الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

فن ترميم السيراميك...ولِمَ لا الروح!

المصدر: "النهار
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
فن ترميم السيراميك...ولِمَ لا الروح!
فن ترميم السيراميك...ولِمَ لا الروح!
A+ A-

بعض انكسار يُشذّب الروح ويجعلها أكثر أناقة ومخمليّة. همسات "قديمة الطراز" وشُرفات وقُصص، ورعشة صوتيّة تهزأ بكل ما حصل...وها هو طيف الانكسار يعود مُجدداً من مكان ما في حديقة الذكريات، راوياً بعض فصول من قصّة حياتنا. مُحوّلاً عتبة نافذتها فرصة استثنائيّة لاحتضان الخسارات المُتكررة والخيبات. نعم، لا بد لنا من أن نُلحّن أغنية خيباتنا برائحة الأمل إذا كنا نُريد أن نُعيد تطبيق تقنيّة يابانيّة تعود إلينا من القرن الـ15 لتنطلق من فن ترميم السيراميك المكسور إلى فن ترميم الروح المُحطّمة.


فلا نتعامل مع أنفسنا وكأننا خسرنا معركة الحياة، بل نُعيد ترميم حنايا روحنا وإن كنا قد قرّرنا سلفاً أن ملاذنا الداخلي أصبح معتماً مُزخرفاً بشال عنوانه وهن العزيمة. الغرب لا يمل من البحث عن شتى الطُرق لارتداء ثوب السلام الداخلي الذي يبدو أحياناً وكأنه بعيد المنال... "فوق بهالتلّة البعيدة". وقد لجأ أخيراً إلى تقليد الـ   Kintsugi(كينتسوغي) الذي يعني "الإصلاح الذهبي"،


وبواسطته يَعمد الحرفي إلى إصلاح وترميم السيراميك المكسور من خلال التراب الذهبي أو الفضي والصمغ. والحرفيون اليابانيون الذين طوروا هذا الفن عبر الأجيال لا يؤمنون برمي الكماليّات المكسورة وكأن لا فائدة منها. بل يعمدون إلى إعادة لصقها وتزيين الأجزاء المكسورة بخطوط وأشكال تُزوّدها جمالاً هادئاً وصلابة. وتنطلق هذه التقنية أو هذا الفن من حقيقة بسيطة تفيد بأن كل شيء في هذا الكون "مكسور أو محطّم من شي محل".



ومن هذا المنطلق، من الضروري أن نتعامل مع "الشقوق" وكأنها جزء من تركيبتنا أو تركيبة الشيء المكسور. فلا نهرب من ندوبنا وآلامنا وذكرياتنا وأفعالنا، بل نحتضنها على اعتبار أنها تجعلنا أكثر سحراً. هي جزء منّا، من رحلتنا على هذه الأرض، فلم لا "نُهدهد" إنكسارها لا بل نُسلّط الضوء عليه جاعلين منه تُحفة فنيّة تُلخّص قصّتنا؟ ترميم حنايا الروح التي تعرّضت لبساتين من الخيبات يُصبح عندئذٍ فناً، تماماً كترميم السيراميك المكسور.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم