الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

قمع من "جهة رسمية" ورجال دين غاضبون... من يحمي المثليين في لبنان؟

هالة حمصي
هالة حمصي
قمع من "جهة رسمية" ورجال دين غاضبون... من يحمي المثليين في لبنان؟
قمع من "جهة رسمية" ورجال دين غاضبون... من يحمي المثليين في لبنان؟
A+ A-

وقامت القيامة "لمحاربة الرذيلة"، وجُنِّدت الاتصالات على مختلف المستويات، الدينية والرسمية، لمنع هذه "الجريمة" على الاراضي اللبنانية، وحماية اللبنانيين! في حصيلة اليومين الماضيين، تحققت مطالب الجهات الدينية المنذرة بالعواقب. السلطات اللبنانية عالجت بسرعة امر النشاط "المنحط"، واثبتت مجدداً قدرتها على الضرب بالحقوق والقوانين عرض الحائط، بسهولة، ملمعة صورتها المعهودة: الدولة هي "دولة اللاقانون واللامؤسسات".   


مقصو: الحماية حق لنا   

في تسميات الامور، "الجريمة النكراء" التي نددت بها علنا "هيئة علماء المسلمين في لبنان" وغيرها من الشخصيات الاسلامية، "نشاط ثقافي وفني" دعت اليه جمعية "براود ليبانون" غير الحكومية الناشطة في "تأمين الحماية والتمكين والمساواة للفئات المهمشة من خلال نشاطات الخدمة المجتمعية"، في 14 ايار في فندق "مونرو"-بيروت، في مناسبة "اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثليّة والتحول الجنسي" الذي يُحتَفل به عالميا في17 ايار.


"النشاط يهدف الى الحد من العنف والتمييز ضد الأشخاص ذوي الميول المختلفة، جنسيا وعاطفيا، وذلك بمشاركة متكلمين من مختلف الجمعيات وشخصيات إعلامية وفنية معروفة، اضافة الى خبراء في الدعم القانوني والنفسي والصحي"، على ما أوضحت الجمعية.   

لكن ما أرادت تحقيقه اخيراً، "في إطار سعيها الى ابقاء الاشخاص ذوي الميول المختلفة في عائلاتهم، بحيث يحضنهم اهلهم من دون تمييز"، تبخّر كليا. بالنسبة الى مدير "براود ليبانون" بيرتو مقصو، الامر "لم يكن يستحق كل هذه البلبلة. ولأدرك المحتجون ذلك لو جاؤوا وشاركوا بانفسهم في اللقاء. اتُّهمنا بنشر الرذيلة والفحش. لكنّ الامر منافٍ في الواقع لكل ما اتُّهمنا به".




حليحل: الظاهرة مرضية 

اعلان الجمعية نشاطها قوبل باستنفار شديد اللهجة من جانب الهيئة، مع ردود فعل هنا وهناك مؤيدة لها. يستغرب جدا رئيس الهيئة الشيخ رائد حليحل، في حديث الى "النهار"، المواقف، خصوصا الاعلامية، المنادية بحق "براود ليبانون" باقامة النشاط. "المشكلة هي الترويج للمثليين في لبنان. لا ننكر انهم موجودون في الواقع، لكن نرى ان هذه الظاهرة مرضية، وليست صحية، وتحتاج الى تطويق ومعالجة، وليس الى دعاية وتكريس على انها واقع وزواج طبيعي بين رجل وامرأة".


هل هذا يعني انه لا يحق للجمعيات المدافعة عن حقوق المثليين ان تنظم نشاطات في لبنان؟ يجيب: "لسنا سلطة اجرائية تنفيذية لتمنع نشاطات. نحن جهة نراقب الواقع، ومقسمون على امانة الدين والايمان. فاذا تبين ان في نشاط ما خطورة او خللا، ورأى المسؤولون ان كلامنا دقيق، فانهم ينفذون (اي يمنعون النشاط). ليس صحيحا اطلاقا القول ان الهيئة تفرض على المسؤولين ان ينفذوا لها اجنداتها. لو كان ذلك صحيحا، لاخرجنا شبابنا من السجون".  


ما قامت به الهيئة، في رأيه، هو "اننا نبّهنا المسؤولين، واعتمدوا تنبيهنا، واخذوا القرار. لم نهدّد، ولم نفرض. ولو تكرر الامر، لاتخذنا الموقف نفسه، ولا ندم عليه".     


في الايام الماضية، كثّفت الهيئة بياناتها التحذيرية، وتوجهت بوضوح الى "وزير الداخلية، والمدير العام للأمن العام"، لاتخاذ "الإجراءات القانونية العاجلة، وإلغاء هذا النشاط الخارج عن القانون، باعتبار الحضّ على ارتكاب الجريمة فعلاً جرميًا معاقبًا عليه قانونًا، ولا يندرج مطلقًا تحت مظلة الحريات العامة، بحيث لا اجتهاد في مورد النص الصريح، فلا يقبل إقامة نشاط علني بستار حقوق الإنسان، للتشجيع على تعاطي المخدرات التي يحرمها القانون مثلاً". كذلك، دعت "النيابة العامة إلى الادعاء على المرتكبين، عملاً بالنصوص القانونية المرعية الإجراء".  


"خطر امني" 

تحذيرات واتصالات الهيئة اثمرت، مع "شكر خاص لمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان على جهوده المتواصلة، ووزير الداخلية نهاد المشنوق على متابعاته، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على سرعة تجاوبه، انتصاراً للفضيلة ومحاربة للرذيلة".


النتيجة: النشاط ألغي... اي من الجهات الرسمية لم تتصل بـ"برواد ليبانون" لتستوضحها او لتبلغها المنع. بدلا من ذلك، اتصلت بها ادارة فندق "مونرو"، حيث كان النشاط سيُعقد، لتعلمها بان "جهات رسمية نصحتها بإلغاء الحجز بسبب خطر امني". لم يعرف مقصو بالضبط هوية "الجهة الرسمية" المتصلة. وكل ما قرأناه "مواقف انتشرت في اكثر من موقع".   

رغم كل هذا، يبدي "تفهما شخصيا لما حصل"، متمنيا لو "اتصلت بنا تلك الجهة الرسمية مباشرة، لاننا مواطنون لبنانيون تحت القانون، ونعيش في لبنان باحترام، ونحب البلد الذي نعيش فيه. وكنا نأمل في ان نكون محميين".


وهل يمكن اعادة تنظيم النشاط في مكان آخر؟ يجيب: "لم تعد مسألة تأمين مكان. اذا كان هناك خطر امني فعلي، كما قيل في اتصال الجهة الرسمية، فالجمعية ليست مستعدة اطلاقا لتعريض اي كان للخطر".  


رسالة رسمية مبطنة! وفُهِمت: "احذروا من خطر امني يهدد النشاط، اذا انعقد". وتبقى خيبة، مع رسالة الى السلطات: "نحن مواطنون كأي مواطنين لبنانيين آخرين. لسنا مواطنين من درجة متدنية. والحماية حق لنا".   


"حلم"... مستمرون  

على غرار "براود ليبانون"، تواكب جمعيات ومنظمات اخرى "اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثليّة والتحول الجنسي"، بنشاطات مختلفة. اليوم، اطلقت جمعية "حلم" الناشطة في الدفاع عن حقوق المثليين، حملة لمناهضة رهاب المثلية والتحول الجنسي، وتستمر اسبوعا. "لـ14 سنة ما قدر شي يوقف "حلم". والسنة كمان هيك. كونوا معنا بحملتنا. نحن بحاجة لدعمكم المعنوي"، تقول في اعلانها.


وفي المناسبة، أعلنت تنظيم مؤتمر بعنوان: "الميم بين اضطهاد المجتمع، انتهاكات الدولة، وانجازات الحركة الحقوقيّة" السبت 20 أيّار 2017 في "مترو المدينة"-الحمراء، تتخلله محاضرات عدة، و"تشارك فيه كل الجمعيات الصديقة". حتى الساعة، المؤتمر على موعده. "نحن مستمرون"، تؤكد المديرة التنفيذية لـ"حلم" غنوى سمحات لـ"النهار"، "ولا همّ لدينا حاليا سوى المضي بالامور كما نريد".  


منع نشاط جمعية "براود ليبانون" بلغ مسامعها. نسأل اذا كانت تخشى منعا مماثلا لنشاطات "حلم"؟ فتجيب: "العمل تحت الضغط امر اعتدته الجمعية طوال 14 عاما. لم نكن يوما مقبولين من كل الجهات... كل الحركات الحقوقية تتوقع ان تجد في مواجهتها جهات لا توافق على تحركاتها او نشاطاتها".  

[email protected]



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم