الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

تفاصيل لقاء قاآني بنصرالله... "لا نريد أن تنجر إيران إلى حرب مع إسرائيل"

المصدر: "رويترز"
عناصر من "حزب الله" في مناورة عرمتى (أرشيفية، نبيل اسماعيل).
عناصر من "حزب الله" في مناورة عرمتى (أرشيفية، نبيل اسماعيل).
A+ A-
أفادت سبعة مصادر لوكالة "رويترز" بأنّه وسط الهجوم الذي تتعرّض له حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة، زار قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني بيروت في شباط الماضي لبحث المخاطر التي قد تنشأ إذا استهدفت إسرائيل "حزب الله" بعد ذلك، وهو هجوم قد يلحق ضررًا جسيماً بالشريك الإقليمي الرئيسي لطهران.

وذكرت المصادر أنّ قاآني اجتمع في العاصمة اللبنانية بيروت مع الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، للمرة الثالثة على الأقل منذ هجوم "حماس" في السابع من تشرين الأول.

وأضافت المصادر أنّ الحديث تحوَّل إلى احتمال أن تشنّ إسرائيل هجوماً شاملاً في لبنان. وقالت ثلاثة مصادر، وهم إيرانيون من الدائرة الداخلية للسلطة، إنّ مثل هذا التصعيد قد يضغط على إيران للردّ بقوّة أكبر مقارنة بما فعلته حتى الآن منذ السابع من تشرين الأول، وذلك فضلاً عن الآثار المدمّرة على "حزب الله".

وأشارت جميع المصادر إلى أنّه في الاجتماع الذي لم يُعلَن عنه سابقاً، طمأن نصرالله قاآني بأنّه "لا يريد أن تنجر إيران إلى حرب مع إسرائيل أو الولايات المتحدة وأنّ حزب الله سيقاتل بمفرده".

وقال نصرالله لقاآني: "هذه هي معركتنا"، وفق ما قال مصدر إيراني مطّلع على المباحثات.
 
ومع هذا، فإنّ المناوشات في لبنان، التي تجري بطريقة تتجنّب تصعيد كبير، دفعت عشرات الآلاف إلى النزوح على جانبي الحدود. وأدت الضربات الإسرائيلية إلى سقوط أكثر من 200 من عناصر "حزب الله" ونحو 50 مدنيّاً في لبنان.

وفي الأيام الماضية، زادت حدة الهجمات الإسرائيلية المضادة واتّسع نطاقها مما أثار المخاوف من خروج المواجهات عن نطاق السيطرة حتى لو توصّل المفاوضون إلى هدنة موقّتة في غزة.
 
 
وأشار وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في شباط، إلى أنّ "إسرائيل تعتزم زيادة الهجمات لإخراج مقاتلي حزب الله نهائيّاً من منطقة الحدود في حالة وقف إطلاق النار في غزة"، لكنّه ترك الباب مفتوحاً أمام الديبلوماسية.

في عام 2006، خاضت إسرائيل حرباً جوية وبرية لفترة قصيرة مع "حزب الله"، وكانت مدمّرة بالنسبة للبنان.

وقالت مصادر أمنية إسرائيلية، في وقت سابق، إنّ إسرائيل لا تسعى إلى توسيع نطاق الأعمال القتالية لكنها على استعداد للقتال على جبهات جديدة إذا لزم الأمر. واندلاع حرب شاملة على حدودها الشمالية من شأنه استنزاف موارد إسرائيل العسكرية.

وقال مصدران متوافقان مع آراء الحكومة في طهران إنّ إيران و"حزب الله" يدركان المخاطر الجسيمة التي قد تترتّب على حرب أوسع نطاقاً في لبنان، بما في ذلك توجيه ضربات للمنشآت النووية الإيرانية.

وتُصنّف الولايات المتحدة إيران دولة راعية للإرهاب وتسعى منذ سنوات لكبح برنامج طهران النووي. ولطالما اعتبرت إسرائيل إيران تهديداً لوجودها. وتنفي طهران السعي لامتلاك سلاح نووي.

ومن أجل هذا التقرير، تحدّثت رويترز إلى أربعة مصادر إيرانية واثنَين من المصادر الإقليمية إلى جانب مصدر لبناني أكد فحوى الاجتماع. وقال مصدران أميركيان ومصدر إسرائيلي إنّ إيران تريد تجنّب عواقب أي حرب بين إسرائيل و"حزب الله". وطلب الجميع عدم الكشف عن هوياتهم لحساسية الأمر.

وفي تقريرها، أشارت "رويترز" إلى أنّه لم تستجب وزارة الخارجية الأميركية أو الحكومة الإسرائيلية أو طهران أو "حزب الله" لطلبات للحصول على تعقيب.

ويرى محلّلون إنّ اجتماع بيروت يُسلّط الضوء على الضغوط التي تتعرّض لها استراتيجية إيران المتمثلة في تجنّب تصعيد كبير في المنطقة، وفي الوقت نفسه إظهار القوّة والدعم لغزة في أنحاء الشرق الأوسط من خلال الجماعات المسلحة المتحالفة معها في العراق وسوريا واليمن.

وقال جون ألترمان، من مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية، ردّاً على سؤال بشأن الاجتماع، إنّ قاآني ونصر الله يريدان "إبعاد إيران بشكل أكبر عن عواقب دعم مجموعة من الجهات الفاعلة بالوكالة في الشرق الأوسط".

وأضاف: "ربما لأنهما يقدران أن احتمالات القيام بعمل عسكري في لبنان تتزايد ولا تتراجع".
 


تصوّر إسرائيل

يسيطر قاآني ونصر الله على عشرات الآلاف من المقاتلين وترسانة ضخمة من الصواريخ والقذائف. وهما الشخصيتان الرئيسيتان في شبكة تحالفات طهران والفصائل الموالية لها، إذ إنّ "فيلق القدس" هو الجناج الخارجي للحرس الثوري الإيراني.

وبينما أشار "حزب الله" علناً إلى أنّه سيوقف هجماته على إسرائيل بمجرد أن توقف إسرائيل هجماتها على غزة، قال المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين أخيراً إنّ "وقف إطلاق النار في غزة لن يؤدي إلى استقرار الأوضاع تلقائيا في جنوب لبنان".

ويقول دبلوماسيون عرب وغربيون إنّ إسرائيل تبدي إصراراً قويّاً على منع وجود مقاتلي حزب الله الرئيسيين على حدودها خشية وقوع هجوم مماثل لهجوم "حماس".
وقالت سيما شاين، المسؤولة السابقة في المخابرات الإسرائيلية وترأس حاليّاً برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي، إنّه "إذا تم التوصل لوقف إطلاق النار في (غزة)، هناك اتجاهان داخل إسرائيل وانطباعي هو أن الاتجاه الذي يؤيّد مواصلة الحرب على الحدود مع حزب الله هو الأقوى".

واتفق مسؤول إسرائيلي كبير مع الرأي القائل إنّ إيران لا تسعى إلى حرب شاملة، مشيراً إلى ردّ فعل طهران المنضبط على الهجوم الإسرائيلي على حماس.

وقال المسؤول: "يبدو أنهم يشعرون بتهديد عسكري حقيقي. لكن هذا التهديد قد يحتاج إلى أن يصبح أكثر مصداقية".

وتعمل واشنطن، من خلال هوكشاتين، وفرنسا على تقديم مقترحات ديبلوماسية لنقل عناصر "حزب الله" من المنطقة الحدودية بما يتماشى مع قرار الأمم المتحدة رقم 1701 الذي ساهم في إنهاء حرب عام 2006، لكن التوصل إلى اتفاق لا يزال بعيد المنال في الوقت الراهن.
 


"خط الدفاع الأول"

أفاد مصدران إقليميان بأنّ اندلاع حرب في لبنان تؤدي إلى إضعاف "حزب الله" بشكل خطير سيكون بمثابة ضربة قوية لإيران التي تعتمد على الجماعة، التي تأسست بدعم منها عام 1982، كحصن لها في مواجهة إسرائيل ولدعم مصالحها في المنطقة.

وقال عبد الغني الإرياني، وهو الباحث البارز في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية باليمن، إنّ "حزب الله في الحقيقة هو خط الدفاع الأول عن إيران".

وقالت المصادر الإيرانية في الدائرة الداخلية للسلطة إنّه إذا قامت إسرائيل بعمل عسكري كبير ضد "حزب الله"، قد تجد طهران نفسها مضطرة إلى تكثيف حربها بالوكالة.

ومع ذلك، أقرّ مسؤول أمني إيراني بأنّ تكلفة مثل هذا التصعيد قد تكون باهظة جدّاً بالنسبة للجماعات المتحالفة مع إيران. وأضاف أنّ مشاركة إيران بشكل مباشر قد تخدم مصالح إسرائيل وتوفّر مبرّراً لاستمرار وجود القوات الأميركية في المنطقة.

من جهته، لفت مسؤول أميركي إلى أنّه بالنظر إلى علاقات طهران الواسعة والممتدة منذ عقود مع حزب الله، سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، الفصل بينهما.

ومنذ هجوم "حماس" على إسرائيل، باركت إيران التصرفات الداعمة لحليفتها في غزة بما في ذلك هجمات شنّتها جماعات عراقية على المصالح الأميركية. كما قدّمت معلومات استخباراتية وأسلحة لعمليات الحوثيين ضد حركة الشحن في البحر الأحمر.

لكنها لم تصل إلى حد شنّ حرب من دون قيود على جبهات متعددة على إسرائيل. وقالت ثلاثة مصادر فلسطينية إنّ "حماس" توقّعت أن تدعمها إيران بعد السابع من تشرين الأول.
 


وذكر مسؤول إيراني أنّه قبل اللقاء مع نصر الله في بيروت، ترأس قاآني اجتماعاً لمدة يومين في إيران، في مطلع شباط، مع قادة العمليات في فصائل باليمن والعراق وسوريا وثلاثة ممثلين عن "حزب الله" ووفد من الحوثيين.

وأضاف المسؤول أنّ القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي كان حاضراً أيضاً، لكن حماس لم تشارك في اللقاء.

وأردف المسؤول قائلاً: "اتّفق كل المشاركين في النهاية على أن إسرائيل تريد توسيع دائرة الحرب وأنه يجب تجنّب الوقوع في هذا الفخ لأنّه سيبرّر وجود قوات أميركية إضافية في المنطقة".

وعمل قاآني بعد فترة وجيزة على وقف هجمات الجماعات العراقية، فيما "حزب الله" مستمر حتى الآن في تبادل الهجمات عبر الحدود في إطار ما وصفه مراقبون بقواعد الاشتباك غير المكتوبة مع إسرائيل.

ورغم عقود من الصراعات بالوكالة منذ الثورة الإيرانية عام 1979، لم تدخل الجمهورية الإسلامية قط حربا مباشرة مع إسرائيل، وقالت المصادر الإيرانية الأربعة إنّه لا توجد رغبة في تغيير ذلك.

ووفقاً لأحد المصادر الإيرانية في الدائرة الداخلية للسلطة، لا يريد المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي أن تمتد الحرب إلى إيران حيث تحوّل استياء المواطنين من النظام الحاكم العام الماضي إلى احتجاجات حاشدة.
وقال الإرياني: "الإيرانيون براغماتيون ويخشون اتساع نطاق الحرب"، مضيفاً: "لو كانت إسرائيل بمفردها لقاتلوها، لكنهم يعلمون أنه إذا اتسعت دائرة الحرب، ستتدخل الولايات المتحدة".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم