الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

العائلات الأكثر فقراً بين النقمة وانتظار الرحمة

المصدر: النهار
شادي نشابة
العائلات الأكثر فقراً بين النقمة وانتظار الرحمة
العائلات الأكثر فقراً بين النقمة وانتظار الرحمة
A+ A-

في معظم دول العالم تعمد الدولة المركزية الاستفادة من كافة مواردها في العاصمة وخارجها، أما في لبنان فالعكس، حيث لا استفادة سوى من موارد العاصمة حتى لو على حساب الوطن بأكمله. تلك السياسات الإنمائية والاقتصادية والمالية المختلفة أدت نتيجتها إلى توسيع رقعة الفقر على مدى سنوات في المناطق خارج العاصمة وبالأخص شمال لبنان.

أرادت الدولة اللبنانية أن تعطي طرابلس وساماً فأصبحت أفقر مدينة على مدن بحر المتوسط و57 بالمئة من أهلها دون خط الفقر حسب آخر إحصاءات لبرنامج الأمم المتحدة، والرقم إلى مزيد من الإرتفاع في ظل الأجواء السوداوية أيامنا هذه.

هذه الدولة العتية العاطلة عن العمل، أطلقت عام 2007 برنامج دعم العائلات الأكثر فقراً بهبة من البنك الدولي والحكومتين الكندية والإيطالية، هذا البرنامج كان في الأساس للعائلات الأكثر حاجة حيث يستفيد منها المواطن من الإستشفاء والمساعدات المدرسية والإعانات الحياتية.

من المفترض وبشكل تلقائي أن العائلات الأكثر فقراً هي من يجب أن يتم تسجيلها، حيث دخل على هذا البرنامج المحاصصة بكافة جوانبها وحتى الخدمات الانتخابية حيث يأخذ الميسور من درب الفقير ليستفيد من خدماتها، هناك عائلات ليس لديها مأوى أو مأواها معرض للانهيار وبالمقابل أشخاص يعيشون بمناطق على الأقل تعد للطبقة الوسطى وتستفيد من تلك الطبقات على ظهر تلك العائلات.

حتى تسجيل العائلات مركزياً في لبنان مرتبط بقرار الدوائر المركزية في الوزارة، المراكز المحلية دورها فقط التسجيل من دون أخذ أي قرار، ما يعطي الإدارة المركزية التي لا تعرف أحياء الفقراء بالأصل أن تقيم من هو فقير ومن لا، إحدى العائلات لا أريد أن أذكرها لكي لا يضعوا فيتو على إسمهم لأن ما زال لهم أملا بأن يقبلوا بهذا البرنامج المتجدد حيث أصبح إسمه "حياة"، قدموا ثلاث مرات على هذا البرنامج وتم رفضهم، تعيش هذه العائلة بمنطقة باب التبانة في منزل معرض للانهيار في أي لحظة، أب عاطل عن العمل وله ثلاثة أولاد، وفي المقابل عائلة لها ضمان اجتماعي حيث رب المنزل يعمل في إحدى مؤسسات الدولة وتم تسجيله بهذا البرنامج.

إنها تعد أبشع أنواع المحسوبيات حيث يستفيد الميسور على ظهر الفقير ببرنامج للعائلات الأكثر فقراً، ويسألون لماذا الشعب ينتفض؟ أنتم من أوصلتم الشعب إلى هنا، سياساتكم اللاإنسانية.

هذا البرنامج يجب إعادة النظر بطريقة عمله من التسجيل إلى التنفيذ، أولا يجب أن يتم إعلان وإعلام بوسائل مختلفة عن كيفية التسجيل لأنه حتى اليوم هناك عائلات كثيرة لا تعلم كيفية التسجيل، بدل بذخ وزارة الشؤون لجمعيات زوجات الساسة ودعمها، فليتم التعاون مع المؤسسات المحلية بالإضافة إلى المخاتير والبلديات بهكذا برنامج لأن موظفي الوزارة في الإدارة المركزية لا يمكنهم أخذ قرارات بقبول وعدم قبول مبني على تقارير يجب أن يتم المشاركة مع لجنة محلية على تواصل مع هذه العائلات وتضع من لهم أولوية في التسجيل، بالإضافة يجب تشكيل لجان محلية بالتنسيق مع الوزارة لتقييم المسجلين وإعادة ترتيب هذا الملف ليستفيد منه فقط من هم الأكثر فقرا ضمن معايير محددة وعادلة.

هذا الموضوع تتحمل مسؤوليته الوزارات المتعاقبة منذ عام 2007 حتى اليوم ليس فقط هذه الوزارة، ومراكز الشؤون المحلية دورها صندوق بريد فقط ليس عليها مسؤولية أساسية، السؤال الذي يطرح نفسه متى ستصبح مؤسسات الدولة تفكر بطريقة إنسانية وتراعي حاجات الفقراء وأولوياتهم بعيدا عن المحسوبيات؟ طبعا إنتفاضة 17 تشرين الأول إن وضع بنك أهداف بطريقة غير عشوائية سوف يكون هذا المسار إطلاق رصاصة في نعش زمن اللانسانية ويتم تصويب هذا المسار.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم