الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

نحن نموت كل يوم وهم يحتفلون بشاربي دالي المعقوفين!

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل
نحن نموت كل يوم وهم يحتفلون بشاربي دالي المعقوفين!
نحن نموت كل يوم وهم يحتفلون بشاربي دالي المعقوفين!
A+ A-

اصبحت اليوم على يقين تام اننا عالم ثالث، او حتى نسكن على سطح هذه الارض دون ان يرانا احد. نحن "اسراب" بشر بل "ظلال" اناس يعيشون على هامش الحياة. اولاد اليمن يموتون من الخوف والجوع واليتم، مدن سوريا تحولت انقاضاً، الموصل مدينة اشباح، القدس ترزح تحت بطش الصهاينة، والعالم يتفرج علينا، ونحن نصبح اشلاء أو نحذف عن خريطة العالم

هذا كلام منطقي ولا ينبع من يأس، بل يقارب الواقع. هذا الوجع الذي نحياه مذ وجدنا على هذه الارض، لا يثير انتباه الاقلام الحرة في العالم المتحضر، لان اولوياتها هي ما يجري في اسرائيل.

انها معجزة!

نحن نموت احياء، والعالم المثقف في اوروبا يتابع باهتمام لافت تصريحات نارسس باردالت، محنط جثمان الرسام الشهير العالمي سلفادور دالي. وقد طمأن محبيه عبر مقابلة للتلفزيون الاسباني المحلي الى أن "شاربه لايزال سليماً، بدرجة 10 على 10، مثلما كان يرغب". وأضاف: "إنها معجزة، ودالي سيكون معنا لفترة طويلة".



لا اسمح لنفسي بأن أنتقص من هالة دالي، رائد اساسي من رواد المدرسة السوريالية، ومن مقامه الفكري والفني. لكن الصفحات الثقافية في كبريات الصحف الاجنبية، وعلى رأسها صحيفة "تلغراف" البريطانية، تابعت هذا الحدث، ولاسيما في عددها الصادر في 21 منه، حيث نقلت عن باردالت انه عثر على جثمان دالي في الحالة نفسها التي دفن فيها منذ 28 عاماً".

ووصف ما رآه عند فتح جثمانه، لمحطة راديو كاتالان الاسبانية: "شاربه لا يزال سليماً، تماماً كما كان يحب في الماضي، إنها معجزة». ووصف اللحظة التي وضع فيها عينيه على دالي: "وجهه مغطى بمنديل حرير - منديل رائع، وعندما تمت إزالته، كنت سعيداً لرؤية شاربه سليماً، لقد تحركت تماماً. يمكن أن نرى أيضا شعره".

شعور مختلف!



من يتابع هذا الحدث الفني في الاقسام الثقافية التابعة للنشرات الفرنسية او الصحف الناطقة باسمها يشعر بكبرياء عند قراءة الوصف الدقيق لاكتشاف جثة دالي، ولاسيما انه نبش "رفاته في تسوية مطالبة بالأبوة التي طال انتظارها من عرافة تبلغ من العمر 61 عاما، وتصر على أنها طفلته الوحيدة".

اما نحن فغاب عن كتاباتنا اي معنى للقضية، اي رائحة للتراب او الانتماء الى الأرض، فيما اعلامهم يعزز مجد دالي، ويتوقف عند مذكراته ولاسيما عند كلامه عن شاربيه: "لن يكون شاربي محبطاً مأسوياً مرهقاً كالضباب، سيكون خطاً رفيعاً، امبريالياً، لا معقولاً".

شعرت الاقلام الصحافية باندفاع للعودة الى شاربي دالي، مذكرين " السادة المشاهدين " او السادة القراء" كيف كان يهتم به،ويضع عليه الشمع ليرفعه إلى أعلى، وقد قلده كثير من الرجال طوال عقود من القرن العشرين. وقد عرض عليه بيع جزء من شاربه بـ 10 الاف دولار، لكنه أرسل للمشتري شارباً مزيفاً من العشب المجفف، في محاولة لابعاد السحر عنه.

ويبقى الحل الوحيد، ان نتمثل بشخصية دالي الغريبة والمثيرة، مقتبسين منه قوله المأثور عن نفسه:" الفرق الوحيد بيني وبين المجنون هو أنني لست مجنوناً"، او ان نسير على خطاه ونتمسك بنصيحة منه: "إذا أردت أن تكون مثيراً للاهتمام، فعليك أن تكون مستفزاً".

[email protected]

Twitter:@rosettefadel


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم