الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أجراس الكنيسة في المختارة تدق مجدداً... الراعي يدعو لمصالحة سياسية وجنبلاط: أثمان السلم أرخص

أجراس الكنيسة في المختارة تدق مجدداً... الراعي يدعو لمصالحة سياسية وجنبلاط: أثمان السلم أرخص
أجراس الكنيسة في المختارة تدق مجدداً... الراعي يدعو لمصالحة سياسية وجنبلاط: أثمان السلم أرخص
A+ A-

أشار البطريرك مار بشارة بطرس الراعي من من قصر المختارة بعد ترؤسه القداس في كنيسة سيدة الدر إلى أنه يتطلع إلى "المصالحة السياسية بين فريقي 8 و14 أذار والوسطيين"، أما النائب وليد جنبلاط فقال: "أثبتت كل التجارب، السياسية منها أو العسكرية، أن أي أثمانٍ تسدد في سبيل السلم أرخص من أثمان الحرب والقتل والدمار".


وكان البطريرك الراعي ترأس القداس الاحتفالي في كنيسة سيدة الدر العجائبية في المختارة بعد ترميمها، عاونه المطرانان بولس مطر وطانيوس الخوري ولفيف من الكهنة، في حضور الرئيسين أمين الجميل وميشال سليمان والنائب السابق فريد هيكل الخازن. وكان وفد من مشايخ طائفة الموحدين الدروز يتقدمهم جنبلاط والنائب طلال ارسلان وحشد من الفاعليات ورؤساء البلديات استقبلوا الراعي والوفد عند مدخل قصر المختارة التي زينت الشوارع المؤدية اليه باللافتات المرحبة والاعلام البطريركية واللبنانية وصور الراعي عند مداخل البلدات المؤدية الى المختارة.


وجاء في كلمة لجنبلاط من قصر المختارة: "مع تدشين كنيسة السيدة (سيدة الدر)، نتطلع لأن تدر علينا الأيام الآتية المزيد من الحكمة والوعي والمسؤولية لمجابهة الصعابِ المتنامية من كلِ حدب وصوب. مع تدشينها، نتمنى أن تدر علينا الأيام المقبلة رئيسا للجمهورية كي نحفظ جميعا لبنان من الرياح العاتية. مع تدشين كنيسة سيدة الدر، نرجو أن تدر علينا الأيام القادمة حلولاً لمشاكلنا المعقدة فتستعيد المؤسسات المعطلة دورها المنتظر وتعود عجلة الدولةُ إلى الدوران بإنتظام. ومع تدشينها نأمل أن تدر علينا الأيام المقبلة تثبيتاً لمناخ المصالحات بين اللبنانيين والحد من الإنقسامات القاتلة".


وأضاف: "لكن، بعيداً عن الأمنيات والمناجاة، فإننا نؤكد اليوم، في هذا اللقاءِ الوطني الجامع، على تمتين مصالحة الجبل التي كنا أرسينا أسسها مع تلك القامة الوطنية الشامخة، البطريرك صفير، في زيارته التاريخية إلى المختارة في آب سنة 2001. وإسمحوا لي أن أستعيد عبارة واحدة من خطابي في تلكَ المحطة، إذ قلتُ وأكرر: "حرب الستين ورواسبها إنتهت إلى غيرِ رجعة، وحرب الجبل لا رجعة لها".


وتابع: "في الوقت الذي تلتهب المنطقة العربية والإسلامية وتشتعل فيها النيران، وفي الوقتِ الذي تخطى الإرهاب الحدود الجغرافية بين الدول راسماً بالدم كل أشكال القتل والإجرام والتدمير، نؤكد في لبنان إحياء مناخ المصالحة والتقارب بين اللبنانيين، ونبعث برسالة إلى العالم أن لبنان يستطيع أن يقدّم مثالاً فريداً في حماية التعددية والتنوع. قد نختلف في مقاربتِنا لهذا الملف أو ذاك، لهذه القضية أو تلك، ولكننا سنتمسك بالثوابت: ثوابت المصالحة، الوحدة الوطنية، السلم الأهلي والعيش المشترك والحوار. لقد أثبتت كل التجارب، السياسية منها أو العسكرية، أن أي أثمانٍ تسدد في سبيل السلم أرخص من أثمان الحرب والقتل والدمار".


وقال للبطريرك الراعي: "زيارتكم إلى داركم، دار المختارة اليوم، بعد تدشين كنيسة السيدة يعكس حرصكم على التقارب بين اللبنانيين ورفضكم لقيام أي حواجز سياسية أو نفسية بينهم. زيارتكم تأكيد للعيش المشترك بين اللبنانيين جميعاً الذين يلتقون تحت سماء لبنان الكبير الذي تصادف الذكرى المئوية لولادته بعد سنواتٍ قليلةٍ، فلنحافظ عليه جميعاً بعيداً عن المصالح والحسابات الفئوية والشخصية".


ومن جهته، قال الراعي: "جميل هذا اليوم الذي يجمعنا في دارة الزعيم الوطني النائب وليد بك جنبلاط، لاحياء الذكرى السنوية الخامسة عشرة لمصالحة الجبل التي أرسى أسسها مع صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير في 4 آب 2001، في زيارته التاريخية التي شملت معظم بلدات الجبل بمختلف أقضيته. فالشكر لكم على هذه المبادرة وللسيدة قرينتكم على هذا الاستقبال الحافل. ففيها نلتزم جميعنا كلٌ من موقعه من أجل استكمال هذه المصالحة بتوفير اطارها الروحي والاجتماعي والاقتصادي والانمائي، بحيث تعود الحياة إلى الجبل كسابق عهده، إخاءً وحياةً اجتماعية ناشطة". أضاف: "يومها قلتم، يا معالي وليد بك، لصاحب الغبطة والنيافة: "استأذنكم لأعلن أن حرب الجبل قد ولّت إلى غير رجعة. معكم نحمي الجبل، نحمي لبنان، ونحمي العيش المشترك في كل مكان". وفي الواقع، من أجل هذه الغاية قام البطريرك معك بالتحدّي الكبير في تلك الظروف، واطلقتما المصالحة التاريخية. واليوم هو معنا بالروح والصلاة، ونحن نواصل المسيرة اياها ببناء مداميك هذه المصالحة من أجل حماية الجبل ولبنان. وغبطته مقتنع، كما أعلن يومها، "أن إصابة الجبل هي إصابة مقتل، كإصابة القلب في الجسم".


وتابع: "يزيد من بهاء ذكرى المصالحة، أنها تأتي، ودائمًا بمبادرة من الزعيم وليد بك، بمناسبة الاحتفال باختتام أعمال ترميم كنيسة سيّدة المختارة. هذه الكنيسة على اسم سيّدة الدّر بُنيت بمبادرة من الشيخ بشير جنبلاط سنة 1820، في عهد البطريرك يوحنا الحلو ومطران صيدا ودير القمر آنذاك عبد الله البستاني. وجاءت المبادرة تكريمًا لمشايخ آل الخازن، وتوطيدًا لعلاقات المودّة والصداقة بينهم وبين آل جنبلاط. إننا نحيّي ونقدر هذه العلاقات بين العائلتين الكريمتين، لأنها لم تكن يومًا آنيّة وفي ظروف طارئة ولمصالح شخصية، بل كانت وطيدة الاركان متجذّرة في التاريخ منذ عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير وإمارة الشهابيين. وبالنسبة إلينا، إن مشايخ آل الخازن أصحاب علاقة تاريخية مع الكرسي البطريركي ومعتبرون حماته. وإلى الآن ما زالت العائلة تنتدب حارسين لأبواب الصرح أثناء انتخاب البطريرك، فضلاً عما لهم من مآثر على المستوى الكنسي والمدني، والاجتماعي والوطني، هم الذين أوقفوا الكثير من أملاكهم وبنوا أديارًا وكنائس ودور عبادة. كان البطريرك صفير، في تلك الزيارة التاريخة، شديد الاقتناع، ونحن نشاطره إياه، بأن تحقيق المصالحة بين المسيحيين والأخوة الموحّدين الدروز هو الخطوة الأولى التي لا مفرّ منها، في سبيل تعبيد الطريق نحو المصالحة الشاملة بين جميع اللبنانيين؛ وبأنه من دون هذه المصالحة الشاملة لا ينهض مشروع بناء الدولة اللبنانية القادرة السيّدة الحرّة المستقلة. لم يكن على الاطلاق في بال البطريرك ووليد بك التفكيرُ باستعادة ثنائية تاريخية، بل الانطلاق من فكرتها الاساسية التي أرست الكيان اللبناني على التعددية في الوحدة، إلى تحقيق الوحدة الوطنية الشاملة".


وقال: "أما اليوم، فكلنا نتطلع إلى المصالحة السياسية بين فريقي 8 و14 أذار والوسطيين. فكما أن مصالحة الجبل أعادت الحياة إليه وإلى مجتمعه، كذلك بالمصالحة السياسية منوط إحياء الدولة ومؤسساتها الدستورية بدءًا بانتخاب رئيس للجمهورية الذي هو الباب. فعبثًا نحاول التسلّق إلى الدولة من مكان آخر. وما الجدوى من طرح جميع المواضيع قبل انتخاب رئيس للجمهورية وهو وحده الكفيل بقيادة طرحها والنظر فيها كلها، عبر برلمان هو المكان المخوّل طبيعيًا وبسلطة للتشاور والتداول والتصويت واتخاذ القرار. وبأي حق يُعطَّل انتخاب الرئيس لهذا أو ذاك من الاعتبارات، ويتعطل معه بالكلية المجلس النيابي، وتتعثر الحكومة، وتدبّ الفوضى في المؤسسات العامة، وتتوقف التعيينات، وتُستسهل عادة التمديد مع حرمان العديد من المستحقين، وينطبق خناق الفقر والحرمان على المواطنين، وتنشّل الحركة الاقتصادية، وتتناقص فرص العمل، ونخسر سنويًا بالهجرة المئات من قوانا الحيّة، فيما البلاد تغرق بالنازحين الذي أصبحوا نصف سكانها. من يحق له أن يمارس عملاً سياسيًا منافيًا للخير العام ومعطّلاً لحياة الدولة؟".


واضاف: "عند مبادرة مصالحة الجبل كان رجلان كبيران جريئان قاما بها: البطريرك صفير والزعيم وليد بك جنبلاط. فلو انتظرا قرارًا من الخارج، كما يجري حاليًا، لما حصلت المصالحة حتى يومنا. واليوم مبادرة انتخاب رئيس للجمهورية تحتاج إلى رجالات دولة كبار من هذا وذاك من الفرقاء، يدركون أن الحلّ يأتي من الداخل، بشجاعة التجرّد من المصلحة الذاتية، وبغيرة النظر إلى مصلحة البلاد التي تعلو الجميع. من هذا المنطلق، يمكن الذهاب إلى مصالحة وطنية تضع يدها على الجرح الحقيقي في الحوار، وتحمي دولة لبنان من الانهيار. نحن نصلّي كي يُخرج الله مثل هؤلاء. فهو السميع المجيب".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم