الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

لماذا يروّج "المستقبل" انه كسب الجولة على الآخرين في الجلسة الحكومية الاخيرة؟

المصدر: "النهار"
ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
لماذا يروّج "المستقبل" انه كسب الجولة على الآخرين في الجلسة الحكومية الاخيرة؟
لماذا يروّج "المستقبل" انه كسب الجولة على الآخرين في الجلسة الحكومية الاخيرة؟
A+ A-

في اعقاب الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء انطلقت حزمة مواقف لوزراء وشخصيات محسوبين على "تيار المستقبل"، بينهم وزير شؤون النازحين السوريين معين المرعبي، اوحت كلها بان وزراء "التيار الازرق" قد شكلوا منظومة دفاع حالت دون مضيّ الذين حملوا الى جلسة المجلس رؤية أعدّوها للتخلص من اعباء النزوح السوري، مبتدأ ترجمتها العملانية فتح قنوات التواصل والتنسيق مع الدولة السورية بغية توفير ظروف تغري هؤلاء النازحين بالعودة الآمنة والكريمة.  

وأبعد من ذلك، اوحت هاتيك المواقف والتسريبات اللاحقة بها ان هذا الامر انقذ الحكومة من الانفراط واعاد الاعتبار الى خط احمر عنوانه العريض: ممنوع مقاربة الملفات الخلافية في مجلس الوزراء. وهو ما دفع بعض الاعلاميين الى الاستنتاج ان رئيس الحكومة سعد الحريري اعاد من خلال هذا السلوك الاعتراضي الاعتبار الى "قواعد التسوية" التي كانت اساس استيلاد الحكومة الحالية بعد فترة قصيرة على اجراء الانتخابات الرئاسية التي مهدت الطريق امام العماد ميشال عون للعودة بصورة كاملة الشرعية الى قصر بعبدا رئيساً للبلاد، وحالت في الوقت عينه دون تكريس خط آخر.

وبناء عليه تولّد لدى المراقبين اقتناع مفاده ان فريق "تيار المستقبل" حاول غرس واقعة جوهرها انه جعل الجلسة الاخيرة للحكومة وموضوع النزوح السوري وما اندرج تحته من عناوين منصة لتكريس جملة بنود ومسلّمات تتصل بأداء الحكومة مستقبلا وبطبيعة العلاقة بين مكوناتها، تقوم على الاسس الآتية:

- انه ممنوع المضي قدما في معالجة الملفات ذات الطبيعة الخلافية او حسمها او حتى اخذها الى حيز التصويت عليها تحت ذريعة الحفاظ على ديمومة الحكومة.

- ترسيخ الاعتقاد نهائيا بان هناك تسوية غير مرئية تحكم عمل الحكومة واداءها ويتعين على الجميع الانضباط تحت سقفها.

- بذا يكون الفريق عينه ("المستقبل") قد وضع كل مكونات الحكومة في جلستها الاخيرة امام خيارين لا ثالث لهما: إما الالتزام بـ "قواعد التسوية واللعبة"، وإما عليهم تحمّل تبعات الاعتراض والتحدي التي قد تبلغ حدود فرط عقد مجلس الوزراء.

وحيال ذلك طُرح السؤال عما اذا كانت هذه الايحاءات التي لاحت اخيرا دقيقة وتعكس فعلا صورة جلية عن مسار النقاشات والاجواء في جلسة الحكومة الاخيرة، وما يمكن ان يليها من جلسات؟

يؤكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصو في اتصال مع "النهار" ان في مثل هذا الامر "مغالطات وتمويهاً للحقائق". ويقول: "ان الذين اطلقوا مثل هذه الاجواء وروّجوا لها يفترضون بطرحهم اولا ان جو النقاشات في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء لم يبلغ درجة من الحدة يمكن معها الخروج باستنتاج ان الامور قد لامست حدود الازمة وقاربت حدود الانفجار. وهذا كلام غير دقيق اطلاقا، فالنقاش والتداول كانا ضمن المعقول والمألوف حول موضوع ضرورة التواصل مع الحكومة السورية لمعالجة قضية النازحين. ويفترضون ثانيا ان ثمة من ذهب الى جلسة مجلس الوزراء واثار موضوع اعادة تفعيل العلاقة مع دمشق بحثاً عن سبل معالجة قضية حيوية وحساسة وملحة بهدف افتعال ازمة في المجلس او إحراج الآخرين سعيا لاخراجهم، او اخذهم الى دائرة التوتر واستدراج ردود الفعل. وهذا ايضا ليس بالصحيح، فنحن فتحنا ابواب النقاش حول هذا الملف الضاغط انطلاقا من الشكوى المرتفعة من اعباء النزوح السوري والتي افصح عنها كثر من السياسيين والمرجعيات، وخصوصا بعد الوقائع التي تكشفت عنها عملية دهم الجيش لمخيم النازحين في محيط بلدة عرسال قبل اقل من اسبوعين، لاسيما لجهة امكان تحوّل المخيم الى معسكر يكون بيئة حاضنة للارهاب والارهابيين".

واكد قانصو ايضا ان "الايحاءات التي يسعى البعض الى ترويجها وتكريسها كوقائع هي بمثابة تهويل متعمد بغية: اولاً، ثنينا عن المضي قدما في طرح رؤيتنا المتكاملة لمعالجة موضوع النازحين السوريين، ونحن لسنا في وارد التراجع، وثانيا لمنع بروز الآراء المتعددة والرؤى المختلفة في داخل مؤسسة مجلس الوزراء وذلك تحت طائلة التهديد بفرط عقد الحكومة او شل فاعليتها، وهو سلوك غير مبرر".

وختم: "الحكومة مستمرة وليس لدينا كفريق اطلاقا اي نية بفرط عقدها او تعطيل عملها. لذا ندعو الى قول الكلام المعقول والى الكف عن رفع لواء التهويل على مَن يخالفهم الرأي وعلى الناس اجمعين".

وبعيدا من رؤية الفريق الذي ينطق قانصو بلسانه، ثمة رأي يتبلور لدى هذا الفريق عينه فحواه ان "تيار المستقبل" سعى من خلال هذه المناخات التي روّجها في اعقاب الجلسة الاخيرة للحكومة، الى ان يظهر انه خاض معركة "كسر عضم" في وجه الفريق الآخر، وانه من خلال ذلك اعاد الامور الى نصابها واللعبة الى قواعدها، وهو بحاجة الى مثل "هذه المعركة الوهمية" لكي يدحض عن نفسه تهمة "الاستتباع والانبطاح امام الآخرين"، والتي لحقت به في الاشهر القليلة الماضية، فضلا عن انه يستجيب لايحاءات خارجية غير متحمسة لحل قضية النازحين السوريين في الوقت الراهن، مفضلة ابقاءها في دائرة المراوحة عينها. ويؤكد اصحاب هذه الرؤية ان مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة لم يشهد كما صوّر هؤلاء معركة "كسر عضم" بل كان نقاش اولي لم ينته بعد وله ما يتبع ويلي حتما. وجل ما حصل انه اعطيت فرصة لرئيس الجمهورية العماد عون للبحث عما يدوّر الزوايا ويوفر فرصة معالجة جدية بعيدا من الاستثمار السياسي.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم