الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

1867 مغترباً عادوا إلى لبنان حتى أمس... ماذا ينتظرنا في الأسبوعين المقبلين؟

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
1867 مغترباً عادوا إلى لبنان حتى أمس... ماذا ينتظرنا في الأسبوعين المقبلين؟
1867 مغترباً عادوا إلى لبنان حتى أمس... ماذا ينتظرنا في الأسبوعين المقبلين؟
A+ A-

بعد أن حقّق لبنان نجاحاً في احتواء فيروس #كورونا في الأسابيع الماضية، شكّلت عودة المغتربين اللبنانيين نقطة مفصلية في مسار انتشار الفيروس. أثنى بعض الخبراء على دور لبنان ونجاحه في تحويل مسار الإصابات إلى نقطة الانعطاف وتسجيل استقرار في عدد الحالات الجديدة، في حين لم يُخفِ البعض الآخر تخوفه من عودة الأمور إلى نقطة الصفر بعد قرار إعادة المغتربين اللبنانيين إلى بلدهم الأمّ. 

كان التحدّي صعباً ودقيقاً، ليس سهلاً أن تعمل على آلية عودة بكل تفاصيلها لضمان فاعلية إجلاء آمنة تفادياً لانتشار الفيروس وفق المعايير والشروط الصحية. اتجهت الأنظار إلى عدد العائدين ونسبة الإصابات. كانت الدفعة الأولى من الوافدين بمثابة اختبار، وكما أكدت الحكومة في موقفها السابق أنه "في حال تبين أن نسبة المصابين بفيروس كورونا عالية سنضطر إلى إيقاف الآلية، أما إذا راوحت النسبة بين ١ و٢% سنستمرّ". 

شكّلت أعداد المغتربين قلقاً محلياً لا يمكن إخفاؤه، كان الهاجس الأكبر يكمن في عدد الإصابات التي قد تُسجل في صفوف الجالية اللبنانية في الإغتراب، لكن التعاطي الحكومي والآلية المتبعة كسرت المخاوف ورُفعت لها القبعة لما قدّمته من احترافية ومهنية عاليتين. اليوم تنتهي الرحلات الخاصة بالدفعة الأولى، فكيف يمكن تقييم الوضع اللبناني بعد عودة المغتربين، وهل نشهد ارتفاعاً في الأسبوعين المقبلين في أعداد الإصابات؟ 

في العودة إلى أرقام وزارة الصحة اللبنانية، شملت الرحلات الأولى في تاريخ 5 نيسان 2020، 4 رحلات قادمة من لاغوس، وكان على متنها 117 راكباً، أبيدجيان 112 راكباً، أبو ظبي 79 راكباً، والرياض 78 راكباً، حيث بلغ مجموع الركاب 386 من دون تسجيل أي إصابة بينهم. 

في تاريخ 7 نيسان، استقبل مطار بيروت الدولي 4 رحلات قادمة من فرنسا وعلى متنها 123 راكباً، مدريد 109 ركاب، اسطنبول 121 راكباً، وكينشاسا 120 راكباً، حيث بلغ مجموع الركاب 473 سُجل بينهم 12 إصابة (7 مدريد، 4 فرنسا و1 اسطنبول). 

في تاريخ 9 نيسان، شهد مطار بيروت الدولي على 4 رحلات جديدة قادمة من الدوحة وعلى متنها 122 راكباً، لندن 125 راكباً، فرانكفورت 121 راكباً، وأكرا أفريقيا 121 راكباً، وبلغ مجموع الركاب 489 سُجل من بينهم 14 إصابة (13 إصابة من لندن وإصابة واحدة من الدوحة). 

في 11 نيسان أجرت شرطة طيران الشرق الأوسط 4 رحلات: الكويت وعلى متنها 123 راكباً، دبي 126 راكباً، لواندا 148 راكباً، وروما 122 راكباً، حيث بلغ مجموع الركاب 519 دون تسجيل أي إصابة في صفوف الرحلات الأربع. 

إذاً، في مجموع الرحلات حتى تاريخ أمس سُجل 26 إصابة في صفوف المغتربين اللبنانيين الذين بلغ عددهم 1867. هل هذا الرقم مقبول مقارنة بالعدد؟ وهل هناك تخوف من مسار تصاعدي في الإصابات خلال الأسبوعين المقبلين؟

يؤكد الباحث والأستاذ في علم الفيروسات والأمراض الوبائية الدكتور حسن زراقط لـ"النهار" أن "موضوع عودة المغتربين جرى وفق تنظيم وحرفية عالية، وهذا الأمر يتطلب إمكانيات معقدة لعدم حدوث تفشي العدوى سواء داخل أو خارج مجموعة المغتربين. لذلك طريقة إعادتهم وتنظيم الرحلات وطريقة خروجهم من المطار إلى الطائرة ومن ثم إلى الفندق في لبنان تتمتع بحرفية عالية، وهذا مؤشر مطمئن. إن الاجراءات المتخذة من تعقيم إلى ارتداء البذلة الواقية أو الكمامات وصولاً إلى الحجر الفندقي أو المنزلي بعد صدور النتيجة من شأنه أن يمنع انتشار الفيروس وتمدده".

وأشار إلى أن "26 حالة المثبتة اليوم في صفوف المغتربين هي للأشخاص عند وصولهم إلى لبنان، ولكن فترة حضانة الفيروس هي حوالى الأسبوعين أي 14 يوماً، ما يعني أنه يتوجب علينا مراقبة كل العائدين والتأكد من عدم ظهور أي عارض لديهم حتى للأشخاص الذين كانت نتيجة فحوصاتهم سلبية. لذلك هذا العدد (26 حالة) قد يزيد وإنما علينا أن نعرف أنه طالما هذه الحالات ملتزمة بالحجر الصحي فليس هناك خوف من تفشي الفيروس وسننجح في السيطرة على #كورونا في لبنان".

 إذاً، يشهد الكثيرون ومنهم  الأطباء والخبراء في علم الأوبئة، أن عودة المغتربين كانت ناجحة وفق معايير عالية وبحرفية تامة، سواء من خلال ضبط الأعداد والفحوصات وسرعة النتائج المخبرية، وأن الصعوبة التي قد نواجهها تكمن في كيفية متابعة هذه الحالات في حال ازدياد عدد المغتربين العائدين، ما يتطلب رفع للجهوزية لمتابعة كل هذه الحالات".

وفقاً للأرقام والمعطيات، أكدت الحكومة أنه في حال تخطت النسبة 2% في عدد الإصابات في صفوف المغتربين فهي ستتخذ قراراً في وقف الرحلات، كيف تقيَّم الأرقام؟ وفق زراقط، أن هذه النسبة تظهر تباعاً، على سبيل المثال تنقل طائرة فيها  100 راكب ومن بينهم هناك 5 إصابات على متنها، يتمّ مراقبة 95 شخصاً الذين كانوا على متن تلك الطائرة للتثبت من مدى دقة وقدرة الإجراءات المتخذة للسيطرة على العدوى أثناء الانتقال من خارج إلى داخل لبنان. وعلينا أن نعرف أن أي خلل قد يحدث ممكن أن يحوّل حالة واحدة إلى عدوى لخمسة أو 10 أشخاص. لذلك نشهد حالة تريث كما أن هناك إجراءات أكثر تشدداً في بعض الدول ومنها لندن التي تُعتبر بؤرة للوباء، وهذا ما يزيد مخاطر انتقال الفيروس إلى لبنان. وانطلاقاً من ذلك، يخضع الراغبون بالعودة إلى الفحوصات ونقلهم إلى الفنادق قبل إجلائهم إلى لبنان بهدف التخفيف من إمكانية نقل أشخاص مصابين مع أشخاص أصحاء على متن الطائرة نفسها".

ما لا شك فيه أن الإجراءات ستكون أصعب في الدول الموبوءة، بشكل عام يبدو أن العودة من الدول الأوروبية ستكون أصعب وأكثر تعقيداً مما عليه من الدول الأخرى. ولكن برأي زراقط، أن "التحدي الأكبر يكون بمدى إلتزام العائدين بالحجر المنزلي فعلاً، وأن أي استهتار أو عدم إلتزام سيُعرض عائلته والمحيطين به إلى الخطر. الإلتزام الجدي هو الأساس وهو سيحدد مسار الإصابات في لبنان في الأسابيع المقبلة (ارتفاع أو انخفاض الحالات الجديدة). 

وأضاف أنه "من الطبيعي أن يكون هناك مسح للأشخاص بالنسبة إلى العوارض الصحية، وأي شخص تظهر عليه العوارض لا يجب أن يصعد إلى الطائرة، لا سيما أن بعض الطائرات ليست مجهزة للتعامل مع هذه الحالات. ولقد شاهدنا بعض الدول التي أرسلت الطائرات لإجلاء رعاياها، أنها كانت مجهزة وقادرة على عزل المصابين عن غير المصابين. وهذه العملية ليست سهلة، لذلك وللتقليل من مخاطر انتقال العدوى، يتم انتقاء الأشخاص سواء الذين لا يعانون من أي عارض أو أجروا فحص الـPCR بهدف حصر احتمال تفشي الوباء أثناء الانتقال إلى المطار أو أثناء وصولهم إلى لبنان. ويبقى الأهم أن نعرف أنه مع كل عودة طائرة هناك أسبوعان لمراقبة كل العائدين للتأكد من مدى صلابة وقدرة الإجراءات لمنع أي انتشار للفيروس بين الركاب".

أما بالنسبة إلى المقيمين في لبنان، يشرح زراقط أنه "في الأيام العشرة الماضية كان مسار الإصابات إيجابياً ومستقراً في ظل الدعوة إلى زيادة الفحوص إذ تعمل وزارة الصحة على رفع عددها. لكن الأساس ليس في زيادة عدد الفحوص وإنما التأكد من استمرارية وتيرتها على المدى البعيد. تعمل الحكومة اليوم على رفع عدد الفحوص بالتزامن مع استمرارية هذه الفحوصات على مدى أطول لأن أي تفشٍ في لبنان سيتطلب إجراء فحوصات أكثر. 

إذاً، كان منحى الإصابات في لبنان في الأيام العشرة الماضية إيجابياً إلى حين ظهور بعض الحالات في بشرّي وبرجا، الأمر الذي دق جرس الإنذار وغيّر منحى الوباء. لأنه بمجرد ظهور حالة جديدة في منطقة يتطلب رفع الجهوزية ومراقبة هذه المنطقة لمدة أسبوعين للتأكد من مدى تفشي الفيروس. ما تشهده بشرّي اليوم من فحص مركز هو جيد وضروري، وأن أي حالة جديدة تظهر اليوم نحتاج إلى أسبوعين حتى تظهر على المحيطين به أية أعراض ممكنة، لذلك نحن أمام أسبوعين حاسمين للتثبت من مدى انتشار الفيروس في بعض المناطق التي ظهر في #كورونا".

هل تشكّل إصابات اللبنانيين العائدين ضغطاً إضافياً على قدرات النظام الصحي اللبناني؟

في هذا الصدد، يشرح الأستاذ المحاضر بعلم الرياضيات والإحصاء في كلية الصحة العامة في الجامعة اللبنانية الدكتور ماهر عبد الله لـ"النهار" أنه "حسب وزارة الصحة اللبنانية أجري لغاية اليوم 13 نيسان 13480 فحصاً للمقيمين في لبنان وعدد النتائج الايجابية هو 532 أي بنسبة 4% بينما يوجد 27 إصابة للبنانيين قادمين من الخارج من أصل 1928 فحصاً بنسبة 1.4 %.

طبعاً من الناحية الوطنية والإنسانية، يجب إعادة كل لبناني بحاجة إلى العودة ولكن السؤال الأهم: هل تشكل إصابات اللبنانيين العائدين ضغطاً إضافياً على قدرات النظام الصحي اللبناني حسب التحليل الرقمي لقدرات النظام الصحي اللبناني؟ الهدف الأول لأي نظام صحي هو تسطيح المنحنى الوبائي لعدم تخطي قدرات النظام الصحي، وفي هذا الإطار نشرت وزارة الصحة اللبنانية سيناريو لقدراتها في محاربة الكورونا.

وفق السيناريو المعمول به من قبل وزارة الصحة حتى لا نتخطى قدرات النظام الصحي اللبناني، يجب أن لا يتجاوز عدد المصابين في نفس الوقت الـ 5000 مصاب وإلا نكون وصلنا الى حافة هذه القدرات إذ إن حوالي 15% بحاجة الى استشفاء أي 750 مصاباً و5% إلى العناية الفائقة أي 250 مصاباً ولن يتجاوز عدد المصابين الذين بحاجة الى جهاز تنفسي هذا الرقم.

أما في قراءة للأرقام الأخيرة لشهر نيسان، يرى عبدالله أنه "في الاسبوع الأخير الممتد من 6 نيسان لغاية 12 نيسان، كانت نسب الزيادة في لبنان في أعداد الاصابات تراوح بين 1.22 % و4.93 % بمتوسط زيادة قدرها 2.81%. 

وإذا أجرينا محاكاة لهذه الزيادة بدءاً من 13 نيسان، يتكوّن لدينا المنحنى التالي:

نصل عندها في آخر شهر حزيران إلى حافة قدرات النظام الصحي، ولكن من الممكن أن يكون أعداد المتعافين زاد بشكل أن نبقى تحت قدرات النظام الصحي.

بالعودة الى السؤال الأساسي: هل تشكل إصابات اللبنانيين العائدين ضغطاً إضافياً على قدرات النظام الصحي اللبناني؟ يعتبر عبدالله أن الاجابة هي إجابة ديناميكية وليست ستاتيكية، بمعنى أنه يجب مراقبة مسار أعداد الاصابات في الداخل وأيضاً بين الوافدين، في حال استمر هذا التصاعد بوتيرة أقل من 20 مصاباً يومياً لن يكون هناك أي تخطي لقدرات النظام الصحي. أما في حال تصاعدت أعداد المصابين في الأيام المقبلة بوتيرة سريعة عندها يجب التنبه وهذا ما تسعى إليه وزارة الصحة عبر زيادة قدرات النظام الصحي اللبناني حسب تصاريح وزير الصحة".





الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم