السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

حلم الأمومة تحقق على يدها... إنجاز عالمي بطلته الطبيبة اللبنانية راندا عاقوري (فيديو)

المصدر: "النهار"
مايا صادق
حلم الأمومة تحقق على يدها... إنجاز عالمي بطلته الطبيبة اللبنانية راندا عاقوري (فيديو)
حلم الأمومة تحقق على يدها... إنجاز عالمي بطلته الطبيبة اللبنانية راندا عاقوري (فيديو)
A+ A-

تُعرف بأنها سيدة ليس للاستسلام مكان في قاموسها، وهي تعمل حالياً على القضاء نهائيّاً على العقم لدى النساء، اشتهرت بمنح الأمومة لامرأة سويدية بلا رحم، بعدما أجرت لها عملية زراعة رحم هي الأولى في نوعها بالتعاون مع فريق كبير من الأطباء والباحثين في مستشفى جامعة "غوتنبرغ" السويدية. إنها الباحثة والدكتورة رندا رشو عاقوري، الاختصاصية في الطب النسائي والولادة والعقم.

خلال مسيرتها الطبية المليئة بالاكتشافات والإنجازات، فازت بجوائزعن أحسن بحث زراعة أرحام من دول متعددة كالسويد والصين والبرتغال وأميركا وتونس. كما حصلت على درعيْن تكريميّتَيْن من الدولة اللبنانية، ومن سفارتها في السويد.

في حديث إلى النهار مع عاقوري، عادت إلى تفاصيل انطلاقة أبحاثها الطبية في عالم زراعة الأرحام، وواقع العقم في عصرنا، وحلول طبية حصرية من إنتاجها، تضمن صحة مبيض النساء اللواتي سيخضعن لعلاج مرض السرطان، والتقنية المتطوّرة المتّبعة في عملية زراعة الأرحام، كما تطرقت إلى بحثها الأحدث والواعد بحل مثالي يتفوّق على خيار زراعة الأرحام، من حيث الإيجابيات. 

حكاية مثابرة   

علمنا أن أمرأة واحدة من بين 500 امرأة تحتاج إلى رحم. والدكتورة رندا ساهمت في ابتكار زراعة الأرحام بإشراف أستاذها البروفسور ماتس برانستروم، المتأثر بفكرة مريضته، التي اقترحت عليه زراعة رحم لها، بعدما أخبرها بضرورة استئصال رحمها بسبب إصابتها بالسرطان، وبأنها لن تتمكّن من الإنجاب. بقي هذا الاقتراح يراوده، فعرضه على عاقوري، التي أبدت حماسة كبيرة وباشرت إجراء الأبحاث على الحيوانات، بدءاً من العام 1999.

أجرت عاقوري تجارب على الفئران وتمكّنت من نقل رحم من فأرة إلى أخرى، مجتازةً كل الصعوبات التي اعترضتها، من بينها صغر قطر أكبر شريان للفأرة، الذي بلغ سبعة أعشار الميليمتر. في العام 2001، تُوّج نجاح هذه العملية بولادة الفأرة، ما أثبت أنّ التقنية التي اتّبعتها عاقوري ينتظرها مستقبل باهر.

استمرت الأبحاث في هذا المجال في السويد 17 عاماً، انضم في خلالها الكثير من الباحثين والأطباء والممرضات إلى الفريق، ليصبح مؤلّفاً من 30 شخصاً. بعد الفئران، طُبّقت التجارب على الجرذان والنّعاج والقرود.

في العام 2012، حصلت مع الفريق السويدي على رخصة من وزارة الصحة السويدية، تسمح لهم بإجراء التجارب على الإنسان، فأجروا 9 عمليات، نجحت 7 منها.

بالأرقام

يبلغ عمر الطفل المولود من أول رحم مزروعة 3 سنوات و8 أشهر وهو بصحة ممتازة. وترى الدكتورة رندا أن نسبة نجاح عملية زراعة الأرحام، التي أُجريت تتخطى الـ 80%. أما نسبة الحمل ما بعد الزراعة، فتبلغ 100%، بينما تصل نسبة ولادة الأطفال من الرحم المزروعة إلى 86%.

خدمة وطنية بامتياز

وُقّعت اتفاقية تعاون دراسي وبحثي بين الفريق السويدي في"جامعة غوتنبرغ" في السويد، واللبناني التابع لمركز "بلفو الطبّي" في لبنان، بمباركة عاقوري، التي تسعى إلى جعل بلدها الأمّ لبنان، مركز زراعة الأرحام للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا.

 ما لا يُسمح به والصفات الطبية المثلى للواهبة

تلفت الدكتورة رندا إلى أن أخلاقيات الطب لا تسمح للمرأة بوهب رحمها إذا لم تكن قد كوّنت عائلتها. ومن المفضّل أن تكون الواهبة قريبة المتلقّية. أما إذا كانت المتبرعة غريبة، فإنها تخضع لفحص "ميس ماتشينج" للتأكد من توافر تطابق في الأنسجة على الأقل، لتفادي رفض الجسم الكلي للعضو الجديد.

وتشير إلى أن هناك 3 أمور يجري التركيز عليها طبياً قبل اتخاذ قرار الزراعة. أولاً، تطابق الدم والأنسجة و"الأجنّة الوراثية" بين المتلقية والواهبة، شرط أن تكون الأخيرة غير مصابة بأمراض السكري والضغط. ثانياً، ألّا تتعدى فترة ما بعد الطمث الـ 7 سنوات. ثالثاً، أن تكون الرحم قد خاضت تجربة الحمل والولادة، وذلك للتأكد من صحتها وفعاليتها.

  تعاون طبي روّاده لبنانِيّان

مسبّقاً، جرى تعاون طبي بين السويد وفرنسا، وتحديداً مع رئيس مركز "فوش" الدكتور اللبناني الفرنسي جمال الأيوبي، الذي تعرفت إليه خلال مؤتمر دولي عُقد في بلدها الثاني السويد، حيث حضره كل الأفرقاء المهتمين بعالم زراعة الأرحام. وقد تدرب الفريق الفرنسي على زراعة أرحام النعاج في السويد، بالتعاون مع الفريق السويدي وإشرافه. في المقابل، دعا الأيوبي عاقوري والبروفسور ماتس إلى زيارة جامعة "فوش" في باريس، ليتعرفا إلى كيفية إنجاز العمليات بواسطة "الروبوت".

حصلت عاقوري على ترخيص من الحكومة السويدية يسمح لطاقمها بإجراء عشر عمليات زراعة أرحام بتقنية "الروبوتكس". أُنجزت اثنتان منها في العام 2017، والعمليات الثماني الباقية ستُنجز في العام 2018.

 إيجابيات إدماج تقنية "الروبوتكس"

تقول عاقوري إن رحم الواهبة تُستخرَج من البطن لا من المهبل كي لا تتعرّض لأيّ إصابة. وتضيف إنّ عمليات زراعة الأرحام الحديثة باتت أسرع وأسهل، لكونها تُجرى بتقنية توفّر منظراً ثلاثيّ الأبعاد، ما يسمح بالعمل أعمق داخل الحوض. علماً أن تقنية "الروبوتكس" ليس لها علاقة بزيادة نسبة نجاح العملية.

حالياً تحاول مع فريقها رفع نسبة العمل بواسطة الروبوت إلى 60%، وذلك لتقليص مدة العملية اليدوية، التي تخضع لها الواهبة من 12 ساعة، لتصبح من 6 ساعات إلى 8 ساعات، إلى جانب الاكتفاء بإحداث فتحة جرح أصغر من المعتاد.

أمّا بالنسبة إلى وضع العقم، فتعلّق بأنه لم يعد هناك استحالة في معالجته، حتى إذا أُصيبت المرأة بمرض السرطان. فقد بات ممكناً أن يأخذ الأطباء أجزاء من مبيضها قبل خضوعها لجلسات "الكيمو ثرابي"، يفرزونها حتى انتهائها من العلاج، ومن ثمّ يزرعونها من جديد داخل رحمها، حيث يصبح بإمكانها الحمل.

 واقع واكتشاف

تفيد الدكتورة رندا بأنّ الأشعة التي تتعرض لها المريضة تسبّب انكماش البُييضات، لذلك يلجأون إلى أخذ أجزاء متعدّدة من المبيض وهي في حالة سليمة، قبل التعرض للأشعة، التي بدورها تقتل البييضات على درجة 50. ولكن تبيّن لعاقوري في أحد الفحوص أنها إذا أُخذت أجزاء منه ورُدّت بعد الانتهاء من العلاج الشعاعي، فإن هناك احتمالاً ضئيلاً جداً لإعادة المرض إلى الجسم.

"عصفوران بحجر واحد"

إن الفكرة التي توصلت إليها هي أخذ المبيض كله لا أجزاء منه، ومن ثم وصله بآلة تكون خارج جسم المريض، يتلقّى من خلالها الهرمونات والغذاء، الذي يحتاج إليه، وبالتالي تكبر الـ"فوليكس" وتُنتج بييضات. "تفرز" البييضات كاملة حتى تلقيحها مع الحمض النووي الخاص بشريك المريضة، ومن ثم تردّ البييضات الملقّحة إلى رحم المريضة. وبهذه الطريقة يصبح المرض الخبيث في جسم المريضة يعادل نسبة الصفر، مع ضمان صحة مبيضها.

 ابتكار قيد الإعداد سيغيّر حياة كثيرات

نظراً إلى عدم توافر أو صعوبة تأمين واهبة رحم مناسبة، بدأت عاقوري منذ 4 سنوات، مع طاقمها الطبي، إجراء بحث يتعلق بخيار تكوين رحم اصطناعية في المختبر، بواسطة الخلايا الجذعية الخاصة بالمريضة، التي يلجأون إلى زراعتها على الرحم المفبركة. وفور التأكد من جاهزية فعاليتها يزرعونها داخل جسم المتلقّية. تبشّر بأن نجاح هذا البحث سيحقق نتائج فظيعة تفوق عملية زراعة الأرحام.

   إيجابياته

تعرض الدكتورة رندا ميّزات هذا الابتكار، فتوضح أنه إذا زُرعت هذه الرحم الاصطناعية في جسم المريضة، وحضنت جنيناً، فهي لن تحتاج إلى أخذ أدوية رفض الجسم للرحم، على غرار حالة الحمل بواسطة رحم واهبة. كما أن استعمال الرحم الاصطناعية يلغي الحاجة إلى إجراء عملية لواهبة ما. وحالياً تطبِّق هذا البحث على الجرذان والنعاج.

    رسالتها

ترى الدكتورة رندا أنّ الأمومة والقدرة على الإنجاب حاجة وحق إنساني تطلبهما معظم النساء، وتشير إلى أن خسارة المرأة لرحمها، أو ألّا يكون لديها رحم منذ ولادتها يُشعرها بالنقص. هي كامرأة وأمّ وطبيبة تتعاطف مع المريضات اللواتي لديهن مشاكل في الإنجاب، وتساعدهن على أن يصبحن أمهات في المستقبل، ما يعزّز شعورهن بالكمال.

تشكر رندا ربها لتسخيرها لهذه المهمة وتنويرها وتيسير خطوات نجاحها. وتنهي حديثها برسالة توجّهها إلى طالبي النجاح تضمّنها شرحاً للسر في نجاحها: "لما بدّو الإنسان يشتغل شغلى لازم يآمن فيها "بقلبو وربو".. يعنى أنا كنت قضّي 24 ساعة أعمل فيها بحث ورا بحث على الفئران لنجحو، يمكن لو استسلمت من بكير يعني "أبو شهر وشهرين"، إنو شو هايدى ما عمتنجح الأبحاث، ما كنت توصلت للّي توصلنالو، ولكن الهمة القوية والعناد والمثابرة والثقة في تحقيق النجاح، وحب ما أفعله، إلى جانب الدعم الذي تلقيته من زوجي ميشال، الذي ساهم في تشجيعي على تحقيق الإنجاز، كلها عوامل أدت إلى تحقيق هذا الإنجاز العلمي...". وأخيراً توجه كل الشكر إلى شريك حياتها

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم