الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

حقائق تاريخية مهمة عن العلاقات اللبنانية - الألمانية

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
حقائق تاريخية مهمة عن العلاقات اللبنانية - الألمانية
حقائق تاريخية مهمة عن العلاقات اللبنانية - الألمانية
A+ A-

حدثان، لا واحد، أعادا الحماسة للعودة الى تاريخ العلاقات اللبنانية - الألمانية، والبحث عمّا وصف يمكن وصفه بالحقائق المثيرة. ويتمثّل الحدث الأول في زيارة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الى بيروت تزامنا مع عرس كروي عالمي، انعكس مشهدية أعلام ألمانية مرفرفة فوق قرميد المنازل اللبنانية. ولا شك في أن ميركل اختارت وقتاً صائباً للزيارة، رغم أنها ربما لم تتقصّدها، لكنها ومن دون شك، تعود أدراجها فرحة بـ"الألمان" على الطريقة اللبنانية. 

ولا شك في أن الجمهور الألماني في لبنان لن يفرح بالمقاربة التاريخية للعلاقات بين بلده الأم، وموطن الحبّ الكروي. إذ تصنّف سياسة ألمانيا الشرق أوسطية في خانة الضعيفة تاريخياً. وتتحدّث الوقائع التاريخية عن مشروع ضخم يشقّ طريقاً من بغداد الى برلين، اعتزمت ألمانيا تنفيذه سنة 1895، رغبة منها في الإفادة الشخصية من النفط على طرفي سكّة الحديد. تدخّلت بريطانيا بقوّة حينذاك، ومنعت ألمانيا من تحقيق ما سعت إليه. المعطيات التاريخية المذكورة يشرحها لـ"النهار" دكتور التاريخ مروان أبي فاضل، مؤكّداً أن "ألمانيا لم تكن تميّز لبنان بسياسة خارجية خاصة في القرن العشرين نظراً الى ارتباطه المباشر بفرنسا منذ سنة 1920، ما يعدو سبباً إضافياً لإبعاده عن نفوذ الدول الأوروبية الأخرى عموماً وألمانيا خصوصاً". ولا يغيب عن الظن أن "ارتباط لبنان التاريخي بفرنسا كان قد تعزّز في القرن السادس والسابع والثامن عشر، إذ أضحت بلاد الأرز يومذاك في صلب الاهتمامات الفرنسية. وتجدر الإشارة الى أن "علاقة لبنان مع الغرب كانت محصورة بتوسكانا (ايطاليا) في زمن الإمارة المعنية".

جوهرياً، بدأت العلاقات اللبنانية - الألمانية في حقبة دولة لبنان الكبير سنة 1940، ولكنها لم تشكّل أكثر من مجرّد علاقات "فاقعة" - مصطلح يستخدمه أبي فاضل - في ظل حكومة فيشي. ويروي أن "الألمان شكّلوا حينذاك لجنة مشتركة ألمانية - ايطالية لمرافقة أعمال فيشي والسهر على النفوذ الألماني في شرق المتوسط. وارتبطت نظرة ألمانيا الخارجية تجاه الشرق الأوسط بالنفط. وتمحورت أنظار الألمان الى العراق وقناة السويس سعياً منهم الى ضرب طريق الإنكليز الى الهند، ومحاولة كسب النفط العراقي، فدعموا ثورة رشيد علي الكيلاني سنة 1941. مع العلم أن هتلر كان قد قسّم الشعوب بحسب أعراقهم، واعتبر أن الساميين منهم يمثلون العرق الأدنى ولا بد من حكمهم، ولكن ذلك لم يكن يمنع إقامة علاقات معهم خدمة لمصالح الدولة".

ومن هذا المنطلق، يشرح أن "هتلر صنّف اليهود والعرب في المرتبة الدنيا، وتبعهم الأفريقيون الذين اعتبرهم عبيداً. ويأتي اللاتينيون في المراتب المتوسطة من تصنيف هتلر، ومن ثم يأتي دور الفرنسيين. وكان هتلر يحبّ الانكليز كثيراً ويهدف الى اقامة الصلح مع بريطانيا عند انتهاء الحرب العالمية الثانية، وفي رأيه أن توقيع اتفاق سلام معها يتوافق مع نظرته الفكرية الأيديولوجية. وتالياً يحلّ الألمان والاسكندنافيون ومن ضمنهم النمسويون في المرتبة العليا في تصنيف هتلر للشعوب، والى جانبهم الإنكليز. ويعتبر الشعب الجرماني الذي يمثله الألمان الأهم، من وجهة نظر هتلر، التي تقول أن ابداعات العالم حصلت بفضل الجرمان ولا حضارة في غيابهم. ويعتبر ما قاله هتلر جزءاً من منظومة موجودة في اسكندينافيا، إذ ان دولاً عديدة تعتبر شعوبها في المرتبة العليا والشعوب الثانية في مستوى أدنى منها".

وماذا بعد أن خسرت المانيا الحرب العالمية الثانية؟ يقول أبي فاضل "اعتمدت سياسة خارجية واضحة جداً تجاه الشرق تدعو الى السلام، ولم يكن لها سياسة خاصة مع لبنان ولم تتوافر اي إشارات تدلّ على علاقات مهمّة بين البلدين، في الحقبة التي شارف فيها على نيله الإستقلال، ذلك أن بلداناً عديدة اعترفت بلبنان كدولة في هذه الفترة، وعبّرت عن استعدادها لإقامة العلاقات معه، لكن ألمانيا لم تكن من ضمن هذه الدول. ولم تلبث ألمانيا الشرقية والغربية أن أقامت علاقات مع لبنان تباعاً بعد سنة 1948".

ولم يلبث الألمان أن اعتبروا مرحلة هتلر نقطة سوداء في التاريخ لا بد من التخلص منها. ولكن، عندما يحتكم المؤرخون الى النقد الذاتي، وفق أبي فاضل، يقولون أن "هتلر يشبه الشعب الألماني وأن الجرمان كانوا يبحثون عن قائد يشبه هتلر. ولكن اليوم لا بد من تغيير هذه الصورة وبات لدى الألمان حساسية تجاه اي تطرف أو أي حزب يميني. ولكن هل فعلاً تغير الشعب الألماني كلياً؟ بالتأكيد لا، وفي أي منطقة من العالم يبقى العنصر المتطرف، ولكنه حزبيا ليس قويا رغم وجوديته. ويبرز المتطرفون مقابل التطرف المقابل كالتطرف الإسلامي والنزوح الذي يسبب مشكلة في الدول الاوروبية".

ومتى خصّت ألمانيا لبنان بسياسة خارجية خاصة؟ يجيب أبي فاضل أنه "رغم انتهاء الحرب العالمية الثانية والاعتراف بلبنان، الا أن ألمانيا لم ترتبط بسياسة خارجية خاصة معه، بل ارتبطت عموماً بسياستها الشرق أوسطية. استجد عامل اللجوء السوري الكبير الى ألمانيا تحديداً بعد سنة 2011. أراد الأوروبيين مواجهة النزوح واعتبرت ألمانيا على الأثر أن العلاقة مع لبنان مرتبطة باللجوء السوري، ما عزّز العلاقات بين البلدين". ويخلص الى القول أن "المانيا لم تخص لبنان بسياسة خارجية خاصة، بل إن سياستها الحالية معتمدة تجاه النزوح السوري في لبنان وليس تجاه لبنان".


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم