الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

المواد المُشعة في المرفأ والمطار: إبادة لشعب كامل!

المصدر: خاص- "النهار"
موريس متى
المواد المُشعة في المرفأ والمطار: إبادة لشعب كامل!
المواد المُشعة في المرفأ والمطار: إبادة لشعب كامل!
A+ A-

بعد القنبلة النووية التي فجّرها وزير المال علي حسن خليل مع إعلانه ضبط معدات صناعية وأدوات منزلية مُشبعة بإشعاعات نووية خطيرة، لم تتخذ الحكومة أي إجراء طارئ وفعلي حتى الساعة لاحتواء هذه الكارثة، مع العلم بأن الأمر يفوق بخطورته أي فضيحة صحية تمّ الإعلان عنها حتى اليوم. فالأمر ليس بمشكلة صحية، بل إنه إبادة لشعب كامل، فهذه المواد الخطرة، حتى لو تمّت إعادة تصديرها، ستبقى آثارها الكارثية في المرفأ وعلى من يعمل به وعلى كل بضاعة تدخل وتخرج منه.
الأدوات التي تم ضبطها في المرفأ تحوي على إشعاعات خطيرة جداً من مادة Cobalt 60 المشعّ ومصدرها الاساسي الهند. وبحسب الباحث النووي البروفسور جاسم عجاقة تُلوث الإشعاعات الهواء عبر ظاهرة الـ Ionization مما يجعل نقلها في الهواء سهلاً، وبالتالي ستؤدي الى تُلوث مساحات على بعد كيلومترات من مكان وجودها، استنادا الى الكمية المُشعة التي تُقاس بوحدة قياس تُعترف بـ"سيفرت (Sievert)".
والمعلوم أن جسم الإنسان يتعرّض يومياً لإشعاعات ناتجة عن الطبيعة، لكن أيضاً ناتجة عن إشعاعات اصطناعية بمعظمها نتيجة المعدات الطبية. ويضيف عجاقة: "إن الإشعاعات النووية موجودة أصلاً في الطبيعة كالـ" كوبالت 60 " والمُستخدم في الأجهزة الطبية، واليورانيوم المُستخدم في معامل الطاقة النووية، وهي إشعاعات قاتلة وتُلوّث الجو وتضرّ الإنسان بقتلها الخلايا البشرية، مع العلم ان كل شخص أو مادة تتعرض للإشعاع تُصبح هي بذاتها مُشعة."
وبحسب الدكتورة آلين مراد طبيبة الأعصاب في مستشفى القديس جوارجيوس، إن التداعيات على الأعضاء البشرية التي تُصاب من جراء الإشعاعات هي كارثية، وبمعظمها سرطانية تتمركز في عدد من الأعضاء كالغدة، النخاع الشوكي، الرئتان، الجلد، المعدة والأعضاء التناسلية، كما يُمكن أن تؤدي لتشوهات خلقية عند الاطفال. وتُضيف: "كمية الإشعاعات تحدّد التداعيات على الصحة، فتحت 20 مل Sievert لا خطر على الإنسان، وابتداء من 100 مل Sievert يزيد احتمال الأمراض السرطانية، وأعلى من 500 مل Sievert يزيد احتمال الأمراض السرطانية بشكل كبير، أما عندما تتخطّى الكمية 5 Sievert فإن موت الإنسان المعرض لها يكون مُحتّم".
الإجراءات الواجب اتخاذها...
وعن الخطوات التي تنوي السلطات المعنية اتخاذها لمواجهة هذه الازمة يقول وزير المال علي حسن خليل لـ" النهار": "ستتابع الوزارة الملف بأعلى درجات الجدية، وما جرى هو نتيجة للمتابعة اليومية، ويتم العمل مع كل الجهات الوزارية والادارية المعنية".
ولكن هذه الخطوة يعتبرهاعجاقة غير كافية ، فالأمر يحتاج إلى إعلان حالة طوارئ، والإسراع في عزل المرفأ والأشخاص الذين تعرّضوا للإشعاعات، لمعرفة الكمية التي تلقّوها. ولتفادي انتقالها إلى باقي المواطنين". وحثّ الحكومة على تقديم طلب للحصول على مساعدة عاجلة من المجتمع الدولي أو الطلب من شركات غربية (مثلا: EDF أو Framatom) لتتكفل بتنظيف المكان الذي تواجدت فيه البضائع المشعة، كون العملية تحتاج لتقنيات متطورة لا يمتلكها لبنان".
وفيما يخصّ كيفية وصول هذه البضائع إلى لبنان، وفي ظل نظام التتبع العالمي الذي يهدف إلى ملاحقة المواد المُشعة وعملاً بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT أو NNPT، والتي تمّ توقيعها في 1 تموز 1968)، هنالك احتمالان: الأول تعرّض الأدوات المُكتشفة إلى الإشعاعات النووية في بلد المنشأ أو وجود نفايات نووية أو بضائع مشعة أخرى على متن الباخرة التي نقلت البضائع".
وهنا يؤكّد الوزير علي حسن خليل لـ"النهار" أنه طلب إجراء التحقيقات اللازمة مع الشركات المعنية للتأكد من المواد الاخرى الموجودة على الباخرة وما إذا كان هناك بضائع قد أدخلت سابقا من نفس المصدر لإجراء اللازم. كما بدأ العمل على تكوين ملف متكامل، بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية، حول المعطيات المتعلقة بإمكانية إدخال مواد مشكوك فيها في فترات سابقة واتخاذ الاجراءات المناسبة".
وباختصار لا يمكن حتى هذه الساعة نفي أو تأكيد دخول أيّ من هذه المواد المشعّة الى لبنان رغم وصولها الى المرفأ، بانتظار نتائج التحقيقات. كما وجّه خليل كتاباً الى مديرية الجمارك طلب فيه التحرّك بسرعة لإجراء التحقيقات المتعلقة باستيراد هذه البضائع، بالاضافة الى التدقيق في كشوفات الشركات المعنية، فيما اذا كانت قد أدخلت بضائع من نفس المصدر في وقت سابق، كما وجّه خليل كتابا للنيابة العامة التمييزية طلب فيها التحقيق بالملف.
وكان النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي كلود كرم باشر تحقيقاته في قضية المواد المشعة التي ضبطت في مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت، فانتقل الى مبنى المطار وأجرى كشفاً ميدانيا، واستمع الى إفادات عدد من الموظّفين واصحاب العلاقة، واطلع على نتائج الفحوص المجراة. وعلمت "النهار" من مصادر قضائية أن كرم وبعد الاستماع الى إفادة عدد من المسؤولين في المطار، طلب الحصول على كافة المستندات المتعلقة بالبضائع المضبوطة وبالشركات التي استوردتها. كما علمت "النهار" ان نتائج الفحوصات المخبرية التي أجريت على هذه البضائع التي هي أجهزة منزلية، بدأت تصدر تباعا، وكشفت بالفعل على إحتوائها إشعاعات بنسب متفاوتة.
إن التعاطي مع المواد الإشعاعية عملية دقيقة وخاضعة لمعايير دولية دقيقة لا يُمكن تجاهلها أو التهاون بها. وهنا يبرز دور الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية التي أنشأها المركز الوطني للبحوث العلمية عام 1996 بدعم من الوكالة الدولية للطاقة، والخطة التي يجب أن تكون قد بدأت العمل عليها لإحتواء هذا التلوث. وتبقى الأنظار متّجهة إلى مقررات مجلس الوزراء اليوم، فيما علمت "النهار" ان وزير الاقتصاد سيطلب طرح الملف من خارج جدول الأعمال لخطورته، ولمطالبة هيئة الطاقة الذرية بوضع خطة طارئة لمعالجة الأزمة.
ويبقى المطلوب من السلطات المعنية الإسراع بتحديد الكمية الصادرة عن المواد المُشعة الموجودة في المرفأ لمعرفة مدى تداعياتها على صحة الانسان، وتوضيح ما إذا كانت دخلت مواد مشعة أخرى الى لبنان، وهل كان على متن الباخرة نفايات كيميائية، وفي حال حصل هذا الامر، كيف سيتم التعامل معها، في الوقت الذي لم ينسَ فيه اللبنانيّون ملف النفايات الكيميائية العراقية التي تمّ طمرها في لبنان خلال الحرب الاهلية، دون حسيب ولا رقيب، حتى اليوم.
[email protected]
Twitter: @mauricematta

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم