السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

"صوامع الحبوب في مرفأ بيروت بناها العثمانيّون"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
"صوامع الحبوب في مرفأ بيروت بناها العثمانيّون"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#
"صوامع الحبوب في مرفأ بيروت بناها العثمانيّون"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#
A+ A-

تضج وسائل التواصل الاجتماعي بالحديث عن صوامع الحبوب في مرفأ بيروت. وفي المزاعم المتناقلة ان "هذه الصوامع هي الوحيدة التي صمدت أمام قوة الانفجار، وتبيّن أنها عثمانية، وقد بنيت منذ نحو 200 عام، بل هذا المرفأ كله أنشأه العثمانيون". غير أن هذه المزاعم خاطئة. ويبيّن البحث والسؤال ان هذه الصوامع دُشّنت عام 1970، ولا علاقة للعثمانيين بها. وبالنسبة الى مرفأ بيروت الحالي، "فقد بنته شركة فرنسيّة"، وليس العثمانيين. FactCheck# 

"النهار" سألت ودققت من أجلكم 

الوقائع: منذ ايام، تكثف تناقل هذا المنشور على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما في تويتر (هنا، هنا، هنا...)، والفيسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا...). صورة لاهراءات القمح في مرفأ بيروت مدمرة، وقد ارفقت بالمزاعم الآتية (من دون تدخل): "صوامع الحبوب الخرسانية هذه هي الوحيدة التي صمدت أمام قوة الانفجار وعملت كمصدات حمت الأبراج التي خلفها، وعند السؤال تبين أنها عثمانية بنيت منذ نحو 200 عام بل وأن هذا المرفأ كله أنشأه العثمانيون". 


التدقيق: 

- في اتصال اجرته به "النهار"، أكد مدير أهراء مرفأ بيروت اسعد الحداد ان "لا صحة للمزاعم ان العثمانيين هم الذين بنوا اهراءات القمح في مرفأ بيروت، قبل 200 عام". وقال: "بدأ بناء اهراءات الحبوب عام 1968". وفقا للوثائق المتوفرة لديه، وضع الرئيس شارل حلو وأمير الكويت الشيخ صباح السالم الصباح حجر الاساس لصوامع الغلال في 16 ايلول 1968.

حضور أمير الكويت يومذاك احتفال وضع حجر الاساس لصوامع الغلال كانت له دلالات كبيرة. ففي واقع الامر، أُنجزت "عملية بناء الصوامع بفضل قرض حصلت عليه الدولة اللبنانية من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لتمويل مشروع صوامع الغلال في مرفأ بيروت. وقد رد لبنان قيمة القرض على مراحل"، على قول الحداد. 

مزيد من البحث... ونقع في موقع مركز الابحاث والدراسات في المعلوماتية القانونية التابع للجامعة اللبنانية، على نص "مشروع القانون المعجل المحال على مجلس النواب بموجب المرسوم رقم 11294 تاريخ 19-11-1968، والرامي الى اجازة ابرام اتفاقية القرض بين لبنان والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لتمويل مشروع صوامع الغلال في مرفأ بيروت موضع التنفيذ".

ووفقا للمادة 1، فإن اتفاقية القرض بين لبنان والصندوق الكويتي وقعت في الكويت بتاريخ 7/8/1968". من عام 1968 الى عام 1970، استمرت عملية بناء الصوامع. "العمل انجز خلال نحو عام ونصف العام. وعام 1970، بدأ العمل بهذه الاهراءات. وهذا يعني انه مر على وجودها 50 سنة"، على ما أضاف الحداد. واشار الى ان "البناء النهائي للاهراءات تضمن ما مجموعه 104 صوامع، بسعة اجمالية تصل الى 125 طنا من الحبوب". 

بوهلر وبرومستاف

يومذاك، صمّمت الإهراءات مجموعة هندسية سويسرية (Bühler Group)، وهي شركة متخصصة بالإنشاءات الكبرى، يعود تاريخ تأسيسها للعام 1860. و"قد تولت عملية تنفيذ التجهيزات الميكانيكية والكهربائية، وتم تلزيم أعمال الباطون لشركات لبنانية، وفق «عقود من الباطن» (Sous-traitance) نفذت بدورها الأعمال الخرسانية بإشراف الشركة السويسرية"، على قول المدير التمثيلي لمكتب شركة بوهلر Bühler في بيروت الياس الشيخ لـ"النهار". 

وهنا كراسة نشرتها يومذاك شركة بوهلر السويسرية عن التصاميم الدقيقة لاهراءات مرفأ بيروت.  

كذلك، انجزت شركة برومستاف Průmstav التشيكوسلوفاكية اعمال البناء يومذاك، باشراف شركة بوهلر السويسرية. ونشر موقع Idnes الاخباري التشيكي، في 6 آب 2020، تقريرا عن العمل الذي انجزته شركة البناء الكبيرة Průmstav في بناء صوامع الغلال في مرفأ بيروت. ونقل عن جان زيكموند Jan Zikmund من مركز أبحاث التراث الصناعي بكلية الهندسة المعمارية في الجامعة التقنية التشيكية، قوله: "بينما بلغت سعة أكبر صومعة في ما كان يعرف آنذاك بتشيكوسلوفاكيا 92 ألف طن، فإن صوامع الغلال تلك (في بيروت) يمكن أن تخزن نحو 120 ألف طن من الحبوب".

وأفاد الموقع أن أعمال بناء صوامع الغلال في مرفأ بيروت "كلّفت 2.5 مليوني دولار". وقد انجزت شركة Průmstav عملية البناء "على مراحل... بين عامي 1968 و1970". واورد تفاصيل عن الصوامع: "ارتفاعها 63 متراً. تتألف سعتها الاستيعابية من 42 صومعة اسطوانية، بقطر داخلي 8.5 امتار، وسماكة الجدران 17 سنتم، والارتفاع 48 مترا. وتتقاطع جدران الأسطوانات في ثلاثة صفوف. ومع ذلك، تم فصل الصفوف عن بعضها البعض، وهناك 54 صينية أخرى بينها".

وأورد ان "الجزء الأكبر من أعمال البناء ارتكز على هياكل خرسانية (اسمنتية) مسلّحة. وقد استخدم العمال 25000 متر مكعب من الاسمنت، صبّوا معظمها في قوالب، لبناء ركائز اسمنتية مسلحة وهياكل الأساسات، بينما صبّوا 3200 متر مربع أخرى في قوالب صلبة للأجزاء فوق الأرض".

ونشر الموقع صورا عدة لاعمال بناء صوامع الغلال في المرفأ يومذاك:

ماذا عن العثمانيين؟ 

وفقا لعرض تاريخي ينشره موقع مرفأ بيروت Port of Beirut، "ورد اسم مرفأ بيروت منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد في الرسائل المتبادلة بين الفراعنة والفينيقيين. وخلال العصر الروماني تطور إلى مركز تجاري واقتصادي. وخلال العصر الأموي، أصبح مركزًا للأسطول العربي الأول. أما في عهد الصليبيين، فقد كان له دور مهم في التجارة البحرية بين الشرق والغرب. وقد تعزز هذا الدور في عصر المماليك عندما تحول مركزا تجاريا يزوره حجاج الأراضي المقدسة. وبحلول نهاية القرن التاسع عشر، تم إنشاء مرفأ بيروت الحالي".

في ذلك القرن، كان لبنان تحت الحكم العثماني. وأورد موقع المرفأ انه "في 19/6/1887، منحت السلطة العثمانية شركة عثمانية باسم Compagnie du Port، des Quais et des Entrepôts de Beyrouth امتياز الميناء (هنا ايضا)". ووفقا لموقع المرفأ، "تم تعزيز امتياز الشركة في ما بعد عندما حصلت من الجمارك على الحقوق الوحيدة لتخزين جميع البضائع العابرة التي تمر عبر الجمارك وحملها. وتم الانتهاء من الأعمال الإنشائية، مثل سد بحري لتوسيع الميناء وتطويره. وتم الاحتفال بالافتتاح بمناسبة الانتهاء من هذه الأعمال نهاية عام 1894، وتم تطوير الأحواض وتوزيعها بين رأس الشامية ورأس المدور...". 

وأوضح المهندس والاقتصادي والمؤرخ الدكتور بطرس لبكي لـ"النهار" ان "هذه الشركة كان يملكها فرنسيون، ورأسمالها كله فرنسي، وادارتها فرنسية. ونظرا الى ان لبنان كان تحت الحكم العثماني يومذاك، فإن الشركة كان يتوجب ان تخضع بدورها للقانون العثماني. لذلك كُتِب انها عثمانية". وقال إن "هذه الشركة ذات التكوين الفرنسي هي التي بنت مرفأ بيروت الحالي، وليس العثمانيين، كما يزعم. وقد اخذت من العثمانيين امتياز استثمار المرفأ لمدة 100 سنة".    

ثلاثة تواريخ اضافية: في 20/5/1925، حصلت الشركة على الجنسية الفرنسية. وفي 13/4/1960، تم تغيير اسم الشركة، ومُنِحت شركة لبنانية اسمها "Compagnie de Gestion et d'Exploitation du Port de Beyrouth" امتيازا لمدة 30 عامًا. وفي 31/12/1990، "انتهى الامتياز". 

النتيجة: المزاعم المتناقلة ان "صوامع الغلال في مرفأ بيروت "عثمانية، وقد بنيت منذ نحو 200 عام، بل هذا المرفأ كله أنشأه العثمانيون"، مزاعم خاطئة. الصوامع دُشّنت عام 1970، ولا علاقة للعثمانيين بها. وبالنسبة الى مرفأ بيروت الحالي، فقد بنته شركة فرنسيّة، على ما اكد الدكتور لبكي لـ"النهار". ولا علاقة مجددا للعثمانيين بعملية البناء. 

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم