الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الدعارة الالكترونية في لبنان... "على عينك يا تاجر"

المصدر: "النهار"
علي عواضة
علي عواضة
الدعارة الالكترونية في لبنان... "على عينك يا تاجر"
الدعارة الالكترونية في لبنان... "على عينك يا تاجر"
A+ A-

"المرح هو جزء لا مفر منه في الحياة، والسعادة التي تحصل عليها لدى ممارستك الجنس لا توصف... تواصل مع إحدى الفاتنات في لبنان لتلبية رغباتك الجنسية الكاملة". بهذه العبارات يقدم أحد المواقع الالكترونية الخدمات الجنسية، عارضاً صور فتيات مثيرات، فتختار عبر الموقع احدى الحسناوات لقضاء ليلة حمراء في أحد الفنادق، وما عليك سوى تقديم طلبك قبل ساعتين فقط عبر البريد الالكتروني او الاتصال على رقم الهاتف المعروض. 

300 دولار للساعة

قد تكون تلك المعلومات غريبة عن مجتمعاتنا، إلا ان الوصول للموقع أمر في غاية السهولة، فالعروض على "عينك يا تاجر"، وأعداد الفتيات بالعشرات، ولكل واحدة منهن ثلاث صور وبوضعيات مثيرة مختلفة.

اما طريقة تعامل المشغّل فهي أقرب الى أسلوب "المافيا"، حيث يتحدث مع المتصل بكل ثقة مقدماً خدماته، وللمزيد من الصور عبر "الواتس اب". وبعد الاتفاق بين الطرفين ليس على المتصل سوى تحديد موقع الفندق والوقت الذي يريد تمضيته مع الفتاة. فالأسعار تختلف وترتفع تدريجاً، والساعة الواحدة بـ 300 دولار أميركي، وفي حال وجد المشغل الزبون متحمساً يقول له: "شو رأيك الساعتان بـ500 دولار"؟ "واذا كذا زبون بنعملكن سعر".

مايك ع. شاب عشريني، تعرف على الموقع عن طريق الصدفة، وفي بداية الأمر اعتبر أنه لا يمكنه ممارسة الجنس بهذه السهولة وان المسألة ليست سوى مجرد مزحة أو رقم مزيف هدفه ابتزاز المتصلين، ومن باب الحشرية قام بطلب رقم الهاتف والاستفسار عن "العروض المقدمة"، ليتفاجأ بعدها بجدية تامة للقواد، فقام بالاتفاق معه على مواعدة فتاة معينة اختارها عبر الموقع، محدداً موعداً في المساء "للاستمتاع" لمدة ساعة، الا ان ما أزعجه ان الفتاة التي اختارها عبر الموقع لم تكن من قام بقضاء الساعة معها، قائلاً، "ان اغلب الفتيات هن من اللاجئات" وليس كما يعرض الموقع لزبائنه، معتبراً أن الأمر سهل جداً الا ان التكلفة تعتبر مرتفعة نظراً لبيوت الدعارة. واكد مايك أنه عثر ايضاً على مواقع اخرى تقدم الخدمات عينها وبالأسلوب ذاته ولكن بأسعار أقل تبدأ من 250 دولار للساعة وتصل الى اكثر من 1400 دولار لليلة الواحدة.




الدعارة الالكترونية لا تتوقف عند تلك المواقع، فصفحات التواصل الاجتماعي تعج بالعديد من الفتيات اللواتي يقدمن خدماتهن الجنسية وبأسعار أقل من تلك المواقع، ويجد عدد كبير من الشباب في تلك الصفحات متنفساً لهم من ضغوط الحياة، وفق تعبير أحدهم، حيث تعرّف أيضاً عن طريق الصدفة على فتاة تقدم له ما يرغب "عبر الهاتف او الفيديو مقابل بطاقة تشريج هاتفية"، لتختلف الخدمات حسب سعر بطاقة التشريج!


أرقام هواتف معروفة

يعرف شباب كثيرون أرقام الهواتف التي تقدم لهم الخدمات الجنسية، فيروي أحمد قصة فتاة عشرينية سورية قدمت الى لبنان، وأقام علاقة معها. فقد قُدم لها عرضٌ للعمل براتب مميّز لتكتشف بعدها أن العمل ليس سوى مومس لدى أحد المشغلين، وعندما رفضتفتعرضت للتعذيب، وهددها القواد بابلاغ اهلها بأنها "لم تعد صالحة للزواج" وفق تعبيره، فأجبرت على العمل معه في بداية الأمر لتتحول الى أفضل "الموظفات لديه" والأكثر طلباً من الزبائن.

مصدر في احدى الجمعيات التابعة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أشار في حديثه لـ"النهار" الى ان "ظاهرة الدعارة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي "مخيفة" فهي تتضمن طلبات للزواج الموقت من لاجئات مقابل مبالغ مالية زهيدة جداً، او طلب دعارة بشكل واضح وصريح، وبالطبع لن تكون الاماكن في فنادق 5 نجوم بل في السيارات او في احد المنازل، وتراوح الأسعار من 10 دولارات فقط لتصل الى 100 دولار، وفق الزبون والفتاة ونوعية الخدمات المقدمة، وبالطبع صاحبة مبلغ الـ100 تضطر لدفع نصفه للقواد لجلب زبائن آخرين. وتختلف الأسعار وفق جنسية الفتاة ايضاً، الا ان الملفات تتابع مع القوى الأمنية وبشكل مباشر، ولكن غالبية الفتيات لا يملكن الشجاعة للبوح بما حصل لهن خوفاً من ردة فعل القواد والأهل".

متابعة أمنية مباشرة

مصدر أمني أكد لـ"النهار" علمه بتلك المواقع وارساله كتاباً الى مكتب مكافحة المعلوماتية الذي يقوم مباشرةً باغلاق الموقع في لبنان، ليعاود القائمون عليه بعد أقل من نصف ساعة بانشاء موقع آخر عبر "سرفيرات" عالمية.

وفي رأيه أن ملاحقة "الدعارة الالكترونية أصعب من الدعارة التقليدية، نظراً لأن المواقع عالمية وتمتلك من الخبرات الكافية لتعقيد عملية المتابعة من قبل الجهات الأمنية".

وأكد المصدر الأمني المعني بالملف، ان "أكثر من 80 في المئة من الدعارة في لبنان باتت ترتكز على المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي".

وأشار المصدر الى ان "ملاحقة ورصد تلك المواقع وضبط القواد بالجرم المشهود يحتاج فترة ليست بقصيرة، حيث تلجأ القوى الأمنية الى القاء القبض على الفتيات لتتهاوى بعدها الشبكة، الا ان القوانين اللبنانية تساهم بشكل غير مباشر بتسهيل خروجهم من السجن، فسنوياً هناك ما يزيد عن الف موقوف بتهم الدعارة على الأراضي اللبنانية، موزعين على جرم الدعارة وتسهيلها، وصولاً الى جرم الاتجار بالبشر".

واعتبر المصدر ان "ارتفاع أعداد اللاجئين ومأساتهم استغلا من كثيرين، فارتفعت بشكل مباشر نسبة الدعارة، إذ أن حاجة الفتيات للمال نظراً لظروفهن الصعبة كان عاملاً أساسياً في دخولهن هذا المجال لاعتبارهن ان الدعارة هي الطريق الأسهل للحصول على الأموال وبوقت قصير"، مؤكداً "ان تلك المهنة لا يمكن الخروج منها بهذه السهولة، فالقواد "يخنق" الفتاة بطرق عديدة، وظروف الفتيات الصعبة تدفعهن للبقاء في عالم الدعارة، وقسم كبير منهن انطلقن من الدعارة حتى وصل الأمر بهن في عالم المخدرات".

 


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم