السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

كيف يمكن إيقاف عمليّات الدهس الإرهابيّة؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
كيف يمكن إيقاف عمليّات الدهس الإرهابيّة؟
كيف يمكن إيقاف عمليّات الدهس الإرهابيّة؟
A+ A-

الهجمات التي تستخدم سيّارات أو شاحنات أضحت علامة فارقة في الأساليب الإرهابيّة التي يستخدمها داعش وفروعه لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا. وانتقل هذا الأسلوب الوحشي إلى مجموعات إرهابيّة أخرى كما جرى الأسبوع الماضي في #تشارلستون حين هاجم فتى عشريني من "المتفّوقين البيض" مظاهرة مناهضة للفاشيّة، فاتلاً امرأة وجارحاً عشرين آخرين. 



الهجمات الانتحاريّة "تخلي الساحة" لعمليّات الدهس

هذا النوع من الهجمات يتطلّب القليل من المجهود والتخطيط والتمويل لاكتمال تنفيذه، هذا إذا كان أصلاً بحاجة إلى هذه التحضيرات. ولأنّ كلّ سيّارة يمكن أن تتحوّل إلى أداة قتل فتّاكة، تصبح عمليّات ضرب المخطّطات الإرهابيّة وإفشالها قبل شنّها مساراً بالغ التعقيد إن لم يكن مستحيلاً في معظم الحالات.

برشلونة، ستوكهولم، نيس، برلين، مانشستر وغيرها هي دليل بارز على تنامي العمليّات الإرهابيّة المستندة إلى الدهس بواسطة الشاحنات والسيّارات. أو كما تقول إيرّول ساوثر المديرة التنفيذيّة لمشروع حماية البنى التحتيّة من الإرهاب في شركة "تال غلوبال" للاستشارات الأمنيّة إنّ التفجيرات الانتحاريّة "أخلت الساحة" لصالح عمليّات الدهس. وتشير في حديثها إلى موقع "سيكيوريتي إنفو ووتش" إنّ القادة الإرهابيّين يفهمون عدد الضحايا الذين يمكن أن يسقطوا بسبب هذه الهجمات "لكن الأهم، إنّهم يفهمون التداعيات النفسيّة" لتلك الهجمات وأهمها الخوف الدائم.



"سنبقى معرّضين دائماً"

في أيّار الماضي، أصدرت وزارة الأمن الداخليّ في الولايات المتّحدة تنبيهاً لشركات بيع الشاحنات من احتمال سعي الإرهابيّين إلى شراء أو استئجار أو حتى سرقة شاحنات بقصد القيام باعتداءات إرهابيّة. غير أنّ الشاحنات ليست المركبات الوحيدة التي يمكن للإرهابيّين استخدامها بل حتى السيّارات الصغيرة يمكن أن تكون أداة جرميّة مناسبة للمعتدين. المساعد السابق لمدير ال "أف بي أي" والخبير في تأمين وسائل للأمن للفاعليّات المختلفة رون هوسكو قال لشبكة "سي بي أس نيوز" إنّه يمكن حماية المراكز الكبيرة والتي يُحتمل أن يستهدفها الإرهابيّون. لكن "لا يوجد أي طريقة" لحماية جميع المدنيّين في كلّ الأماكن. "سنكون دائماً معرّضين" لهكذا اعتداءات.


"قنبلة جديدة"

عن تلك الهجمات، يكتب أيضاً فيليب ويليامز، مراسل الشؤون الخارجيّة لشبكة "أي بي سي" الأستراليّة، أنّها تعطي الإرهابيّين أساليب القتل والدمار من دون الحاجة إلى خبرة أو تدريب أو الانضمام إلى المنظّمات. "إنّ سيّارة مسرعة أو شاحنة صغيرة أو كبيرة هي القنبلة الجديدة وأيّ شخص يمكن أن يصنعها". يشير ويليامز إلى أنّ أساليب إيذاء الناس تتبدّل لكنّ النيّة دائماً هي واحدة. "رجل، مركبة، ونيّة قتل هي كلّ ما يحتاج إليه (الإرهابيّون). ولا يوجد الشيء الكثير لفعله كي نحمي أنفسنا من هذا التهديد".



الحلّ بحمل السلاح؟

انتفاء الحيلة أمام هجمات إرهابيّة مفاجئة كهذه ليس قدراً بحسب كثيرين. لكنّ الحلّ لهذه المعضلة جذرّي بالنسبة لهذا البعض، ويمكن ألّا تكون واقعيّة في كثير من الأحيان. في شهر تمّوز من العام الماضي، اجتاحت شاحنة عدداً من المارّة في مدينة #نيس الفرنسيّة الأمر الذي أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصاً. عقب الهجوم، كتب الصحافيّ آور هوكينز مقالاً في موقع "بريتبارت" الأميركيّ عن مدى إمكانيّة نجاح الفرنسيّين في إيقاف المعتدي لو كان المارّة مسلّحين. بطريقة أخرى، دافع الكاتب عن الدستور الأميركيّ الذي يحمي حقّ المواطنين بحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم سائلاً قرّاءه: "هل أمكن لهكذا اعتداء النجاح لو كان لتلك الدولة تعديلٌ ثانٍ؟". وأكّد أنّ هجوماً كهذا ما كان لينجح لو حصل في ولاية تكساس الأميركيّة مثلاً.


الاعتداءات تنجح حيث السلاح محظور

لكن ماذا عن تصاعد عمليّات القتل العشوائي في الولايات المتّحدة بسبب انتشار السلاح بشكل واسع؟ كان الهجوم على ملهى #أورلاندو من بين أبرز الأدلّة على ضرورة معالجة تفلّت حمل السلاح وإيجاد ضوابط قاونيّة جديدة له على الأقل. لكنّ هوكينز لا يغفل هذا الواقع وإنّما يجابهه بواقع آخر وهو أنّ الاعتداءات الإرهابيّة التي تحقّق أهدافها هي تلك التي تحدث غالباً في أماكن محدّدة يحظّر فيها حمل السلاح كما جرى في #سان_بيرنادينو وأورلاندو نفسيهما. ويعيد التأكيد أنّه لو تمتّع المواطنون بحقّ حمل السلاح في أماكن الاعتداءات لانخفض عدد الضحايا بشكل ملحوظ، لأنّه يمكن عندها قطع العمل الإرهابيّ في بدايته.


إجراءات "فعّالة حقّاً"

بعيداً عن الحلول المتطرّفة، طرح مارك كاسياني سابقاً في موقع هيئة الإذاعة البريطانيّة "بي بي سي" فكرة أنّ "العيش في مجتمع حرّ ومنفتح" يحتّم عدم قدرة أي بنية أمنيّة تحتيّة في إزالة التهديدات التي يمكن أن تطال أبناء هذا المجتمع. لكن بالرغم من ذلك، هنالك أساليب تسمح بالتخفيف من تداعيات هجوم كهذا، إذ بالنسبة إليه هنالك دول مثل الولايات المتّحدة وبريطانيا وغيرهما قد استطاعت التوصّل إلى إجراءات أمنيّة "فعّالة حقّاً" لحماية المواطنين. ويشير إلى "الاستعمال الخلّاق" للحواجز الخاصّة القادرة على استيعاب الصدمات التي طبّقت بالقرب من المباني الحكوميّة. لكن مجدّداً، هذه الإجراءات قد تفشل في المساحات الكبيرة البعيدة عن المؤسّسات الرسميّة. كاسياني يجيب على هذا التساؤل بالقول إنّ السلطات البريطانيّة أصدرت "توجيهات تخطيطيّة" إلى القوى المحلّيّة بما فيها أندية كرة القدم للتعامل الوقائيّ واللاحق مع اساليب إرهابيّة مشابهة. ويؤكّد أنّ السلطات لا تقول "ضعوا مكعّب الإسمنت هنالك" وحسب بل تقدّم مجموعة من الإرشادات والحيل للتخفيف من آثار عمليّات كهذه.

ويؤيّد غريغ هام، نائب مدير التسويق والمبيعات في "شركة دلتا العلميّة" التي تصنّع الحواجز الإسمنتيّة المختلفة وجود حلّين لهذه الاعتداءات. ويقول ل "سيكيوريتي إنفو ووتش" إنّ الحلّ الأوّل هو الحواجز المحمولة بينما الثاني يكمن في استخدام بعض عواميد ربط الحبال القصيرة والمتينة (bollards). فالأولى يمكن نقلها إلى الأماكن المقصودة خلال 15 دقيقة. أمّا العواميد فإمّا أن تكون ثابتة أو قابلة للتحكّم اليدوي. وقال إنّ بعض حواجز شركته تستطيع التصدّي لشاحنات وزنها حوالي 7 أطنان وتسير بسرعة 75 كيلومتراً تقريباً. وتمكّنت هذه الحواجز إيقاف سيّارات مفخّخة أرادت استهداف قنصليّتين أميركيّتين واحدة في افغانستان (2013) وأخرى في باكستان (2010). لكن تبقى كلفتها عائقاً لدى بعض البلديّات والسلطات المحلّيّة كما يختم هام.











الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم