل صندوقه والخروج بحثاً عن رزقه من منطقة بئر حسن، حيث يسكن الى منطقة تلة الخياط وبالتحديد امام جامع السلام. كانت الامور تسير بشكل طبيعي الى ان شاهد ومعه زميله مركبة لحرس بلدية بيروت، خوفه الشديد من توقيفه، دفعه الى الجري محاولاً الاختباء في مبنى، لا سيما بعدما لحق به احد عناصر الحرس، لكنه فجأة سقط في حفرة عن علو 26 متراً لتنتهي حياته ومعها معاناته وحرمانه من ابسط ما يتمناه فتى في عمره.

اكتشاف الكارثة

فقدت عائلة الزعبي ابنها لمدة 36 ساعة، بحثت عنه في المخافر والمستشفيات الى ان استرجعت، كما قال عمه فتحي لـ"النهار": "كاميرات مسجد السلام، حيث بيّنت كيف كان يهرب من الدوريّة". واضاف: "بحثت عنه في المباني المجاورة الى ان عثرت على حفرة في احداها لاكتشف الكارثة"، لافتاً الى انه "قبل سنة قدم أحمد وعائلته المؤلفة من والديه وولدين و7 فتيات الى لبنان من درعا. ظروف الحياة اجبرته على العمل لمساعدة والده في مصروف المنزل، وقد اختار ان يمسح الاحذية بعدما كان تلميذاً في المدرسة، كما انه اعتاد الجلوس امام جامع السلام حيث ينتظر دخول المصلين وخروجهم، يوميته كانت نحو 20 الف ليرة من الصباح حتى الساعة السابعة مساء، بعدها يقصد البيت، يغتسل ويقلّب في هاتفه قبل ان يرقد للنوم".

دعوى ومتابعة

"فتح مخفر الروشة تحقيقاً بقضية احمد بناء على طلب النيابة العامة"، بحسب ما قاله وكيل العائلة المحامي واصف الحركة لـ"النهار"، شارحاً "رفع والد الضحية دعوى، والقضية لها محطات ثلاث، اولها تضارب بيانات البلدية التي تحدثت بداية عن سرقة احمد صندوق الزكاة، ليتبيّن أنّ الأمر غير صحيح، ومحاولة لتكبير جرم الطرف الاخر والتخفيف مما حصل، وثانيها كيفية تعاطي حرس البلدية مع الضحية الامر الذي يطرح السؤال عن مدى تدريب عناصر الحرس، والثالث في ما ان كانوا يقومون بمهمة بناء على تكليف رسمي من عدمه". واضاف: "انتظر الاطلاع على تقرير الطبيب الشرعي وافادة ناطور المبنى، لكن يا للاسف توفيت والدة المحقق، هو الآن في اجازة وسأطلب تسليم الملف الى محقق آخر، لكون القضية لا تحتمل التأخير، كما سأطلب الاستماع الى شهود وحرس البلدية، مع العلم ان الحفرة في المبنى تطرح هي الاخرى اشكالية".

مسؤولية قانونية

"كاميرات المراقبة التقطت ما حصل في الشارع الخارجي وليس الداخلي حيث وقع احمد"، قال الحركة، مضيفاً: "ليست المرة الاولى التي يتم فيها ايقافه، ففي مرة سابقة اعتقل وزميله حيث اجبرا على طلاء غرف في البلدية لمدة ساعات، وفي هذه المرة، لوحق الامر الذي اشعل الخوف في قلبه الى درجة انه كان بإمكانه الاختباء من دون ان يقع، لكن استمر في الجري حتى وقعت الكارثة". وتابع: "على عكس ما قاله الشرطي الذي لحق بأحمد بأنه لم يره يقع، اكد زميل الضحية أنّ أحمد وقف على شرفة وصرخ، وباعتقادي علم الحارس بوقوعه بدليل مغادرته للمكان من دون توقيفه، وهو ما يرتب عليه مسؤولية قانونية لكونه امتنع عن إنقاذ انسان، علماً ان موت احمد ليس مقصوداً لكن بلا شك توجد قلة احتراز".

توضيح البلدية

نشرت دئرة العلاقات العامة في بلدية بيروت توضيحاً حول القضية جاء فيه "على اثر تداول فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي حول مطاردة عناصر فوج حرس مدينة بيروت لأحد ماسحي الأحذية والذي تبين لاحقاً انه توفي اثر سقوطه في منور احد الأبنية بعيداً من مكان تصوير المطاردة وحيث تضمن الفيديو اتهاماً متسرعاً وغير موفق لعناصر الحرس بما آل اليه مصير الشاب ماسح الأحذية. توضح دائرة العلاقات العامة في بلدية بيروت ما يلي:

انه بتاريخ ١٥ /١ / ٢٠١٩ وأثناء قيام دورية من فوج حرس مدينة بيروت بمهمة منع المتسولين والباعة المتجولين وماسحي الأحذية، من التجول في شوارع مدينة بيروت، أوقف أحد ماسحي الاحذية وأثناء نقله في سيارة الدورية افاد عناصر الدورية عن قيام زملاء له بسرقة صناديق الزكاة والصدقات الموضوعة في مواقف السيارات قرب البريستول فتوجهت الدورية الى مكان وجود الأشخاص المذكورين وقام احد عناصر الدورية بمحاولة توقيف الشاب ماسح الأحذية، الذي أفيد عن قيامه بالسرقة، ولكنه لاذ بالفرار من خلال عبوره زاروباً يقع بين بناءين وصولاً الى الشارع الآخر، فغادرت الدورية المكان مصطحبة الشاب الموقوف الذي ترك بعد أخذ إفادته وتنبيهه الى وجوب عدم التجول في شوارع المدينة.

ولَم يعلم العناصر شيئاً عن مصير الشاب الآخر بعد فراره من الدورية وقد تبين لاحقاً انه توفي على اثر سقوطه في منور احد الأبنية من دون ان يكون للعناصر اية علاقة في ما حصل وبعد ان غادروا المكان.

ان عناصر فوج حرس مدينة بيروت يقومون بعملهم في خدمة أهل بيروت وسكانها بكل مناقبية وانضباط وفِي إطار القوانين والأنظمة وان قيامهم بمنع الاعمال المخالفة للقانون او غير المرخصة وتوقيف المخلين بالقانون يتم بكل احترام ودون اي عنف او إساءة. وتوجيه الاتهام إليهم يعد افتراء وتضليلاً.

نطلب من المواطنين الكرام وبخاصة رواد مواقع التواصل، التحقق مما ينقل اليهم واستقاء المعلومات الصحيحة من المصدر الصالح في قيادة الفوج أو من خلال دائرة العلاقات العامة في بلدية بيروت، لكي لا يتكرر نشر مواد غير صحيحة و اتهامات باطلة تعتبر من قبيل القدح والذم. أخيراً تعبّر دائرة العلاقات العامة في بلدية بيروت عن حزنها وأسفها لوفاة الشاب وتتوجه الى ذويه بالتعزية.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم