الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

"الملك محمد السادس عند حائط المبكى في القدس"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#

المصدر: النهار
هالة حمصي
هالة حمصي
الصورة المركبة المتناقلة (فايسبوك).
الصورة المركبة المتناقلة (فايسبوك).
A+ A-
صورة... ملك المغرب محمد السادس واضعا يده اليمنى على حائط المبكى في القدس، وخلفه رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو. هذا ما يُشاهد في لقطة يتناقلها مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي، في سياق انتقادي للملك. غير ان هذه الصورة ليست حقيقية، لكونها مركبة من ثلاث صور من عامي 2018 و2019. وقد وضع التلاعب الرقمي وجه الملك محمد السادس محل وجه نائب الرئيس الاميركي السابق مايك بنس واضعا يده اليمنى على الحائط الغربي خلال زيارته القدس في 23 كانون الثاني 2018. ثم أضيفت هذه الصورة المركبة الى صورة اصلية اخرى تظهر وزير الخارجية الاميركي السابق مايك بومبيو خلال زيارته، مع نتنياهو، الحائط الغربي في القدس، في 21 آذار 2019. FactCheck#
 
"النّهار" دقّقت من أجلكم 
 
الوقائع: تنتشر الصورة في صفحات وحسابات، في الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...)، وتويتر (هنا...). وقد أرفقت بالمزاعم الآتية (من دون تدخل أو تصحيح): "أخيرا أمير المؤمنين خرج من صمته وظهر على حقيقته بأنه يهودي إبن يهودي ذو أصالة يهودية". 
 
 
 
 
التدقيق: 
لكن هذه الصورة ليست حقيقية، وفقا لما يبينه تقصي صحتها. 
 
فالبحث العكسي عن الصورة المتناقلة يضعنا فورا امام الصورة الاصلية منشورة (هنا، هنا...). وتظهر "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إلى اليسار) يقف بجانب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو (الى اليمين)، مصليا عند حائط المبكى في البلدة القديمة بالقدس في 21 آذار 2019، وذلك في اليوم الثاني من زيارة بومبيو في اطار جولته الإقليمية في الشرق الأوسط، والتي تستمر خمسة أيام"، وفقا لشرح أوردته وكالة Getty Images، ناشرة الصورة (هنا).
 
تصوير: عبير سلطان Abir SULTAN. 
 
 
في ذلك اليوم، اصطحب نتنياهو في زيارة لحائط البراق في البلدة القديمة في القدس في بادرة هي الأولى من نوعها منذ اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، وفقا لتقارير اعلامية (هنا، هنا، هنا...).
 
وقال بومبيو للصحافيين قبيل الزيارة: "كنت تحدثت الى نتنياهو بشأن زيارة حائط المبكى منذ بعض الوقت. انها فرصتنا الاولى للذهاب الى هناك معا". واضاف: "اعتقد ان ذلك امر مهم".

وتابع: "أعتقد أنه امر رمزي ان يزور مسؤول أميركي المكان مع رئيس وزراء إسرائيل (...) انه مكان مهم للعديد من الأديان".
 
وقد انتقد امين سر "منظمة التحرير الفلسطينية" صائب عريقات ذلك، قائلا: "الزيارة المشتركة (...) لحائط البراق في القدس الشرقية المحتلة يشكل تغييرا جذريا فى السياسة الأميركية". وأضاف: "إذا استمر ذلك، فسيشكل وصفة اكيدة لاستمرار الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي لقرن آخر".
 
وظهور الصورة الاصلية من دون الملك محمد السادس فيها، دليل على ان الصورة المتناقلة مركبة. واليكم مقارنة بين الصورة المركبة (ادناه الى اليمين)، والصورة الاصلية (من وكالة Getty Images). وقد اشرنا بالاحمر الى القواسم بينهما، وبالاخضر الى التلاعب. 
 
 
- وقفة لبنس عند حائط المبكى-
ولكن كيف تمّت اضافة الملك محمد السادس الى الصورة الاصلية لبومبيو ونتنياهو امام حائط المبكى في القدس؟ 
 
مزيد من البحث يضعنا امام صورة اصلية أخرى استُخدمت في عملية التركيب، وتعود لـ"نائب الرئيس الاميركي مايك بنس واضعا يده اليمنى على الحائط الغربي خلال زيارته القدس في 23 كانون الثاني 2018"، وفقا لشرح أوردته وكالة Getty Images مع الصورة (هنا). 
 
 
وفي تفاصيل تلك الصورة، اختتم بنس أول جولة له في الشرق الاوسط بزيارة حائط المبكى (البراق) في القدس، في زيارة قاطعها الفلسطينيون تماما، بعد قرار واشنطن الشهر الماضي الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لاسرائيل.

ونفذ الفلسطينيون اليوم إضرابا عاماً في الضفة الغربية المحتلة، احتجاجا على زيارة بنس والتنديد بالانحياز التام لاسرائيل الذي تنتهجه ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب. واندلعت مواجهات مع القوات الإسرائيلية قرب الحواجز العسكرية والمستوطنات.
 
 
ولكن انظروا جيدا الى الصورة الاصلية لبنس. فقد استُخدم الجزء العلوي من جسم بنس (من دون الرأس) ويده اليمنى الموضوعة على حائط المبكى في عملية التركيب. وتكفي مقارنة بين الصورتين، المركبة (ادناه الى اليمين)، والاصلية (ادناه الى اليسار)، لاظهار ان اليد والجسم في الصورة المتناقلة يعودان الى بنس. 
 
 
 ووجه الملك؟ 
استكمالا لعملية التركيب، تمّ استبدال وجه بنس بوجه ملك المغرب محمد السادس. ثم اضيفت الصورة المركبة هذه الى الصورة الاصلية الاولى التي يظهر فيها بومبيو ونتنياهو. 
 
بحثاً عن وجه محمد السادس المستخدم في عملية التركيب، وقعنا على صورة نشرتها وكالة رويترز (هنا)، وتظهر "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مستقبلا العاهل المغربي الملك محمد السادس لدى وصوله الى قصر الإليزيه في باريس، في 10 نيسان 2018".
 تصوير: فيليب وجازر Philippe Wojazer. 
 
 
وشبه مؤكد ان مفبرك الصورة اقتطع من هذه الصورة الاصلية وجه الملك محمد السادس، ثم عكسه، لتصبح وجهته الى اليمين، بدلا من اليسار. وقد اجرينا لكم هذه العملية والمقارنة بين الصورة المتناقلة (ادناه الى اليمين)، والاصلية (ادناه في الوسط والى اليسار) بعد عكسها. 
 
 
- بين المغرب واسرائيل -
ويأتي انتشار هذه الصورة المركبة للملك محمد السادس، في ظل توتر في العلاقات بين المغرب والجزائر، وتقارب بين المغرب واسرائيل. 
 
وقد استأنف المغرب واسرائيل علاقاتهما الديبلوماسية قبل عام في إطار اتفاق ثلاثي تعترف بموجبه الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، المتنازع عليها مع جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر (وكالة فرانس برس).
 
الأربعاء 24 تشرين الثاني 2021، وقّع وزير الدفاع الاسرائيلي بيني غانتس ونظيره المغربي عبد اللطيف لوديي مذكرة تفاهم تعزز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، وتتيح خصوصا للمغرب اقتناء معدات إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة. وهي أول زيارة رسمية لوزير دفاع إسرائيلي إلى المملكة. 
 
وقد جاءت زيارة غانتس للرباط في سياق إقليمي متوتر مع إعلان الجزائر في آب قطع علاقاتها مع الرباط بسبب "أعمال عدائية". وأعرب المغرب عن أسفه للقرار ورفض "مبرراته الزائفة".
 
واعتبر رئيس مجلس الأمة الجزائري صلاح قوجيل الخميس أن بلاده "هي المستهدفة" بزيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس للمغرب. وقال في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الجزائرية إن "الاعداء يتجندون أكثر فأكثر لعرقلة مسار الجزائر".
 
ويضم المغرب أكبر جالية يهودية في شمال أفريقيا مع ثلاثة آلاف شخص بينما يعيش حوالى 700 ألف يهودي من أصل مغربي في إسرائيل (وكالة فرانس برس).
 
النتيجة: اذاً، الصورة المتناقلة لملك المغرب محمد السادس "مصليا امام حائط المبكى في القدس"، ليست حقيقية، لكونها مركبة من ثلاث صور اصلية تعود الى عامي 2018 و2019.   
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم