الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

باسيل: الفوضى في لبنان التي يعد لها البعض في الخارج ستكون نتيجتها نزوحاً باتجاهكم

باسيل: الفوضى في لبنان التي يعد لها البعض في الخارج ستكون نتيجتها نزوحاً باتجاهكم
باسيل: الفوضى في لبنان التي يعد لها البعض في الخارج ستكون نتيجتها نزوحاً باتجاهكم
A+ A-

أشار وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في مؤتمر "يوروميد" بروما، إلى أن "لبنان، بتمركزه الجيوسياسي التاريخي، هو في قلب الصراع العربي - الإسرائيلي وعلى طرف حله، وكذلك العربي - الفارسي، وخصوصاً السعودي - الإيراني والعربي - التركي، ونحن نريده مرتكزاً للحلول العادلة، المؤمنة للحقوق والضامنة للأمن والسلام".

وقال: "هكذا، فإن لبنان الذي لا يقاس حجماً بالدول العظمى يبقى له دور من جهة في تغذية صراعاتها بين أميركا وروسيا مثلاً برسم الخطوط الحمراء بينهما على حدوده أو داخلها، ودور من جهة أخرى في حسن الجوار مع أوروبا مثلاً، التي نريدها أن تكون الميزان الدقيق، لكي نلغي خطوط التماس عندنا فتتحول خطوطاً مفتوحة، كما المتوسط، في التجارة والنفط والثقافة والسياحة وكل أشكال التواصل".

وأضاف: "لقد أنتجت خطوط التقاطع هذه احتكاكات عديدة في بلدنا ومحيطه، وأنتجت أزمات وحروباً، وخلفت دماراً ودماء وكان للبنان دوماً ضرر منها، ولم يستفد يوماً من مصائب غيره، بل دفع ثمن الصراعات المزمنة لجوءاً فلسطينياً على أرضه ودفع ثمن التسويات الموقتة نزوحاً سورياً يتغلغل في نسيجه، حتى أصبحت نسبة النازحين واللاجئين حوالي 40% من شعبه، كأن نقول إن أميركا تستقبل 130 مليون نازح، وقد وصل عددهم إلى حدود ال200/كلم2، كأن نقول إن إيطاليا تستقبل 60 مليون نازح. وقد أضحى لبنان بذلك بطل العالم في النزوح واللجوء فكرمته الدول بإعطائه كأس الضيافة العالمية من دون أن تروي عطشه قطرات الماء المقدمة له. وقد زاد على المصيبة انقسام اللبنانيين في ما بينهم، وللأسف بفعل إمتداد الخارج إلى داخلهم، فما أحسنوا إدارة الأزمة ولا حموا الحدود ولا حصنوا الداخل من تداعياتها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي زادت عن ثلاثين مليار دولار".

وتابع: "فقد خسر اللبنانيون أعمالهم في وطنهم التي ذهبت باتجاه الأجانب وبتشجيع من المجتمع الدولي تحقيقاً لغايته بالاندماج المجتمعي المرفوض من قبلنا. كنا قد نبهنا أن هذا النزوح الاقتصادي الجامح سيؤدي إلى تقويض الاقتصاد اللبناني، وبرهاننا على ذلك هو ما تشهده الحدود اللبنانية - السورية من حركة ناشطة للنازحين العائدين إلى بلدهم بفعل الانهيار الاقتصادي في بلدنا. وقد حمل هذا الانهيار اللبنانيين من مختلف المناطق والطوائف والتوجهات السياسية على الانتفاضة، وعن حق، على السلطة السياسية التي أوصلت سياساتها الخاطئة في المال والاقتصاد، والمتمادية منذ ثلاثين عاماً فساداً مستشرياً في المؤسسات إلى هذا الدرك المعيشي الذي بدأ يدفع باللبنانيين وضيوفهم إلى خارج البلاد".

وأردف: "قد يكون بعض اللبنانيين معتادون على هجرة وطنهم في الأزمات الكبيرة، والبعض منكم يفرح بإدماجهم نجاحاً في مجتمعاته، كما اندمج 14 مليون منهم في العالم منذ 150 عاماً، وهم يبقون، أينما كانوا في الخارج، رئة لبنان الثانية إلا إذا رحلوا جميعهم فينتهي لبنان ويكون ذلك ضرباً لهم ولكم، لأنه يقيكم من الإرهاب ويمتص عنكم الكثير من الصدمات. أما ضيوفه، فمنهم من سيطمح تطوراً أو سيطمع تطرفاً بالانتقال إليكم، ولبنان لن يستطيع منعه من نقل مشاكلهم معهم لتحل عليكم، ناهيكم عن أن الفوضى في لبنان، التي يعد لها البعض في الخارج، ستكون نتيجتها حتماً كما الأزمة السورية: خراباً للبلد، ودماراً لمؤسساته، ودماً لأبنائه، وتطرفاً متنقلاً، ونزوحاً باتجاهكم وستكون في النهاية انتصاراً لأهل الأرض وهزيمة لأعدائها. وستكون نتيجتها كذلك اختلالاً في الموازين الداخلية، فيما لبنان بلد التوازنات لا يريد المزيد من الاختلال ولا يريد الانتصار بخرابه، إن كان انتصار البعض من أبنائه على البعض الآخر، أو كان انتصار خارج على خارج من خلاله. فمنطق الخاسر والرابح في لبنان مرفوض ولا يدوم، ومسار حياتنا الوطنية دليل على ذلك".

وتابع: "سيداتي سادتي، أنا هنا لأطلب منكم اليوم، في ظل هذه التشعبات الجيوسياسية، وفي ظل التعقيدات الداخلية التي يعيشها لبنان، أن تساعدوه بإبعاد من يتدخل في شؤونه، لكي يساعد نفسه على البقاء حياً والخروج من أزمته العميقة، من دون فوضى أو تطرف أو اقتتال، بل مثالاً للعيش الواحد والتسامح وحاضناً لأبنائه وحافظاً لكرامتهم ونائياً عنهم الفساد والحاجة والذل".

وختم باسيل: "جيراننا الأعزاء، يقولون في بلادنا "إذا كان جارك بخير، فأنت بخير". انتبهوا إذ أن شرقنا المتوسطي ليس بخير، وتعد له فوضى جديدة، لا تقعوا في أخطاء من يرون حل المشاكل عن طريق المزيد من الضغط لتفجير المجتمعات، إنها وصفة سريعة لانتشار العنف والكراهية والإرهاب في أرجاء المتوسط. إن كل مبلغ تنفقوه في تغيير المجتمعات نزوحاً واندماجاً هو تفجير لها تطرفا، وكل مبلغ تنفقوه في فرص العمل والتنمية هو استثمار في السلام اعتدالاً. إن بناء السلام لا يكون إلا بالحوار والتنمية. وحده الحوار مع الخارج لا التبعية له يؤمن ذلك، وخلافه أسلحة لن تحمي الحدود. وحده الحوار في الداخل يؤمن ذلك، وخلافه صراع سيدفع إلى المزيد من البؤس واليأس والهجرة. وحده الحوار هو السبيل للخلاص، وخلافه خاسر خسران ورابح خسران، والخاسر الأكبر لبنان".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم