الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

واشنطن تحاصر خطوط "ماهان" الإيرانيّة... هدف ثلاثيّ الأبعاد

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
واشنطن تحاصر خطوط "ماهان" الإيرانيّة... هدف ثلاثيّ الأبعاد
واشنطن تحاصر خطوط "ماهان" الإيرانيّة... هدف ثلاثيّ الأبعاد
A+ A-


نفوذ أميركيّ إزاء الصين

تملك الشركة مقرّاً في شنغهاي وآخر في بيجينغ. جمّد القرار أصول الشركة في الولايات المتحدة إضافة إلى منع الأميركيّين من التعامل معها. سبق أن فرضت واشنطن عقوبات على شركات صينيّة تتعامل مع إيران. لكن في أوقات التهدئة بين البلدين، رفعت جزءاً منها. هذا ما حصل في 31 كانون الثاني، حين ألغت عقوبات عن إحدى وحدتين تابعتين لشركة "كوسكو" التي نقلت النفط الإيرانيّ إلى الصين.

فرضت واشنطن عقوبات على هاتين الوحدتين في 25 أيلول بعد 11 يوماً على الهجوم الذي تبنّاه الحوثيّون على المنشآت النفطيّة السعوديّة والذي قال خبراء إنّ البصمة الإيرانيّة واضحة عليه بالنظر إلى دقّته. خلال المحادثات التجاريّة مع الأميركيّين، تذمّرت الصين من هذه العقوبات، وفقاً لما نقلته وكالة "رويترز" عن مسؤولين. وقال هؤلاء إنّ رفع العقوبات عن الوحدة الأولى فقط دون الثانية كان تمهيداً لدخول الدولتين المرحلة الثانية من المفاوضات التجاريّة. بالمقابل، مكّن إبقاء واشنطن على معاقبة إحدى الوحدتين من الاحتفاظ ببعض النفوذ إزاء بيجينغ.

مع احتدام الحرب الإعلاميّة المتبادلة بسبب "كورونا"، تبدو الولايات المتّحدة على مسار عودة التصعيد الإجرائيّ مع الصين والحفاظ على حملة الضغط الأقصى على إيران. بذلك، تكون واشنطن قد استغلّت ظرفاً يمكّنها من فرض ضغط على طرفين، إن لم يكن أكثر، عبر إجراء واحد.


مشتبه بنشرها الوباء

"ماهان إير" هي شركة طيران إيرانيّة خاصّة تشير تقارير إلى ارتباطها بالحرس الثوري الإيرانيّ وتأسّست سنة 1992. لم تخرج الشركة من دائرة الاتهامات التي ربطتها بالمساهمة في نشر فيروس "كورونا" داخل إيران وجعل تلك البلاد أوّل مركز لتفشّي "كوفيد-19" خارج الصين في شباط الماضي.

ظلّت الشركة تسيّر رحلاتها من وإلى الصين حتى بعد اتخاذ طهران قرار تعليق الرحلات إلى تلك البلاد في الأوّل من شباط. وتساءل النائب في مجلس الشورى الإيراني بهرام بارسائي في تغريدة عمّا إذا كانت تلك الشركة "مستقلّة وغير تابعة" للحكومة. واتّهم بطريقة غير مباشرة الحرس الثوري بالمخاطرة بصحّة الشعب: "إنّ إبقاء المديرين غير الأكفاء (في مناصبهم داخل الشركة) أهمّ من حياة الناس."

في البداية، ردّت الشركة عبر القول إنّها واصلت رحلاتها بعد صدور القرار الحكوميّ من أجل إجلاء الإيرانيّين الراغبين بالعودة من الصين إلى ديارهم. لكن بين 4 و 22 شباط سيّرت الشركة ما لا يقلّ عن 55 رحلة بين طهران وكلّ من بيجينغ وشنغهاي وغوانغزو وشنجن بحسب أحد التقارير. وفي إحصاء آخر، وجدت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أنّ الشركة الإيرانيّة سيّرت 157 رحلة بين البلدين خلال شهري شباط وآذار. ولم تعلّق الشركة على طلب توضيح أرسلته "بي بي سي".


الحاجة إلى منفذ

حدث ذلك على الرغم من أنّ نائب وزير الصحة الإيراني علي رضا رئيسي قال في الشهر نفسه إنّ التفشّي في قم، مركز الوباء في إيران، ارتبط بشكل "واضح ومحدّد" بالعمّال والطلّاب الصينيّين. وبرزت انتقادات إيرانيّة ضمنيّة لدور الصين غير المباشر في تهيئة الأرضيّة لانتشار الفيروس داخل البلاد، على لسان رئيس كلية العلوم في جامعة مشهد محمد حسين بحريني الذي أشار وجود حوالي 700 طالب من الصين في الحوزة العلميّة في قم.

وسط تصاعد الضغوط عليها، تحتاج إيران لمنفذ إلى الصين للحصول على دعمها النفطيّ والتجاريّ. يفسّر هذا مواصلة الشركة الإيرانيّة رحلاتها شبه الاعتياديّة إلى الصين. ولا تزال "ماهان" واحدة من الخطوط الجوّيّة الدوليّة القليلة التي تقوم برحلات إلى تلك البلاد، مع توقّف حوالي 50 شركة دوليّة عن التوجّه إلى هناك وسط تفشّي الجائحة.

في 2 شباط، غرّد السفير الصينيّ في إيران شانغ هوا كاتباً أنّه خلال اجتماعه مع مدير شركة "ماهان" حميد عرب نجاد كرّر الأخير "رغبة الشركة في العمل مع الصين." يبدو من هذا السياق أنّ مواصلة "ماهان إير" رحلاتها إلى الصين يثير خلافاً بين جناحي الحكم في إيران. أمّا على الجانب الأميركيّ تتعدّى المشكلة مجرّد عمل الشركة مع الصينيّين.

فنزويلا حاضرة أيضاً

قال بومبيو إنّ "ماهان إير" تسهّل "الشحنات إلى فنزويلا لدعم النظام السابق غير الشرعي ومحاولاته اليائسة لتعزيز إنتاج الطاقة، والذي تراجع بسبب سوء إدارته الفادح." واتّهم الشركة الإيرانيّة ب "نقل الذهب من خزائن فنزويلا إلى إيران، حارمة الشعب الفنزويلي من الموارد اللازمة لإعادة بناء اقتصاده."

كذلك، اتّهمت وزارة الخزانة "ماهان إير" بتسيير رحلات لتقنيين إيرانيين يحملون تجهيزات من الصين لمساعدة حكومة الرئيس نيكولاس مادورو في إعادة إحياء إنتاج الطاقة. وتأتي الضغوط الأميركيّة من أجل إغلاق الشركة الإيرانيّة التي اتّهمتها بنقل المقاتلين لدعم نظام الرئيس السوريّ بشار الأسد كما دعم الحرس الثوريّ وذراعه "قوة القدس". وأعلنت الولايات المتحدة أنّ الشركة الصينيّة قدّمت خدمات متنوّعة ل "ماهان إير" من بينها ما هو ماليّ وإداريّ وتسويقيّ وصولاً إلى استقبال وتسليم الشحنات.

أهمّيّة القرار الأميركيّ الأخير أنّه يشكّل نقطة التقاء بين ثلاثة أهداف أميركيّة بالحدّ الأدنى. فالإدارة الأميركيّة تدرس كيفيّة تصعيد الضغوط ضدّ بيجينغ كما أنّها تستعدّ للتحرّك كي تمدّد الحظر على صادرات الأسلحة إلى إيران والذي ينتهي بعد أربعة أشهر. ولا تزال فنزويلا حاضرة في السياسة الخارجيّة الأميركيّة.

وعلى صعيد التطوّرات، برز توتّر أميركيّ-إيرانيّ بسبب إرسال طهران شحنات وقود لفنزويلا مع درس واشنطن إجراءات انتقاميّة ضدّها. وعادت مؤخّراً لغة التهديد الأميركيّة ضد بحريّة الحرس الثوريّ بضرورة الابتعاد عن السفن الأميركيّة بما لا يقل عن حوالي مئة متر. لذلك، تبدو العقوبات الأميركيّة جزءاً من مشهد أوسع قد يكون آخذاً بالتبلور.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم