24-10-2017 | 22:26

اللامركزية بين ضرورة إقرارها ومخاوف التفتيت... بارود لـ"النهار": تقدم مرض في درس مشروع القانون

اللامركزية بين ضرورة إقرارها ومخاوف التفتيت... بارود لـ"النهار": تقدم مرض في درس مشروع القانون
اللامركزية بين ضرورة إقرارها ومخاوف التفتيت... بارود لـ"النهار": تقدم مرض في درس مشروع القانون
Smaller Bigger

تعيش أوروبا منذ زمن ليس ببعيد تجارب مختلفة من اللامركزية، وتجمع بذلك تراكم خبرات ونماذج، وتسير على خطاها بعض الدول العربية كالأردن وتونس، في حين أنه في لبنان، وبعد مرور 27 عاماً على إقرار اتفاق الطائف و"الإصلاحات" التي نص عليها، وفي طليعتها اللامركزية الادارية الموسعة، لا تزال الأخيرة سراباً يجري بحثها وكأنها مشاريع جديدة. 

تأسيسا على هذا، عقدت في مجلس النواب جلسة دراسة مقارنة عن اللامركزية الادارية في بعض الدول العربية والعالم، تزامنا مع مناقشة اللجان النيابية مشروع اللامركزية الادارية قبل إنجازه وطرحه على الهيئة العامة للمجلس قريبا.

وزير الداخلية السابق زياد بارود أشار عبر "النهار" الى أن "درس مشروع قانون اللامركزية الذي تقدمت به لجنة مختصة برئاسته، يتم أسبوعيا في اللجان النيابية، ويسجل تقدم مرض جدا"، لافتا الى أن "مشروع القانون لا يهدف الى التقسيم بل ينطلق من اتفاق الطائف الذي دعا الى اعتماد اللامركزية الموسعة. وانطلاقاً من ذلك عملنا على لامركزية تحترم وحدة الدولة وتصر عليها، والمشروع يجعل المشاركة المحلية أوسع ويعطي التنوع اللبناني مداه على المستوى المحلي، من دون الانفصال عن الدولة اللبنانية، وكل كلام عن أن المشروع تقسيمي مرفوض". واعتبر أن "اللامركزية قد تحد من سيطرة الزعماء السياسيين الا أنها خيار إستراتيجي وطني وليست خيارا سياسيا بمعنى "الزواريب"، وهي تؤدي اذا ما اعتمدت بالصيغة المقترحة، اي مع إمكانات مالية كافية، الى انتقال المواطن من معادلة الولاء مقابل الخدمات الى معادلة الضرائب والرسوم مقابل الخدمات، لان المطلوب نقل المواطن من حالته الزبائنية الى حالة مواطنية بالكامل".

وأكد بارود أن "تقسيم القضاء يسمح بالمساءلة بصورة أفضل، لان انتخاب أعضاء مجالس الاقضية سيتم على أساس النسبية ليكون الجميع ممثلا، وبالتالي التمثيل للجميع لا يؤدي فقط الى ديموقراطية أكثر إنما يؤدي عمليا الى رقابة أفضل من الداخل، من أطراف لم يكونوا معا في الانتخابات، وسيسمح ذلك برقابة داخلية معززة اكثر"، مشددا على أن "اللامركزية لا تلغي الرقابة الشعبية التي تبقى قائمة أيضاً على مستوى الهيئة العامة في مقابل مجلس الادارة".


الأردن

وتحدث الاكاديمي الاردني علي الخوالده عن تجربة الأردن الأولى مع اللامركزية الادارية التي اختبرها الأردنيون عبر اختيار ممثلين في "مجالس المحافظات"، في مسعى من المملكة الاردنية الى إيجاد حل لتركّز الثروة والسلطة السياسية وتخفيف الضغط عن العاصمة.

من المؤكد أن هذه المجالس ستشكل وسيلة تتيح للأردنيين أن يكون لهم رأيٌ أكبر في تحديد آلية حكمهم عبر السماح للمسؤولين المحليين بتأدية دور في اتخاذ القرارات، وتحديداً في مجالات التخطيط والنمو والتمويل، وبالفعل بدأت الحكومة المركزية بتشكيل لجان لتعديل تشريعاتها بحسب حاجات المناطق التي حددتها المجالس المحلية، إلا أن التجربة خلقت تضارباً بين صلاحيات المجالس المحلية والبلدية، فالمجالس المحلية أصغر حجماً وتتمتع بصلاحيات أقل من المجالس البلدية، مما يعني أن هذا النمط من اللامركزية يحتاج الى إعادة نظر.

كذلك تبين أن قانون اللامركزية سيساعد في تفرغ النواب للتشريع ومراقبة أداء السلطة التنفيذية، إذ ستصبح القضايا الخدماتية من صلاحيات مجلس المحافظات، وهو أمر لم ينظر إليه النواب بعين الرضى، متمسكين بالدور الخدماتي الذي يرون فيه ضمانا لإعادة انتخابهم. ومن الثُغَر أيضاً وجود خلط واضح لدى المواطنين وحتى المرشحين بين صلاحيات مجالس المحافظات والمجالس البلدية، ومجلس النواب، لذا كان يجب تكثيف حملات التوعية على دور المجالس كافة قبل خوض الانتخابات، على أن تستهدف هذه الحملات النخب والمواطنين على اختلاف مستوياتهم.


تونس

وعرضت استاذة الحقوق التونسية جنان الامام الخطوة الأولى التي تخطوها تونس نحو اللامركزية، فمنذ شباط 2014، ينتظر التونسيون موعد الانتخابات المحلية التي ستجرى في 17 كانون الثاني المقبل، لتطبيق ما جاء به الدستور الجديد لبلادهم، الذي نصّ على مبدأ اللامركزية، ويراهن أغلبيتهم على هذه الانتخابات وما ستفرزه من مجالس بلدية وجهوية لتركيز مؤسسات حكم محلي حقيقية تكون حلقة وصل بين المواطن والسلطة المركزيّة، وتمكنهم من المشاركة في إدارة شؤونهم بأنفسهم وتخفف وطأة السلطة المركزية.

إلاّ أنّ اجراء هذه الانتخابات دون المصادقة على مجلّة "الجماعات المحلية"، سيضع حدّا لهذه الانتظارات، وسيؤجّلها إلى انتخابات أخرى، وتهدف مجلة "الجماعات المحلية" المنتظرة، إلى وضع إطار تشريعي موحد لعمل المجالس المحلية المنتخبة يستجيب للمبادئ العامة للدستور ومعايير الحوكمة المحلية، وتؤسس لمنظومة جماعات محلية على ثلاثة مستويات: البلديات والجهات والأقاليم.

وتعد مصادقة مجلس نواب الشعب في تونس على القانون الانتخابي الذي سينظم الانتخابات البلدية بمثابة وضع الخطوة الأولى على طريق اللامركزية، في انتظار استكمالها عبر المصادقة على مجلّة "الجماعات المحلية"، ليتسنى من بعدها للتونسيين تقييم تجربتهم الاولى مع اللامركزية.


بقدر ما تبدو كل القوى السياسية اللبنانية مقتنعة بضرورة اعتماد اللامركزية الادارية، تتعامل هذه القوى بحذر شديد مع مقاربة إقرارها، مما جعل الخطى بطيئة، فاللامركزية تثير المخاوف من تكريس استقلالية الجماعات المذهبية وتعزيز هيمنة زعاماتها، وإطلاق يدها في التصرف بالأملاك العامة، ويرى البعض في هذا الوسيلة المثلى لتنصّل السلطة المركزية كلياً ونهائياً من مسؤولية الإنماء المتوازن. وبالطبع لا يمكن استيراد قانون لامركزية من بلد ما وترجمته وتطبيقه في بلد آخر، لانه يجب تكييف الواقع اللامركزي مع خصوصيات كل بلد، لكن من المفيد جداً النظر الى تجارب دول تشبه لبنان في الكثير من الأمور، على مستوى الثقافة وآليات العمل والأداء المحلي حين تقرر جديا القوى السياسية اللبنانية السير باللامركزية.


الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/19/2025 7:20:00 PM
 برز اسم عشائر غزة  كأحد السيناريوهات المحتملة لإدارة الشؤون المدنية، خاصةً في ظل رفض عودة حكم حركة حماس، وغموض دور السلطة الفلسطينية.
المشرق-العربي 10/20/2025 8:26:00 AM
اعتبر ويتكوف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "قاد بلاده في ظروف صعبة".
اقتصاد وأعمال 10/17/2025 6:25:00 AM
لماذا ترتفع الأسعار؟ تتضافر الأسباب بين طقسٍ متقلّب في بلدان المنشأ، ومخزوناتٍ محدودة، وتوازنٍ دقيق بين العرض والطلب.