المصعد ... شبح الخوف يطاردني!

أزمة الكهرباء في لبنان تجعل الناس خائفة من استقلال المصعد نتيجة انقطاع التيار الكهربائي فجأةً، فيما يخاف آخرون من استخدام المصعد لأسباب عدَّة، وهذا ما يُسمَّى بـ"رهاب المصعد"، الذي ما من تعريف خاص به. لكن يرجَّح أنه خليط بين نوعي رهاب، وهما رهاب الأماكن المرتفعة ورهاب الأماكن المغلقة.

سبب الرهاب

يشعر غالبية الناس بالاختناق داخل المصعد وبفقدان السيطرة على الأحداث، وهذا يعود لكون الشخص قد احتجز خلال فترة معينة من مراحل عمره داخل أحد الأماكن المغلقة والضيقة. وتشير الاختصاصية بعلم النفس إيليانا قاعي في حديث لـ"النهار إلى أنَّ "فوبيا المصعد هي إحدى تسميات الفوبيا البسيطة، وهي claustrophobia أو ما يعرف برهاب الأماكن المغلقة. وهي اضطراب من الاضطرابات العصابية التي يعيها الشخص، وينتج منها نوبات قلق". وتضيف: "5 إلى 7% من الناس تعاني من الرهاب وقليلون من يعترفون بوجود المشكلة وضرورة العلاج. فالأشخاص الذين يعانون هذا الرهاب يستعملون الهروب كوسيلة ويتجنبون ما يسبب لهم نوبات الخوف، فقد يستخدمون السلالم بدلاً من المصعد كنوع من الهروب من الموقف المحرج والمخيف بالنسبة إليهم. ويكون سبب هذا الخوف مرتبطاً بحادثة مرَّ بها الشخص في الصغر حيث تواجد في مكان مغلق وحده بعيداً من أهله، ما جعله يربط بين الوحدة وقلق الإنفصال عن أهله بموضوع وجوده داخل المصعد، حيث المكان ضيق وصغير ومعتم. كما أنَّ هذه الفوبيا تنتقل بالتربية فإذا كانت الأم تعاني من فوبيا حكماً خوفها أمام أولادها سينتقل إليهم ويجعلهم خائفين".

عوارض الرهاب

هذا العصاب الرهابي عوارضه مزمنة وشبيهة بنوبات الهلع وتجعل حياة الشخص غير مقبولة، وتكون أسبابها نفسية مرتبطة بالاحتجاز داخل مكان ضيق ومظلم، ما يترتَّب عنه انعكاسات على الصحة الجسدية للفرد، فيشعر أولاً بالدوار، وهو من أكثر العوارض الشائعة لهذا الرهاب إلى جانب عوارض أخرى مثل:

- سرعة في دقات قلب

- وجع صدر مع شعور بالاختناق

- ارتجاف

- شعور بهبات ساخنة

- غثيان مع دوار

- إغماء

- شلل موقت

كيفية تخطي رهاب المصعد

تلفت قاعي إلى أنَّه من الممكن تخطي هذا الرهاب من خلال "تقبل فكرة المواجهة بعيداً من تجنبها أو وجود شخص ما إلى جانب المريض لطمأنته وجعله يفكِّر بطريقة إيجابية لمعرفة الأماكن التي تسبب له هذا القلق الشديد، واستحضار الصور الذهنية الباعثة للطمأنينة. ثانياً من الممكن للمريض الذي يدرك أنه يعاني من فوبيا ويرغب في التخلص منها، أن يخضع للعلاج السلوكي المعرفي، بحيث يجب أن يكون في حال استرخاء لتقبُّل فكرة خوفه، ثم يمكنه تخيُّل الوضعيات التي تُخيفه. وهذا ما يُمكِّن المعالج العمل من خلال خيال المريض لتقليص هذا الخوف لديه وتعليمه السيطرة على خوفه والتفكير بطريقة منطقية، وعندما يتقبَّل بالخيال الفكرة عندها سيتقبلها في الحقيقة. ثمَ يمكننا استعمال العلاج النسقي systemicحيث يتم جمع أفراد العائلة للمصارحة والحوار ومعرفة ما إذا كان الوالدان يعانيان من الاضطراب وقد نقلاه بطريقة غير مباشرة إلى ولدهم، وعندها يصبح العلاج جماعياً. وفي أحيان أخرى نضطر إلى استعمال العلاج الطبي كحلٍ لا بدَّ منه عندما يصبح وضع المريض مستعصياً، بالتالي نلجأ إلى أدوية مضادة للقلق والكآبة".

نصائح وإرشادات

يقول صاحب شركة المصاعد EEG شعلان صنديد في حديث لـ"النهار" إنَّ "هناك أناساً تعاني من فوبيا وتخاف من الأماكن المغلقة والمعتمة، ولكن ما من مصعد مخيف. إذ إنَّ 95% من المصاعد فيها سلامة عامة. وفي حال توقف المصعد فهو لا يرتطم بالسقف عادةً، إلاَّ في حالات طارئة فقط إذا ما انكسرت ماكينة معينة. أما إذا سقط فلن يصل إلى الأسفل بل سيبقى مرتفعاً 10 سنتمترات من الأعلى ومن الأسفل. أما إذا قُطعت الحبال فهناك جهاز هو "جهاز المظلة" الذي يضرب على السكك المخصصة للمصعد، بما لا يشكل خطراً على سلامة مَنْ في المصعد". ويضيف: "لا يمكن أن يختنق الشخص داخل المصعد إذ إنَّ هناك تهوئة في كل أرجاء مقصورة المصعد، كما أنَّ هناك فراغات تسمح بدخول الهواء، فيستطيع من في الداخل البقاء مدَّة 24 ساعة على قيد الحياة داخل المصعد".

ويتابع: "متى انقطعت الكهرباء يمكن الضغط على زر جرس الإنذار كي يعرف سكان المبنى أنَّ هناك شخصاً عالقاً داخل المصعد. أما إذا كان هذا الزر غير موجود فهذا يعني أن المصعد غير خاضع لصيانة. من هنا، يجب التأكد دوماً من وجود زر "توقف"(stop) وزر جرس إنذار (alarm) داخل مقصورة المصعد. وفي بعض المصاعد هاتف داخلي interphone كي يتمكن العالق من الاتصال بناطور المبنى، الذي يعتبر مولجاً بمساعدته وإنقاذه، إذ غالباً ما يتمُّ تعليمه كيفية التصرف لنجدة الناس عندما تنقطع الكهرباء". ويختم: "من هنا، الأفضل لكثير من الناس الاطلاع على قواعد السلامة داخل المصعد والدراية بكيفية عمل المصاعد للحد أو على الأقل التخفيف من خوفهم".