كورونا قنبلة هيروشيما البشرية

شكَّلت الحروب والصراعات والنزاعات، على مرّ العصور، منعطفات رئيسية في حياة الدول على كافة الأصعدة الأمنية والسياسية، الاقتصادية والاجتماعية، الديموغرافية والثقافية... وذلك من خلال الأضرار والآثار التي خلفتها كعمليات استنزاف ممنهجة، ما انعكس شللًا سياسيًّا، وعجزًا اقتصاديًا وتغييرًا ديموغرافيًا وتقسيمًا إثنيًّا وعرقيًّا في معظم دول العالم.

تتميز الحروب بخصائص وطرق متعددة، وتتعدد أهداف الحروب وتتنوع وسائلها، كما تختلف الحرب ونظرياتها باختلاف العصور، فلقد تطورت بصورة تدريجية مع التطور التقني والتكنولوجي، حيث ظهرت الحرب الحديثة، الاقتصاديّة، الأيديولوجية، الكيمائية، البيولوجية، والرقمية، والحرب الناعمة...الخ.

شكلت الحروب البيولوجية، ركيزة أساسية في حروب اليوم، بالرغم من ظهورها في العصور القديمة، عندما استخدمتها بعض الدول في حروبها ضد أعدائها، حيث قامت بتسميم وتلويث بعض مصادر المياه بالجراثيم القاتلة، ومع التطور التكنولوجي المتسارع برزت أهمية تطوير أنواع معينة من الحروب.

شهد العالم تحولات دراماتيكية، في بداية القرن العشرين، حيث اهتمت الدول بشكل متزايد بالأسلحة الجرثومية أو البيولوجية، نظراً لقدرتها في حصد العديد من الضحايا، حيث تعد الأسلحة البيولوجية من أنواع اسلحة الدمار الشامل، وباتت الفيروسات المعدلة تشكل الخطر الأكبر في عصرنا الحالي. هناك بعض الأنواع من الأمراض التي شهدنا على سبيل المثال: جرثومة الجمرة الخبيثة، انفلونزا الخنازير، السارس.

كما برزت مؤخراً، الاتهامات بحرب بيولوجية 2019/2020 حين تفشى وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) وحصد العديد من القتلى، وبحسب منظمة الصحة العالمية فقد تجاوز الثلاثة ملايين إصابة حول العالم. 

وقد تضاربت التحليلات حول مصدر هذا الفيروس هل هو طبيعي أم مصنع؟

تزامن ذلك مع ازدياد حدة التنافس بين أميركا والصين، حيث قامت أميركا بتوجيه الاتهامات إلى الصين واعتبارها هي من قامت بتصنيعه في مختبرات ووهان، بينما وسائل إعلام بيكين وموسكو تروج أنه سلاح أميركي لتدمير الصين لخدمة أغراض اقتصادية أو دولية، وبالنظر إلى خلفية الاتهامات الصادرة من كلا الطرفين والتي تحمل الآخر مسؤولية تصنيع هذا الفيروس وانتشاره، وحتى الآن ليس هناك من معلومات مؤكدة بخصوص مصدره، ولكن الشيء الأكيد والوحيد هو أنه حصد العديد من الضحايا، وبات قنبلة الجيل السادس من الحروب فهو أشبه بقنبلة هيروشيما البشرية التي حصدت الأرواح.

وبالعودة تاريخياً إلى القصف الذرّي على هيروشيما وناكازاكي الذي شنته الولايات المتحدة ضد الإمبراطورية اليابانية في نهاية الحرب العالمية الثانية في آب 1945، والذي اسفر عن قتل ما يصل إلى 140,000 شخص في هيروشيما، و80,000 في ناكازاكي بحلول نهاية سنة 1945، حيث مات ما يقرب من نصف هذا الرقم في نفس اليوم الذي تمت فيه التفجيرات.

وفي السياق نفسه، إذا ما قارنا سرعة انتشار فيروس كورونا بالهجوم النووي على هيروشيما، لوجدنا تشابهاً في سرعة حصد الأرواح، فبات كورونا اشبه بقنبلة نووية او بالاحرى قنبلة فيروسية جرثومية صنعت في أحد مختبرات تطوير الفيروسات وخرجت عن السيطرة، بحيث لم يتوقع أحد ما هي النتائج التي ستؤول إليها الاوضاع في حال انتشارها، وبالتالي لم يستطع أحد من التحكم بسرعة انتشارها فكانت كالقنبلة النووية التي اجتاحت هيروشيما وحصدت الآلاف من الضحايا، والأخطر من ذلك أنه لهذه اللحظة لا نعرف ما هي تداعيات هذا الفيروس على الأجسام، وما سيخلفه من آثار في أجساد البشر.

يتضح مما تقدم، بأننا بتنا نعيش في زمن الجيل السادس من الحروب، ولا يمكننا التنبؤ بما ستؤول إليه الأحداث في حال ازدياد السباق على تصنيع الفيروسات في ظل الذكاء الاصطناعي، لذا علينا جميعاً أن نبقى يقظين ومطلعين على أحدث التطورات التكنولوجية، وبالتالي التحلي بالوعي والحكمة، لإنقاذ أنفسنا واوطاننا من حروب حديثة قادمة.