الاتفاق بين واشنطن و"طالبان"... كيف تستفيد منه قطر؟
Smaller Bigger

عزّز توفير قطر مكاناً محايداً لإجراء مفاوضات في شأن إنهاء الصراع المستمر منذ 18 سنة في أفغانستان، مكانتها الدولية وجهودها في تحدي الحظر الذي فرضه عليها من قبل جيرانها وحلفاؤها السابقون.

وبعد توسّطها لإقامة حوار بين الأطراف المتحاربين، شارفت قطر جني ثمار عملية ديبلوماسية كبيرة بتوقيع اتفاق في الدوحة السبت المقبل، من شأنه أن يدفع وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون" إلى سحب آلاف الجنود من أفغانستان.

وشهدت المفاوضات مشاهد غير مألوفة كتحوّل مقاتلي "طالبان" إلى مفاوضين سياسيين في العاصمة القطرية، على وقع الموسيقى الكلاسيكية التي تصدح في مداخل فنادقها الفخمة.

لكن المشروع الديبلوماسي الضخم لم يمر من دون تحديات كبيرة للإمارة الثرية.

وإذا سار كل شيء كما هو مخطط له، فإن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سيحتفل السبت بنجاح الوساطة، في ذكرى مرور ألف يوم على قطع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر العلاقات مع بلاده.

وكانت الدول الأربع جمّدت علاقاتها الديبلوماسية مع قطر في حزيران على خلفية اتّهامها بدعم جماعات إسلامية متطرفة، وهو ما نفته الإمارة.

وترافق قطع العلاقات مع إجراءات اقتصادية بينها إقفال الحدود البرية والطرق البحرية، ومنع استخدام المجال الجوي وفرض قيود على تنقّلات القطريين.

وتعثرت المحادثات الرامية إلى وضع حد للخلاف، بعدما أثارت موجة من الجهود الديبلوماسية أواخر العام الماضي الآمال في حصول انفراج.

لم تكن قطر، شبه الجزيرة الصغيرة المعروفة بثرواتها الغازية وفوزها المثير للجدل باستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022، خياراً محتملاً على ما يبدو لاستضافة المفاوضات.

وتقع قطر على مسافة 1800 كيلومتر (1120 ميلاً) من أفغانستان التي مزّقتها الحرب طوال سنوات. ومع ذلك، دعت الإمارة حركة "طالبان" إلى فتح مكتب سياسي لها في الدوحة عام 2013 بمباركة من واشنطن.

واضطلعت الدولة الثرية في العقدين الاخيرين بدور الوسيط في عدد من من النزاعات، بينها خلافات بين دول افريقية، وكذلك في الشرق الأوسط حيث استضافت محادثات لبنانية في 2008 أفضت إلى التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية.

كما انّها كانت الوسيط بين جماعات ليبية متقاتلة، وكان لها دور في النزاعين السوري والفلسطيني- الإسرائيلي، بدعم معارضي الرئيس السوري بشار الأسد وحركة المقاومة الاسلامية "حماس".

وقال المحلّل في مركز صوفان كولن كلارك: "إذا لم يكن لديهم هذا الدعم، فلن يأخذهم أي شخص على محمل الجد"، ملاحظاً أن قطر كانت تعتبر "وسيطاً موثوقاً به من الجانبين".

والصفقة التي قالت مصادر من "طالبان" وأفغانستان إنّها ستوقع في الدوحة، هي اتفاق تاريخي يخفّض الوجود العسكري لواشنطن في أفغانستان مقابل التزامات أمنية مختلفة من "طالبان".

وبدأت الرعاية القطرية بصعوبة، إذ دار جدل بعد فترة قصيرة من إنشاء "المكتب السياسي لطالبان" ورفعُ المتمردين علمهم فوق المبنى العالي الجدران، مما أثار استياء كابول.

وإلى الفنادق الضخمة، أُجريت محادثات مع "طالبان" في نادٍ فخمٍ حيث تبادل المقاتلون الحديث مع الجنرالات الأميركيين ومسؤولي وزارة الخارجية وهم في طريقهم إلى الرياضة أو الاستجمام.

واستضافت قطر كذلك اجتماعات لحوار أفغاني داخلي ضم أطرافاً سياسيين وعسكريين واجتماعيين بينهم مجموعات من النساء. لكن أكبر العوائق جاء في أيلول، عندما نسف الرئيس دونالد ترامب الجولة التاسعة للحوار بتغريدة واحدة، بعدما بدا أنّ العملية الديبلوماسية قد بلغت ذروتها.

وأثار ترامب دهشة الكثيرين في واشنطن وحول العالم، بإعلانه أنه دعا "طالبان" إلى المجمع الرئاسي في كمب ديفيد، لكنه ألغى الاجتماع غير المسبوق. ولا يمكن التنبؤ بما قد يقدم عليه في الأيام المقبلة، ولذا تبقى مسألة التوقيع في الدوحة رهن قرار الرئيس الأميركي.

ومع اقتراب اليوم التاريخي، بدأ الشيخ تميم حملة ديبلوماسية منفصلة، إذ انطلق في جولة إقليمية بدءاً من عمّان هذا الأسبوع معلناً عن 10 آلاف وظيفة في قطر للأردنيين. وزار أيضاً تونس والجزائر خلال الجولة المصغّرة، قبل جولة في آسيا الوسطى، في مؤشر لثقة الدولة الخليجية بعلاقاتها الخارجية على رغم الخلاف مع جيرانها. ونشب الخلاف بسبب مزاعم أن الدوحة قريبة من الحركات الإسلامية، وهي تهمة تنفيها قطر.

ولكن بفضل شبكة تحالفاتها، تضطلع الدوحة بدور ديبلوماسي رئيسي. فقد أدّت دور الوسيط عندما بدت طهران وواشنطن على وشك الانجرار إلى الحرب بسبب قتل الولايات المتحدة قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني قرب مطار بغداد في كانون الثاني.

وقال كلارك إن الدوحة أثبتت جدواها للولايات المتحدة وهي تعمل على حلحلة مسائل لم يستطع أحد غيرها العمل عليها. وأوضح أنه "إذا نجح الأمر (توقيع اتفاق السبت)، فإنهم سيقابلون بحفاوة بالغة. وإذا لم يحصل ذلك، فإن الكثير من الناس لم يتوقعوا أصلاً أن يتحقق".

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/5/2025 1:57:00 PM
 "استخدموا المستشفيات كسجون، وكان ذلك استخداماً منهجياً حقاً. كان عدد القتلى داخل المستشفيات أكثر من عدد القتلى في السجون".
المشرق-العربي 12/5/2025 7:11:00 PM
مقربون من الأسد لـ"رويترز": الأسد استسلم لفكرة العيش في المنفى
كتاب النهار 12/4/2025 5:06:00 AM
رعد بات مثقلا بأعباء إضافية تضاعفت في الآونة الأخيرة، وخصوصا بعد "النزف" الكبير على مستوى القيادة المركزية للحزب
اقتصاد وأعمال 12/4/2025 3:38:00 PM
تشير مصادر مصرفية لـ"النهار"  إلى أن "مصرف لبنان أصدر التعميم يوم الجمعة الماضي، تلته عطلة زيارة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان، ما أخر إنجاز فتح الحسابات للمستفيدين من التعميمين