الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أكبر من مسلسل

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
أكبر من مسلسل
أكبر من مسلسل
A+ A-

كتبنا عن "وين كنتي"، وقريباً نكتب عن "ورد جوري". في المسلسلين اسمان بديعان: نقولا دانيال وغبريال يمّين، أداؤهما منفصل عن مستوى العملين وجدواهما. ليمّين أيضاً حضورٌ جميل في "لآخر نفس"، يؤدّيه بمهارة المحترف. ثمة أسماء تفرض الحديث عنها وانتقاء الكلمات من أجلها. الأدوار لا ترفع ممثلاً يعجز من تلقائه عن الارتفاع. تمنحه الفرص وتترك الباقي عليه. شخصيتان فارقتان في دراما #رمضان 2017، دانيال يقبض على عنق "وين كنتي" (كتابة كلوديا مارشليان، إخراج سمير حبشي- تعرضه "أل بي سي آي")، مُمدّاً إياه بشيء من الصلابة، ويمّين قبل المسلسلين بلغ العلا. 

مرّت أدوار لم تكن بحجم حضور دانيال أمام الكاميرا. حتى إنّ الوقت طال في الجزء الأول من "وين كنتي" قبل تقبُّل دوره والإقتناع به. وجه الشخصية الشرير رفعها إلى التألّق، فقلب إيقاع المسلسل. بدا وجهاً حقيقياً مثل بشر ينمون من حولنا، يكذبون الكذبة لنصدّقها. دانيال أكبر من دور رمزي. يتفوّق عليه بحُسن الأداء والعطاء من القلب. في إمكان أيّ ممثل أن يهدّد ويُخيف، لكنّ تهديد رمزي صامت، بنظرة يخيف وبهمسة يحيل على القلق. هو عصب المسلسل، فإن أطلّ ابتلع المُشاهد ريقه وترقّب، وإن غاب عن المشهد حضر طيفه وافتُقِد غيابه. الأمر أشبه بزيت إن اختلط مع الماء فرض تقدّمه عليه وسيطر على أحواله.

عشرات الممثلين يمرّون عابرين في رمضان، يمثّلون ولا يبقى منهم أثر. يفتقرون الموهبة والألق واللمعان وبريق العينين. لكلّ موسم وجوه بعدد أصابع اليد (أقل ربما)، تستحقّ التحية. خذ مثلاً أداء يمّين دور برهوم في "ورد جوري" (كتابة كلوديا مارشليان، إخراج سمير حبشي- تعرضه "أل بي سي آي"). الأدوار ليست بطولها ولا عرضها. هي في عمقها وحقيقتها وأدائها الصادق. في موازاة قضايا المسلسل المطروحة، يقف برهوم واثقاً بأنّ إشكالية القدر الظالم وتسديد التكاليف لا تقلّ ألماً عن إشكالية الاغتصاب والصوت الأنثوي المقهور. يميّن يمثّل بكل نَفَس. بتقطيب الحاجبين ورمشة العين. صريح في التعبير وعميق في تفسير الهواجس. هو ونقولا دانيال خارج تصنيف الأدوار وأحجامها. يتبعهما الدور، لا العكس. لاحِظ يمّين بدور غابي في "لآخر نفس" (كتابة كارين رزق الله، إخراج أسد فولادكار- تعرضه "أم تي في")، وتأكَّد أنّ الاحتراف لا يُحدّ بشخصية، والممثل، على عكس الدخلاء، يكون حيث الفارق والجمال والفرادة.

الدور أيضاً ما يترسّب في النفس، فيستدعي التفكير بالشخصية وجعلها بعضاً منا. في برهوم إنسانٌ يتيح للمُشاهد لحظة تأمّل. يرافقه في أسئلته عن العدالة الكونية والحقّ الإنساني الضائع، وعن المصير والقرار وتغير المسار. المحشوّون في النصوص بذريعة أنهم ممثلون، يهدّون الدراما بالمطرقة ويثيرون الضحك عليها. وحدهم المتألقون يشفعون بالمسلسلات اللبنانية، لولاهم لكانت مشاهدتها جحيماً.

[email protected]

Twitter: @abdallah_fatima


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم