الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

فاتورة الـ"Grand Cafe" شغلت الناس... البطيخ بـ225 ألف ليرة وهذا ما يقوله المعنيون

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
فاتورة الـ"Grand Cafe" شغلت الناس... البطيخ بـ225 ألف ليرة وهذا ما يقوله المعنيون
فاتورة الـ"Grand Cafe" شغلت الناس... البطيخ بـ225 ألف ليرة وهذا ما يقوله المعنيون
A+ A-

فاتورة الـ"Grand Cafe" كادت تكون الحدث الأبرز في لبنان أمس، 623500 ليرة من دون غداء أو عشاء، 225000 سعر البطيخ فقط. مواقع التواصل الاجتماعي ضجّت بالخبر، "فالسفر الى الخارج بات أرخص من الدخول الى مطعم أو ارتياد مسبح، لا بل قارورة المياه في مطار رفيق الحريري وصلت الى ثمانية آلاف ليرة... الأسعار تلتهب والمواطن يحترق، والبلد في مهب التجاذبات السياسية التي يدفع اللبناني فاتورتها على مختلف الاصعدة".
ما حصل في "Grand Cafe" اعتبره البعض "سرقة" على عين المعنيين بحماية المستهلك، في حين دافع البعض الآخر عن المطعم لكون أسعاره محددة  ومن يقصده يعلم مسبقاً أنه خمسة نجوم وتالياً لا يتوقع أن يدفع أقل من ذلك على طلبات كهذه. هشام إدلبي مدير المطعم روى لـ"النهار" انه أول امس تلقى اتصالاً لحجز مكاناً لثلاثين شخصاً، "رفضت لكون العدد كبيراً ولا نحجز إلا لغداء او عشاء، فكان الرد سنأتي دبر حالك، وبالفعل حضرن من الساعة الرابعة بعد الظهر حتى الثامنة مساء. وكما عرّفن عن انفسهن انهن معلمات، كل ما ذكر في الفاتورة قد تم طلبه، اذ لا يوجد "Minimum Charge" لدينا. لنتفاجأ في اليوم التالي باتصال من إحداهن تعتذر عن الضجة التي سببتها الفاتورة في وسائل التواصل الاجتماعي، لتكبر القصة مع الوقت ولا نعلم إن كان الامر يتعلق بالماركيتنغ بين شركات "السوشيل ميديا"، ومن المستفيدين من ضرب سمعة المطعم".
وعن سعر البطيخ الذي أثار ضجة، قال: "البطيخ على الشخص، طلبن لـ 15 شخصا، قدمنا 5 "جاطات"، كل واحد يحتوي على ثلاث قطع، القطعة بعشرة دولارات، وسعرها مصدق من وزارة السياحة".



صرخة وجع
مديرة عام وزارة السياحة ندى سردوك أكدت لـ"النهار" ما قاله إدلبي، مؤكدةً أننا " تحققنا من موضوع الفاتورة التي تم الحديث عنها، فظهر ان 30 شخصاً كانوا في المطعم لمدة اربعة ساعات تناولوا الطعام". واضافت " يقصدون أماكن 5 نجوم ويتحدثون عن ارتفاع الاسعار، مع العلم أن في بيروت وخارجها بيوت ضيافة يمكن الناس ان تأكل وتشرب وتنام بأرخص الاسعار وتكون مرتاحة. نعم في موضوع المسابح ثمة ارتفاع في اسعار المسابح الخاصة بالعائلات في وقت نفتقد فيه للمسابح العامة".
وعن كيفية وضع الأسعار، أشارت " ثمة نظام للاسعار حيث يتقدم اصحاب المطاعم بأسعارهم وبعد دراستنا لها نعطي موافقتنا من عدمها، والأهم من ذلك الا يكون هناك احتيال بين الأسعار المعلنة وتلك التي تتضمنها الفاتورة، حينها نسطّر محضر بالمخالفة نرسله الى وزارة العدل ليلقى المخالف جزاءه".
وعن مقارنة اسعار لبنان بالخارج، أجابت: " من يريد الترويج للسفر هو حرّ، ولا يؤثر فينا، ولا أعتقد أن أحداً يؤذي نفسه، هذه صرخة وجع من المشكلات المتراكمة كملف النفايات والمياه، حيث وصل المواطن الى حالة من التذمر، ومع ذلك اقول إن التعبير عن الرأي مهم ويلفت نظرنا للاطلاع والمتابعة مع اصحاب المؤسسات".


أمر طبيعي... ولكن!
وزارة الاقتصاد تحققت بدورها من الامر، فقال مدير عام حماية المستهلك طارق يونس لـ"النهار" إنه "من خلال كشفنا في الامس تبين ان 623 الف ليرة لخمسة وعشرين شخصاً أمر طبيعي، أي نحو 25 الف ليرة على الشخص. لكن السؤال: هل تم فرض بعض السلع على الزبائن، هذا موضوع ليس من السهل تأكيده، لكننا اطلعنا على عدد من الفواتير الصادرة عن المطعم في ذلك اليوم والليلة التي سبقته لمعرفة ان كان هناك سلع موجودة دائماً عليها، كالماء والفاكهة، ما يعني فرضها من غير ان يبدي المستهلك رغبة في شرائها لك تبين ان معظم الفواتير لم يكن فيها ماء وفواكه، يبقى هل هم فعلاً طلبوا 9 قوارير مياه أم لا هذا تعود معرفته لمن طلبوا و على المواطن ان يتحمل مسؤوليته ويراقب الفاتورة قبل دفعها".
وفي حال المخالفة اي اذا كان سعر المبيع اعلى من السعر المرخص من وزارة السياحة، او إذا فرضت سلعة على الزبون اضافة الى المخالفات التي تتعلق بالسلامة الغذائية "نأخذ الاجراء القانوني بناء للقوانين النافذة وهي قانون حماية المستهلك والمرسوم الاشتراعي 73/83 ويحال المخالف على القضاء المختص". ودعا المواطنين للتبليغ على المخالفات عبر الخط الساخن 1739 أو على موقع الوزارة الالكتروني لوزارة الاقتصاد، او التطبيق الخاص على الهواتف الذكية".



أين المصلحة من رفع الاسعار؟
موجة الحديث عن أن السفر الى الخارج بات أرخص من قصد مطعم في لبنان، رد عليها نقيب أصحاب المطاعم طوني رامي حيث قال: " الجميع يعلم إننا نمر في ظروف اقتصادية صعبة، العرض كبير والطلب قليل، السياح افراد وليس مجموعات، والعمل على السياحة الداخلية من خلال استقطاب الزبون اللبناني او اللبناني المغترب. ونحن كأصحاب مطاعم نسعى لتقديم الجودة والنوعية والخدمة والاسعار المدروسة ولولا قيامنا بذلك لما استطعنا الاستمرار، وكل صاحب مهنة محترف سيحاول استقطاب الزبون وليس تهريبه". ولفت إلى أن "قائمة الطعام مصدقة وملصقة على باب المطاعم وعليها ختم وزارة السياحة، وثمة رقابة على الاسعار من وزارة الاقتصاد، الزبون يطلّع على السعر قبل طلب ما يريد، واذا كان يوجد بعض الدخلاء على المصلحة الذين يحاولون سرقة الزبون فإنهم يجنون على انفسهم، وكل مؤسسة تتعاطى بهذه الطريقة مع روادها ستخسرهم وتقفل ابوابها، اذاً اين مصلحتنا في رفع أسعارنا؟!".



كيف تحدد الاسعار؟
ويبقى السؤال: كيف تحدد أسعار المطاعم في لبنان؟، عن ذلك أجاب الخبير الاقتصادي والاستراتيجي البروفسور جاسم عجاقة بأن "في كل دول العالم، تحدد الأسعار في المطلق بحسب سعر الكفلة مع هامش ربح، لكن المنافسة في السوق تدفع اصحاب المطاعم الى تخفيض هامش ربحهم. في دول العالم لا يتدخلون بالاسعار لكون الاسواق تفرض كلمتها لكنهم يمنعون الاحتكار من خلال زيادة عدد اللاعبين الاقتصاديين بطريقة لا تسمح لشخص واحد التأثير على سعر السوق، ما يؤدي الى ازدياد المنافسة فيستمر السعر بالانخفاض". ولفت إلى أنه "في النظرية الاقتصادية يوجد قانون اليويو، وهو عندما تصبح الكلفة أغلى من سعر البيع بسبب المنافسة تختفي الشركة، وعندما يكون سعرها أقل من سعر البيع تستمر".
في لبنان الوضع يختلف لكون المرسوم الاشتراعي 73/83 ينص على منع بيع منتج بأكثر من ضعف سعر الكلفة. الناس يعتقدون ان كل صاحب مؤسسة لديه سعر الكلفة ذاته، وهذا غير صحيح حيث يدخل فيه اضافة الى ثمن المنتج إيجار المحل والعمال وفواتير الكهرباء وغيرها، لذلك فإن المشكلة التي تواجهها وزارة الاقتصاد المولجة بالرقابة على الأسعار هي في تحديد سعر الكلفة. كل هذه الكُلَف تتم زيادتها على ثمن البضاعة. قبل فترةٍ ضجّ خبر بيع قارورة المياه في مطار بيروت بثمانية آلاف ليرة، وحين كشف مراقبون من وزارة الاقتصاد وجدوا ان الإيجار مرتفع جداً وصاحب المحل عندما يوزع الكلفة على بضاعته سيوزعها على البضائع التي يبيعها وليس كل البضائع الموجودة لديه".
في نظرية السوق لا يمكن الوزارة التدخل لكون السوق حرّة، ومشكلة الكلفة غير محلولة بغياب هيكلية واضحة لها. لذلك الرقابة ستكون ناقصة لكن القانون في حد ذاته ناقص لأن المشكلة ليست في وضع حدّ أعلى للاسعار، فحتى عندما يعلم الزبون ان ثمن قارورة الماء ثمانية آلاف ليرة يشتريها في حين لو توقف الجميع عن شرائها لاضطر صاحب المتجر لخفض سعرها". وختم "الاقتصاد الحرّ يعتمد على ثقافة استهلاك واعية، ويا للأسف، هذه الثقافة غير موجودة في حالة لبنان"!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم