الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

رئيس الوزراء "الاصلاحي" حيدر العبادي يبدأ بالمؤسسة العسكرية

المصدر: بغداد – "النهار"
فاضل النشمي
A+ A-

ربما يبدو من المبكر اطلاق صفة "الاصلاحي" على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بعد أكثر من شهرين على تسلّمه منصب رئاسة الوزراء خلفاً لرفيقه في حزب "الدعوة الاسلامية" نوري المالكي. بيد ان السلوكيات والاجراءات التي قام بها في غضون الأيام والأسابيع القليلة الماضية تسمح بنوع من"التفاؤل الحذر" حيال ما يقوم به الرجل. فخلافا لسلفه المالكي، لا يميل العبادي الى لهجة الاتهام والتصعيد والخطابة البلاغية الخالية من المضمون في خطابه الإعلامي سواء على المستوى المحلي او الاقليمي، ويختار عبارات بسيطة ومباشرة لمخاطبة مستمعيه، بحيث يوحي الاستماع لكلامه بالعفوية المبالغة، حتى ان النائب عن التيار المدني فائق الشيخ علي عاب عليه في كانون الأول الماضي صراحته المفرطة ، أثناء تقديمه وزيري الدفاع والخارجية لمجلس النواب. وربما ساعد العبادي في ذلك، اجادته التامة للغة الانكليزية وتحصيلة الدراسي في مجال هندسة الاتصالات في بريطانيا. على العكس تماما من سلفه المالكي المتخصص باللغة العربية. وعدم الميل للتصعيد السياسي مع شركائه السياسين، انعكس على شكل هدوء غير مسبوق في علاقات الكتل السياسية، الذي انعكس بدوره على شكل هدوء اجتماعي يلمسه كثيرون، وذلك ادى الى توجيه الانتباه بشدة الى الخطر والتهديد الشديدين اللذين يمثلهما تنظيم "داعش" الارهابي.
الهدوء غير المسبوق في علاقات الكتل السياسية، استتبعه تعاون غير معهود ايضا في العلاقة بين المؤسسة التشريعية ممثلة بمجلس النواب والسلطة التنفيذية في مجلس الوزراء، وهذا التعاون يعود في مجمله الى حسن أداء العبادي في مجلس الوزراء وسليم الجبوري في مجلس النواب، ولعل استجواب القادة الأمنيين في شأن حادث قاعدة "سبايكر" الشهر الماضي والاستنجواب المقرر لنائب رئيس الوزراء صالح المطلك في مجلس النواب احد بوادر التعاون الجيد بين السلطتين، ذلك ان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لم يسمح باستجواب أحد من قادته الأمنيين، او وزرائه الا في حدود ضيقة جداً لا تعرّض حكومته للحرج.


اصلاح المؤسسة العسكرية
تعد الاجراءات التي اتخذها العبادي أمس داخل المؤسسة العسكرية، أقوى مؤشرات الاتجاه "الاصلاحي" الذي يقوده، فهذه المؤسسة التي انفق عليها مليارات الدولارات على امتداد السنوات العشرة الأخيرة، فشلت فشلا ذريعاً في تحقيق الأمن في البلاد والتصدي لتنظيم "داعش" الارهابي، وكانت جهات سياسية وشعبية مختلفة تطالب باجراء إصلاحات جذرية فيها، وكان الحديث عن الفساد داخل المؤسسة العسكرية وبيع المناصب بمبالغ مالية ضخمة حديثا شائعا على نطاق واسع منذ سنوات، لكن المالكي رفض جميع اتهامات الموجهة للمؤسسة العسكرية وأصرّ على بقاء أغلب القادة في مواقعهم.
وقد دشن حيدر العبادي منذ الأيام الأولى لتسلمه منصب رئاسة الوزراء اجراءاته الاصلاحية في المؤسسة العسكرية من خلال الغائه لمكتب القائد العام للقوات المسلحة المتهم بالكثير من الفساد والتجاوزات. وفي السياق عينه، أتى قرار إعفاء 26 قائداً عسكرياً من مناصبهم، واحالة 10 قادة إلى التقاعد، وتعيين 18 قائداً جديداً.
وشملت التغييرات تعيين الفريق خورشيد سليم رئيساً لأركان الجيش بدلاً من الفريق بابكر زيباري الذي أحيل على التقاعد، وتعيين اللواء الركن قاسم محمد في قيادة عمليات الأنبار بدلاً من الفريق الركن رشيد فليح الذي احيل على التقاعد، فيما تم تعيين اللواء الركن عماد الزهيري قائداً لعمليات سامراء بدلاً من الفريق الركن صباح الفتلاوي. وشمل الاعفاء ايضا قائد عمليات بغداد عبد الامير الشمري ورئيس استخبارات العسكرية حاتم المكصوصي.
وكان مكتب رئيس الوزراء أصدر بياناً ذكر فيه ان أوامر الأعفاء جاءت "ضمن التوجهات لتعزيز عمل المؤسسة العسكرية على أسس المهنية ومحاربة الفساد بمختلف اشكاله" ، وان "ما تعرّض له الجيش كان نتيجة تعقيدات كثيرة داخلية وخارجية وسياسية ويجب علينا اعادة الثقة بقواتنا المسلحة عبر اتخاذ اجراءات حقيقية ومحاربة الفساد على صعيد الفرد والمؤسسة".
وتفيد بعض المصادر بعزم رئيس الوزراء حيدر العبادي باقالة وكيل وزارة الداخلية عدنان الاسدي الذي شغل المنصب من نحو 9 سنوات، الى جانب اعفاء نحو 36 ضابطا في الوزارة.
وبالرغم من ان البعض يشكّك في قدرة العبادي"الاصلاحية"، ويرى ان جل ما يقوم به هو تحاشي وتدارك اخطاء المالكي" الفاقعة والكارثية"، الا ان ما يقوم به حتى الآن، يترك انطباعاً جيداً لدى كثير من المتابعين.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم