الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ردّاً على ترامب... إعلان الدولة أم تغيير مهام السلطة؟

د. باسم عثمان - كاتب وباحث سياسي
ردّاً على ترامب... إعلان الدولة أم تغيير مهام السلطة؟
ردّاً على ترامب... إعلان الدولة أم تغيير مهام السلطة؟
A+ A-

مهما كانت خطورة "صفقة ترامب - نتنياهو" بعد الإعلان الرسمي عن كامل بنودها، فإن الرفض الفلسطيني لها جماهيرياً ورسمياً ينزع عنها شرعيتها، حتى لو أقدمت إسرائيل على الضمّ الفوري للأراضي الفلسطينية المحددة بغور الأردن والمستوطنات، وهذا أخطر ما يمكن أن تنفذه إسرائيل بشكل أحادي، فهو لن يغير من حقيقة أنها أراضٍ فلسطينية محتلة وفقاً للقانون الدولي

الصفقة جَبّت ما قبلها

المطلوب فلسطينياً وبشكل عاجل، استثمار حالة الإجماع الشعبي والسياسي برفض الصفقة، والعمل على إنجاز المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، عبر الدعوة إلى لقاء قيادي فلسطيني مركزي يضم الأمناء العامين لكافة الفصائل الفلسطينية ورؤساء المجالس التشريعية (الوطني والمركزي) لاتخاذ الخطوات الوطنية والسياسية، ووضع الاستراتيجية الوطنية المناسبة لتحديات وإجراءات ما بعد الإعلان عن "الصفقة"، فقد (جبّت) "صفقة" ترامب ما قبلها من الصفقات والاتفاقيات والأوهام والرهانات على الآخر (كأوسلو وريفر وبروتوكول باريس ووادي عربة...الخ)، وها نحن نعود إلى المربع الأول من أبجديات العمل الوطني الفلسطيني وتكريس روافعه وآلياته.

ردّةالفعل...

ولكن عندما تقتصر ردة الفعل الفلسطينية (الرسمية والفصائلية) على تكرار الخطابات والشعارات ورفض الصفقة والتمسك بالثوابت، دون وجود أو الإعلان عن استراتيجية وطنية فلسطينية للردّ، سياسياً ودبلوماسياً، وهذا ما نعوّل عليه بأقصى سرعة، أي بترجمة ما حصل من لقاءات قيادية فلسطينية بأوراق عمل ملموسة وميدانية، وبدون ذلك، عندها تكون ردات الفعل للحصانة الإعلامية فقط، وتعبّر عن العجز والفشل والإفلاس السياسي لأصحاب القرار الفلسطيني، أو أن هناك قوى نافذة فيها متواطئة مع ما يُطرح من "صفقات"، وإن استمرت ردود الفعل بهذا الشكلدون خطوات ملموسة، فستكون أفضل حافز وتشجيع لترامب ونتنياهو على الاستمرار بفرض "الصفقة" على أرض الواقع، دون خوف من ردود أفعال ذات تأثير.

تغيير مهام السلطة

أما الحديث عن تغيير وظيفة السلطة ومهامها في حديث عباس، وهو المطلوب سياسياً الآن كخطوة مصيرية وتاريخية، بشرط أن يكون هذا التغيير مدخلاً وطنياً لمواجهة الصفقة وتجلياتها، ألا وهو بالإعلان عن قيام دولة فلسطين تحت الاحتلال، وأن تتحول هذه السلطة إلى سلطة دولة فلسطين المحتلة، ومطالبة المجتمع الدولي بالتدخل وتحمل مسؤولياته السياسية والقانونية تجاه دولة فلسطين وشعبها الرازح تحت الاحتلال، وتنفيذ كل قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة باحتلال أراضي الغير بالقوة، وذات الصلة بالقضية الفلسطينية.

وهكذا يكون مفهوم تغيير وظيفة السلطة ومهامها، وطنياً وسياسياً، بأن تتحول إلى مرجعية وطنية عليا لكل الشعب الفلسطيني ومعبّرة عن همومه وحقوقه، كسلطة دولة تحت الاحتلال، وأي تغيير في وظيفة السلطة يجب أن يمر عبر بوابتها السياسية، انسجاماً مع طبيعتها المفترضة،وهو إلغاء كل أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال وسحب الاعتراف به، وتجديد المكانة الرمزية والتمثيلية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتفعيل مؤسساتها، وإعادة بنائها كحركة تحرر وطني لكل الشعب الفلسطيني داخل الوطن المحتل والشتات، وتوفير كل متطلبات الصمود للشعب الفلسطيني فوق أرضه، ودعم كل أشكال مقاومته؛ هذا التغيير المطلوب من وظيفة السلطة ومهامها القائمة على إرث أوسلو-والذي وأدته صفقة ترامب وإلى الأبد- إلى سلطة وطنية للدولة الناجزة.

الاستراتيجية الوطنية

إن الموقف الفلسطيني العام يبدو موحداً ضد "خطة ترامب"، وكل السبل للوحدة الوطنية والسياسية وإنهاء الانقسام سالكة سياسياً، ولكن المطلوب هو الذهاب عملياً نحو خطوات تزيل العقبات "المصطنعة" في طريق إنجاز الوحدة، وأهمية تحديد طبيعة العلاقة مع كيان الاحتلال، وإعلان دولة فلسطين وفقاً لقرار الأمم المتحدة 19/6/2012، هذا هو التغيير المنشود في مهام السلطة القائمة، ولا يستقيم الحديث عن تغيير لبعض مظاهر العلاقة مع كيان الاحتلالبحيث يمثّل بشكل أو بآخر الاستمرار بـ "شراكة ما" معه، وحينها يفقد الشعب الفلسطيني بوصلته من جديد وكأنك " يا أبو زيد ما غزيت".

المسألة ليس اجتهاداً في "فقه" المصطلحات والمعاني، وليس كذلك في أولوية اتخاذ القرارات السياسية المناسبة، بل هو في ضرورة اتخاذها وتطبيقها، وليس التهديد بتطبيقها، خاصة وأن الظرف السياسي وموازين القوى الإقليمية والدولية تخدم بشكل أو بآخر تلك "الصفقة".

إن تحديد طابع المرحلة الراهنة في الحالة الفلسطينية، يمثل الخطوة الرئيسية لبناء سبل وأدوات المعركة الشاملة بكل أشكالها، ولقطع الطريق على استمرار "الشراكة" مع سلطة الاحتلال، يُنقل الواقع القائم وإرثه "المنتهية صلاحيته" إلى واقع جديد، من شأنه أن يفرض ذاته على المشهد الإقليمي والدولي قبل الفلسطيني.

استخلاص...

المعركة هي: هل فلسطين دولة تحت الاحتلال أم سلطة فلسطينية مشتركة مع سلطات الاحتلال وبتنسيق أمني؟ إن موازين القوى والرهان على الآخر وانتهاج السياسة الانتظارية، ليس في صالح الشعب الفلسطيني وقضيته. إن المواجهة مع صفقة ترامب حتمية، ولكنها تحتاج إلى خطوات عملية وسياسية وتاريخية قبل أن تصبح "حقيقة سياسية".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم